كانت الشعوب الغربية تؤمن بشيء اسمه الأشباح، كما يوحي اسمها هي صورة شفافة لكائن حي (إنسان أو حيوان). تقول الخرافة إنهم موتى يعودون في صورة شبحية يشبهون من كانوا أصلهم، في الغالب هي أرواح شريرة عادت للانتقام أو أرواح مظلومة عادت للعتاب، تصادفهم المخيلة في بعض البيوت التي عاشوا فيها في حياتهم. سبق للشعوب الغربية أيضاً أن آمنت بالسحر وقوته وتأثيره حتى راح ضحية هذا الإيمان ملايين البشر من المتهمين بممارسة السحر وإيذاء الناس بتسخير الشياطين. كفت الشعوب الغربية عن الإيمان المرتبط بالماضي، هذا التخلي عن الماضي واجه كثيراً من التحديات التي يفرضها الغموض الذي يلف الكون بأسره. لم تكن الشعوب القديمة التي تبنت الأسطورة كمدخل لفهم الكون خالية من القدرة على التفكير ولكن يمكن أن نسمي هذا التبني لقيم الأسطورة مغامرة العقل الأولى على حد وصف الباحث السوري سراج السايح، عاشت الأساطير فترة طويلة تقدم للبشر تفسيراً محتملاً مرضياً لما يحدث لهم من كوارث وخوارق في الطبيعة. التخلي عن الأسطورة والخرافات الصغيرة المختلفة لا يعني التخلي على الخيال والبحث عن المدهش والمثير والمجهول وطلب التفسير. إرساء آليات العقل العلمي والتزام شروطه كشف للغرب أن السماء ليست سقفاً على ما دونه وإنما فراغ تسبح فيه أجرام سماوية لا حصر لها ولا حدود لحجم بعضها، عندئذ أسند أساطيره القديمة كالأشباح والسحر للعاملين في السينما والرواية ليستأنفا صناعة الأشباح وحكايات الأسطورة كما كانت عند الإنسان القديم ولكن بعيداً عن تعطيل العقل أو إعاقة التفكير العلمي أو الاستغلال. فتح الغرب صفحة أخرى مع هذا الكون للبدء في مغامرة جديدة، عندما عاد غاغارين أول رائد فضاء من رحلاته الأولى خارج الأرض لم يخبرنا بأي شيء جديد أكثر مما كنا نراه أو نتخيله، تتابعت بعده الرحلات الفضائية حتى أصبحت لا تستحق سوى خبر صغير، بيد أن المعلومات الهائلة والمدهشة التي جمعها الإنسان عن الكون شجعت العقل على إنتاج أساطير جديدة، بدأنا نسمع عن الأطباق الطائرة وأشياء أخرى مفزعة يقال إن الدول الكبرى تخشى البوح بها، تراكم مثل هذا الادعاء وفر فرصاً كبيرة لعودة الأسطورة وتمريرها برافعات علمية وتحت مظلة نظرية المؤامرة الأثيرة عند العقول التي ما زالت تحت سيطرة الأساطير القديمة جزئياً. رغم كل ما نسمع عن كائنات فضائية لم تتوفر بعد نظرية علمية حقيقية أو حتى فرضية تؤيد مثل هذا الادعاء، كثير من الناس يستمع لهذه الحكايات لا لأنه يصدقها ولكن لأنه يستمتع بسماعها وهذا سبب انتشارها. كل ما يصر عليه العلماء ويتفقون على حقيقته، لا يوجد حياة في هذا الكون غير هذه الحياة التي نحن منها.
مشاركة :