تعد تركيا من أبرز وأشهر ملاعب عصابات المافيا وعملاء المخابرات الدولية، وشهدت أراضيها العشرات من عمليات الاختفاء القسري والاغتيالات الغامضة، والتي تسببت في فقدان الثقة بأجهزة الأمن التركية، وسط مطالب دولية بكشف الحقائق والالتزام بمواثيق حقوق الإنسان، سيما بعد أن طالت عمليت الاغتيال سياسيين وإعلاميين من مختلف دول العالم، من أبرزهم السفير الروسي لدى تركيا، بعدما كتبت رصاصة مسدس أحد عناصر الحماية الأتراك على الهواء مباشرة نهاية حياته. في 2015 قتل قائد لواء «صقور الغاب»، العامل في ريف حماه، المقدم المنشق جميل رعدون، إثر استهداف سيارته بعبوة ناسفة في مدينة أنطاكيا التركية. وذكرت وكالة «دوغان» التركية أن الانفجار وقع في إقليم هاتاي، جنوبي البلاد، وأدى إلى إحداث «هزّة في العمارات السكنية القريبة»، بينما ذكرت مواقع معارضة أن رِجل رعدون بترت بعد الانفجار مباشرةً، ونُقل إلى المستشفى حيث فارق الحياة. وفي عام 2015 أيضا أغتيل الناشط والكاتب الصحفي السوري ناجي الجرف، حيث تعرَّض لإطلاق النار عليه في ولاية غازي عنتاب، جنوبي تركيا، بعد خروجه من سوريا متجها إلى تركيا هربا من بطش النظام السوري وفي عام 2017 لاقت الكاتبة والمعارضة السورية، عروبة بركات، حتفها وابنتها، حلا بركات، في مدينة إسطنبول، وعثرت الشرطة التركية على جثتيهما، في شقتهما بمنطقة، اسكودار، في إسطنبول آسيا، ولم يصدر بعد أي تصريح رسمي حول تفاصيل الحادث من الشرطة. شخصيات سياسية شهدت تركيا في عام 2016 عددا من حالات الاغتيال استهدفت شخصيات سياسية وإعلامية أبرزها قُتل السفير الروسي أندريه كارلوف بالرصاص في هجوم مسلح وقع في أنقرة، بعد أن قام رجل مسلح بفتح النار عليه، بينما كان يزور معرضاً فنياً في العاصمة التركية أنقرة، ولا تزال أسباب الاغتيال غير مرجحة، ووقع الاغتيال بعد عدة أيام من احتجاجات الشعب التركي على مشاركة روسيا في الحرب الأهلية السورية ومعركة حلب، على الرغم من أن الحكومتين الروسية والتركية كانتا تتفاوضان بشكل مشترك نحو وقف لإطلاق النار. وفي حادثة أخرى أعلن المكتب الإعلامي للائتلاف الوطني السوري، مقتل المعارض السوري وعضو هيئة أركان الجيش السوري الحر، عمار الكلوت، جراء طلق ناري في مدينة مرسين التركية، ولم يكشف الائتلاف الوطني السوري المعارض، حتى اللحظة عن ملابسات اغتيال الكلوت، ولم يتهم في الوقت نفسه أي جهة باغتياله. استهداف صحفيين كما شهدت تركيا في ذات العام اغتيال الناشط في حملة «الرقة تذبح بصمت» إبراهيم عبد القادر، مع صديق له، بعد يومين من العثور على جثتيهما مقطوعتي الرأس في مدينة أورفا في جنوب تركيا. وفي عام 2016 أيضا أردت رصاصات تنظيم داعش، الصحفي محمد زاهر الشرقاط في غازي عنتاب، لأنه «يقدم برامج معادية للتنظيم في العراق والشام»، وفق بيان التبني، بينما نجا أحمد عبدالقادر بأعجوبة من مصير شقيقه إبراهيم، لكنه لا يزال يصارع الموت بعد إصابته بجروح خطيرة في الرأس. وكان تلقى تهديدات عدة عبر «فيسبوك» وتطبيق «الواتس آب» بأنه مراقب وموته قريب، بعضها من قاتل شقيقه، وهذه المحاولة الثانية لاغتياله في ثلاثة أشهر. وحسب دراسة لموقع جمعية المفكرة القانونية فإن عشرات الصحفيين تعرضوا للاختفاء ولاغتيال سابقا في تركيا خلال حقبتي السبعينات والثمانينات وقيدت حوادث اغتيالهم ضد مجهول. الذئاب الرمادية لم يخلُ الصراع الشرس بين اليمين واليسار التركي من ظهور منظمات متطرفة متناقضة نتيجة لهذا الصراع السياسي. من ناحية اليمين التركي، أسس السياسي القومي التركي ألب أرسلان توركيش في الستينيات مجموعة شبابية أطلق عليها اسم «الذئاب الرمادية»، فكانت مسؤولة على قتل المئات من المفكرين والفنانين اليساريين وأساتذة الجامعات التركية والطلاب بين عامي 1976 و1980. كما كان لاغتيال معظم قياديي اليسار التركي الأساسيين بين 1970 و1983 أثر في عسكرة أحزابه، فرد على العنف الممارس عليه من اليمين التركي بعنف مماثل مستخدما سلاحه الأشهر وهو الاغتيالات. وكانت جبهة حزب التحرير الثورية الشعبية (DHKP/C) واحدة من أبرز الحركات اليسارية الإرهابية التي قامت بعمليات ضد الدولة التركية والمصالح الأجنبية في تركيا.
مشاركة :