«القط الأسود» دشّنَ «الإثارة» في الدراما المصرية

  • 10/10/2018
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

على رغم اعتماد «الإثارة» في عدد من المسلسلات التلفزيونية التي دُشنت في السنوات الأخيرة، وجاءت إما في إطار بوليسي وإما مصحوبة بجرائم القتل والعنف والبلطجة، ومع تفاخر أصحاب كل عمل من هذه الأعمال بأنهم الأسبق من غيرهم في تناول هذه الموضوعات التي اعتمدت على التشويق والإثارة والرعب، فإن الواقع يؤكد أن الدراما المصرية اتجهت مبكراً ومنذ بداية ظهور التلفزيون إلى هذا النوع من الدراما. وجاء في مقدمها مسلسل «القط الأسود» الذي يعد أول مسلسل بوليسي من إنتاج إدارة أفلام التلفزيون المصري عام 1964، وأعيد عرضه أخيراً على شاشة عدد من القنوات الفضائية التي انتبهت إلى عرض المسلسلات القديمة قبل نحو خمس سنوات. وعلى رغم تصوير المسلسل بالأبيض والأسود والفقر الشديد وقت تصويره في النواحي الإنتاجية والفنية من ديكورات وإضاءة وأكسسوارات ومؤثرات صوتية وبصرية وخدع وغرافيك وغيرها، فإن العمل حقق نجاحاً جماهيرياً لافتاً عند إعادة عرضه بعد أكثر من خمسين سنة، وجاءت الأحداث التي وقعت في 15 حلقة، بلغ زمن كل واحدة منها ما بين 20 و25 دقيقة، في منتهى التشويق والرعب والسخونة، منذ المشهد الأول للمسلسل الذي ارتكبت فيه جريمة قتل من زعيم عصابة لقب بـ «القط الأسود» لارتدائه قناع قط أسود يخفي به ملامح وجهه، ثم دخوله في صراع طويل وشائك مع رجال المباحث، حيث يرتكب بمساعدة عصابته جرائم سرقة وابتزاز وقتل تروع المواطنين، ويفلت أكثر من مرة من محاولات البوليس للإيقاع به. وتزداد الأحداث غموضاً، خصوصاً بعد وصول تهديداته إلى أسرة رئيس المباحث المكونة من خطيبته وخاله وزوجته، ويظهر كما لو كان يعيش بينهم ويعرف كل التفاصيل عنهم، إلى أن يكشف «القط» في الحلقة السابعة عن نفسه لشقيقه الأصغر، بأنه اتهم ظلماً قبل عشر سنوات بقتل صاحب البيت الذي كان يسكن فيه في سوهاج، وحاول إثبات براءته، لكن ضابط المباحث وقتذاك لم يصدقه. وذات يوم، تندلع النيران في المنزل، وينجو من الموت، لكن وجهه يتشوه من آثار الحريق، فيحستب في عداد الموتى، ويتخفى في شخصية «القط الأسود»، ساعياً إلى الانتقام من الضابط الذي تمت ترقيته للعمل في مباحث العاصمة. العمل كتب له القصة والسيناريو محمد عبدالقادر المازني وتولى إخراجه عادل صادق في أول تجربة إخراجية له لمسلسل طويل، وشارك في بطولته كثر من النجوم وقتذاك، ومنهم عمر الحريري ومديحة سالم وتوفيق الدقن وإحسان القلعاوي وسامي سرحان ومحمد حمدي ومحمد صبيح وبليغ حبشي وفؤاد شافعي وعلي عرابي بالاشتراك مع علوية جميل ومحمود المليجي. وأجاد معظمهم في تجسيد أدوارهم، وفي مقدمهم الحريري الذي كان من نجوم السينما وقتذاك، إذ جسد شخصية مفتش المباحث «ممدوح» الذي يكلف من حكمدار العاصمة القبض على «القط الأسود» لتهديده حياة المواطنين، وتصل يداه بمساعدة أعوانه إلى منزل خاله، ويتمادى في غروره بإعلانه عن ضرورة زواجه بابنة خاله، ويتمكن من خطفها تارة، وخطف خاله تارة أخرى في محاولة لجعله يرضخ لتنفيذ طلباته. وجاء أداؤه للشخصية هادئاً متزناً متحكماً في أعصابه كرجل بوليس. أما مديحة سالم التي كان عمرها عند التصوير 20 سنة، فجسدت بمهارة شخصية الفتاة الحالمة «سهير» التي ترفض عرض والدتها بالزواج بابن عمتها «ممدوح» بداعي أنها لا تحبه، ومع توالي خطابات «القط الأسود» إليها والمليئة بالغزل، تشعر بالميل نحوه من دون أن تراه، وفي النهاية وحين يتم الإيقاع به وبعصابته، تكتشف أنها تحب ابن عمتها، وتوافق على الزواج به. وجمع العمل بين الزوجين القديرين محمود المليجي وعلوية جميل اللذين كانا تزوجا عام 1939، وكان العمل أول مسلسل يشارك فيه المليجي بعدما كان متنفسه الوحيد من خلال السينما، وتوالت مسلسلاته بعده، كما كان الأول والأخير لجميل التي اعتزلت التمثيل بعده، ولم تشارك الا في المسلسل الإذاعي «الشيطان والخريف» عام 1986 قبل وفاتها عام 1994. وجسد الاثنان في المسلسل شخصيتي الزوجين أيضاً، وتفوق المليجي على نفسه وقدم السهل الممتنع في شخصية «رحمي» الذي يحاول طوال الأحداث التماسك والظهور أمام تهديدات «القط الأسود» بمظهر القوي الشجاع، خصوصاً أمام ابنته وزوجته، رغم أنه يرتعد من داخله خوفاً طوال الوقت. وبرع الدقن في تجسيد أكثر من شخصية في العمل منها «مرسي» عامل البوفيه في مكتب ضابط المباحث، و «الأعور» الذي يعد الذراع اليمنى للقط الأسود، ثم شقيقه الأكبر «القط الأسود» الذي اعتقد الجميع أنه مات، وارتدى قناع القط، ولم يظهر وجهه إلا في لقطتين فقط. أما القلعاوي فتقمصت بمهارة شخصية الخادمة «فاطمة» التي يستغلها «القط» في إيصال رسائله الى منزل «رحمي» الذي تعمل لديه، كما برع سرحان في شخصية المكوجي «حسني» الذي يخطب «فاطمة» ويتم الكشف في النهاية عن أنه أحد أفراد عصابة القط الأسود. واستخدم المخرج أدوات عدة ساعدت في إحداث مزيد من الإثارة والتشويق، منها استخدام قط أسود حقيقي في لقطات مكبرة مع كل حادث يخطط له أو ينفذه زعيم العصابة «القط الأسود». واستخدمت مشاهد الظلام وقطع الأنوار والخداع والتضليل في توقيتات مناسبة، ووفق في اختيار الشوارع والقرى والحارات الضيقة. وكان للموسيقى التصويرية التي وضعها إبراهيم حجاج أثر بالغ في إحداث حالة الرعب المطلوبة، وظهر المطرب ماهر العطار بشخصيته الحقيقية في أربعة مشاهد في الحلقتين الأخيرتين، إذ اختاره «القط» لإحياء حفلة زفافه.

مشاركة :