حتى عهد ليس بالبعيد (لنقل فترة ستينيات القرن الميلادي الماضي) ، كانت الأغنام تتجول في شوارع الملز (المتنبي وشماله وجنوبه) . ويقف تحت شجرة متحاشيا الأنظار رجل مسؤول عنها . إما أنه صاحبها أو هو "متعهد" لأن حدائق المنازل مرعى مجاني . ويحتال صاحبها على مواراة الباب فتدخل البهائم آمنة مطمئنة. و" تشبع " ولو حدث أن رآها صاحب المنزل فما بيده إلا أن يزجرها متسببا في طردها لكون صاحبها أو متعهدها لا يظهر للعيان موضوع هذه المقالة هو الغرابة والدهشة والحيرة كيف كانت الناس بلا مرجعية ولا أنظمة في ذلك الزمن . فلا مآل ولا مرَدّ لمن تضرر، ولا يعرف المتسبب العاقبة ، فالمسألة فوضى لا سراة لهم. والأغرب من هذا كله أن هناك بلدية تقع في الجزء الجنوبي من شارع البطحاء يعلمون عن المعاناة ، وقال أحدهم : عجزين نسيطر على الأوادم ، هالمرّه حيوانات! ما ذكرته كان قبل عقود، ولم يكن غياب الحالة نتيجة جهد من البلدية، أو استئصال لما يضر الناس، أو مشروع إزاحة الظلم عمن قرر تهيئة منزلية صالحة. بل كثرة المباني والسيارات أقصت الفكرة عن ذهن ذاك " الراعي " النشيط، وارتاح الناس من بهم تقتحم عليهم المنازل. استحضرتُ تلك الحالة ، عندما قرأتُ عن مواطن ممن تستهويهم تربية الإبل في استراحته أو هو حوش خُصّص لأغراض مماثلة . ففي أحد الأيام وجد بعيرا غريبا بين إبله . فتح باب الحوش وحاول إخراجه فلم يُفلح وصار الحيوان يأكل عنده معززا مكرّما (محفل مكفول) . قرر ذات يوم أن "يُبلّغ" عن وجود ضيف طالت مدة إقامته ، فذهب إلى الشرطة التابعة لمنطقته أو القريبة منها، فلم يجد عندهم حلا . وقالوا : ما لدينا نظام لحفظه وإطعامه و "حوش" مركز الشرطة لا يتسع له ولأعلافه . ذهب إلى البلدية (تصوّروا الرحلات أو المشاوي) ولم يجد موظفا مستعدا لاقتراح ما يقترب من الحل. الا حديقة الحيوان وهي بدورها تحتاج عملا ورقيا طويلا. لمراسلة الكاتب: aalthekair@alriyadh.net
مشاركة :