تهتم وسائل الإعلام العبرية، والنخبة الحاكمة فى إسرائيل كل عام، بذكرى حرب السادس من أكتوبر عام 1973؛ حيث تكشف «دولة الاحتلال» بين الحين والآخر، عن «وثائق سرية» يكشف عنها الستار لأول مرة، ومع كل وثيقة جديدة، تتضخم الانتقادات حول قيادة دولة الاحتلال الإسرائيلية آنذاك.وبعد مرور 45 عاما على الحرب، ونشر إسرائيل العديد من الوثائق السرية، تبين للعالم كله، أن العقل المصرى وبسالة القوات المسلحة المصرية لا يستهان بها. وعلى الرغم من أن «العدو» كان يملك الأفضلية فى كثير من المجالات؛ فإن خسائره فى الميدان كانت فادحة، بفضل بسالة الجندى المصرى البسيط، الذى ذهب إلى ساحة المعركة لاسترداد أرضه المحتلة، ولم يتردد فى مواجهة النيران.كشفت معظم الوثائق الإسرائيلية أن الجيشين، المصرى والسوري، نجحا فى تحقيق عنصر المفاجأة وتنفيذ خطة خداع استراتيجي، اندهش لها جميع العالم؛ حيث إن إسرائيل كانت مقتنعة أن المصريين والسوريين لن يتمكنوا من شن أى هجوم.وتقول صحيفة «هآرتس» العبرية، إنه فى كل عام، تقول الوثائق الإسرائيلية إنه كان هناك علم لدى رئيسة الوزراء جولدا مائير، وموشيه دايان، بالنسبة للعمليات المصرية، وقد قررا عدم تجنيد الاحتياط من الجنود.وأوضحت، أن رئيس المخابرات الإسرائيلي، كان على علم بالتحذيرات التى قرأ من خلالها إشارات لحرب قريبة، إلا أنه كان متأكدا من أنها لن تنشب. وأضافت الصحيفة، أنه تم تحطيم الفكرة الخيالية فى عام ١٩٧٣ القائلة إن «الجيش الإسرائيلى لا يقهر»، والتى نشأت فى حرب عام ١٩٦٧. وتابعت، «كان لحرب أكتوبر عواقب قاسية، العديد من القتلى والجرحى، وشلل فى الاقتصاد وانهيار النظام نتيجة لفشل هائل، كان نقطة تحول فى تاريخ إسرائيل». وأشارت الصحيفة إلى أن الحرب تحولت إلى صدع كبير بين العديد من الشباب الإسرائيلي، أدى إلى تراجع الإقبال على الانضمام إلى الخدمة العسكرية. وعلقت صحيفة «معاريف» العبرية، على الذكرى الـ٤٥ لحرب أكتوبر بقولها: «كانت حرب أكتوبر حربا طويلة ومؤلمة، ولكن بفضلها جاء السلام مع مصر، نأمل أن تنتهى المعارك مع حماس يوما ما بنوع من السلام». وأضافت الصحيفة، أنه بعد هزيمة حرب يونيو ١٩٦٧، وصل جيش الاحتلال الإسرائيلى إلى درجة «السكر من النصر»، وخرج موشيه دايان بغطرسة، وقال عبارته المشهورة أمام العالم: «أفضل شرم الشيخ دون سلام على سلام دون شرم الشيخ».بعد ذلك جاءت حرب أكتوبر، أو كما يطلق عليها فى إسرائيل، «حرب يوم الغفران»، وحولت هيبة جيش الاحتلال الإسرائيلى إلى «انكسار»، وقضت على حفلة انتصار حرب يونيو ١٩٦٧، حسب وصف الصحيفة.نتنياهو: تكبدنا خسائر فادحةمن جانبه قال بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، إنه قبل ٤٥ عاما، أخطأت الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، حين فسرت بشكل خاطئ النوايا المصرية والسورية لشن حرب على إسرائيل.وأضاف «نتنياهو» فى تصريحات تتزامن مع حلول الذكرى الـ٤٠ لاتفاقية «كامب ديفيد»، التى وقعتها مصر وإسرائيل عام ١٩٧٨.وقال نتنياهو: «تعرضنا قبل ٤٥ عاما إلى هجمة دامية كبدتنا آلاف الضحايا، يجب علينا أن نفعل كل شيء من أجل تجنب الحرب وضحاياها، تدمر حياة العائلات وهى تشكل جرحا مفتوحا فى قلب الأمة». مضيفا: «فى الوقت نفسه، لو فرضت علينا الحرب، فيجب علينا أن نفعل كل شيء من أجل الانتصار فيها بأقل عدد ممكن من الضحايا». وأكد «نتنياهو» أن النسق السياسى الإسرائيلى ارتكب خطأ كبيرا حين لم يسمح آنذاك بشن ضربة استباقية.. مشيرا «لن نرتكب هذا الخطأ مرة أخرى أبدا». وتابع: «فى الوقت نفسه، إسرائيل تتحرك دون هوادة بغية منع أعدائنا من التزود بأسلحة متطورة، خطوطنا الحمراء أوضح من أى وقت مضى، وإصرارنا على فرضها أقوى من أى وقت مضى».رؤوفين ريفلين: النخبة السياسية والعسكرية فشلت أمام مصرمن جانبه قال رئيس دولة إسرائيل رؤوفين ريفلين، فى مراسم إحياء ضحايا الذكرى الـ ٤٥ لحرب أكتوبر: «حرب أكتوبر كانت واحدة من أصعب الحروب فى تاريخ إسرائيل، النخبة السياسية والعسكرية الإسرائيلية كانت فاشلة ولم تستطع مجابهة نظيرتها فى مصر، الحرب فاجأتنا وكبدتنا خسائر رهيبة».موشيه دايان: زلزال تعرضت له إسرائيلقال موشيه دايان وزير الدفاع الإسرائيلى آنذاك، إن حرب أكتوبر كانت بمثابة زلزال تعرضت له إسرائيل، وأن ما حدث فى هذه الحرب قد أزال الغبار عن العيون، وأظهر لهم ما لم يروه من قبل، وأدى كل ذلك إلى تغير عقلية القادة الإسرائيليين.وكتب موشيه فى مذكراته يقول: «إننا لا نملك الآن القوة الكافية لإعادة المصريين للخلف مرة أخرى»، وأكد أنه على القادة الإسرائيليين الاعتراف بأنهم ليسوا أقوى من المصريين، وأن حالة التفوق العسكرى الإسرائيلى انتهت إلى الأبد، وأن النظرية التى تؤكد هزيمة العرب فى ساعات إذا حاربوا إسرائيل تعتبر نظرية خاطئة.وشدد فى مذكراته على انتهاء نظرية الأمن الإسرائيلى والقائمة على أن الجيش الإسرائيلى لا يقهر، ونوه بضرورة أن يعوا أنهم ليسوا القوة العسكرية الوحيدة فى الشرق الأوسط، وأن هناك حقائق جديدة لا بد أن يتعايشوا معها.
مشاركة :