أعلنت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني عن إطلاق 44 بعثة سعودية ودولية مشتركة في مختلف مناطق المملكة، في موسم التنقيب الأثري للعام الحالي 1440هـ. وأشارت الهيئة إلى أنها توسعت أخيراً في أعمال المسح والتنقيب ليأخذ في شكله ومضمونه منحى آخر أكثر شمولية ومنهجية وليشمل مواقع أكثر، مبينة أن أعماله جاءت بطرق علمية حديثة وبمشاركة بعثات دولية من عدد من الجامعات والمراكز البحثية المتخصصة في الآثار، وفرق سعودية في 20 موقعاً. ولفتت إلى أن بعثات سعودية أثرية تعمل حالياً في 6 مواقع أثرية، إضافة إلى تنفيذ الهيئة عدداً من مشاريع المسح والتنقيب الأثري في مناطق مختلفة من المملكة في 16 موقعاً، مبينة أن جميع هذه الأعمال تستهدف مواقع اثرية مختلفة تمتد في تاريخها أكثر من مليون سنة من عصور ما قبل التاريخ إلى العصور الإسلامية (القرن العاشر الهجري)، وذلك ضمن خطط تستمر لعدة مواسم. في شأن متصل، كشفت أعمال التنقيبات الأثرية لموقع غيلان الأثري في عودة سدير بمحافظة المجمعة في منطقة الرياض عن عدد من الكسر الفخارية لأوان مزججة وغير مزججة تعود للفترة الإسلامية المبكرة، ما يشير إلى أن الموقع يحتوي على فترة استيطان مبكرة ربما تظهر بكثافة في أجزاء أخرى من محيط القصر. وأظهرت أعمال التنقيبات التي يقوم بها فريق متخصص من قطاع الآثار والمتاحف في الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بدعم وتمويل من كليات الشرق العربي للدراسات العليا، أن قصر غيلان بني في موقع مميز على سفح جبل يطل على وادي سدير، حيث تبلغ مساحته 18.000 متر مربع بارتفاع 684 مترا عن مستوى سطح البحر. ويتبع للقصر مبان ملحقة تحاذيه من الخلف، وقد بني من مداميك الحجارة المرصوصة المختلفة الاشكال يربط بينها مونة من الطين على طبقتين، إضافة إلى اختلاف طريقة وأسلوب بناء القصر عن أسوار وحوامي البلدة القديمة لعودة سدير التي بنيت بطريقة العروق الطينية وهو أسلوب البناء التقليدي لأسوار بلدان نجد قديماً. وأظهرت الكشوفات التي تمت في الموقع وبمقارنة بناء القصر وتقسيماته بالمواقع القريبة منه الواقعة في عودة سدير المسجلة لدى الهيئة وهي: قارة الزبير، موقع مسافر، موقع القرناء، موقع جماز، أن غالبيتها بنيت بالحجارة والطين حسب ما تمت مشاهدته من بقايا الأساسات وأسوار قصر غيلان، وتتشابه تلك المواقع في طريقة البناء وتقسيمات المنشآت، مع وجود بعض أساسات القنوات المائية كموقع مسافر وجماز والآبار، كما تم تسجيل ملتقطات سطحية متشابهة في النوع وطريقة الصناعة، ما يعطي دليلاً على أن المواقع الأثرية بعودة سدير مرتبطة ببعض وفي فترة تاريخية متقاربة وربما هي أحياء لمدينة في وادي سدير. وقادت عمليات التنقيب إلى اكتشاف بعض الكسر الفخارية لأوان مزججة بلون أخضر ولون أزرق وكسر فخارية حمراء داخل البئر المنحوتة في الجهة الشمالية الشرقية من القصر الملاصق السور الشمالي المتهدم، حيث يبلغ قطره 1.30 متر والذي طمرته الأتربة على مر الأزمنة ولم يتضح منه إلا عمق 1.20 متر، كما أظهرت الكشوفات أن الوحدات الداخلية في القصر متهدمة، مع وجود بعض الاساسات من الحجارة كبيرة الحجم بشكل متقطع باتجاه أو اتجاهين وغير مكتملة يتفاوت سماكتها ما بين (60-80 سم)، وهي تمثل تقسيمات لغرف متعددة الاستخدام داخل القصر وتحولت إلى ركام من الحجارة، والكثير منها نُقل وأُعيد استخدامه كأرصفة أو حواجز جانبية للسيول والأمطار لتحويلها من رأس الجبل إلى المزارع المحيطة بالقصر، إضافة إلى استخدام بعض حجارة القصر في بناء بعض اساسات بيوت واسوار بلدة عودة سدير القديمة. واشتملت أعمال التنقيب الأثري في موقع غيلان على منطقتين، ركزت الأولى منها على القصر وظواهره المعمارية، بينما اشتملت المنطقة الثانية التي استهدفها التنقيب في هذا الموسم على إزالة الأتربة والرديم من البئر الملحقة بالقصر، حيث تقع البئر في الجهة الشمالية الشرقية من القصر وترتفع عن مستوى سطح الأرض 6 أمتار، وعمقاً قبل الحفر لا يتعدى 1.20 متر، ولم تٌظهر أعمال الحفر دخل البئر التي وصلت إلى 8 أمتار أي أدوات أثرية أو غيرها باستثناء كمية كبيرة من الحجارة المتساقطة من جدران البئر المختلطة بكسر من الفخار وأحجار سور القصر المتهدم، يٌتوقع أنها طمرت البئر في وقت لاحق تفادياً لسقوط المارة بها بعد هجر الموقع. يذكر أن موقع غيلان يعد ضمن أهم المواقع الأثرية في عودة سدير التابعة لمحافظة المجمعة الواقعة في الجزء الشمالي من منطقة الرياض على بعد 160 كيلو مترا على سلسلة جبال طويق، حيث إن قصرها من أهم المعالم الاثرية في غيلان، والذي بقيت منه أجزاء مرتفعة عن سطح الأرض، ويقع القصر على بعد 600 متر جنوب مركز عودة سدير ويحده من الشمال أرض فضاء، ومن الجنوب مخطط سكني، ومن الغرب أرض زراعية، ومن الشرق طريق سدير الرياض القديم.
مشاركة :