على رغم أن كل سوري وطني، من أي مكـون كان، وأي قومي عربـي، وأي إنسان حر في العالم، لا يمكن له إلا أن يشعر بالحزن والألم، حتى لمجرد الحديث عن ضربة مـوجـهة إلـى قوات النظام السوري، لأن ذلك سيؤثر بالطبع في البنية التحتية السورية، على رغم ذلك فإن ما آلت إليه الأمور السياسية وظهور ملامح صفقة أميركية - روسية على أبواب الأزمة الكيماوية الجديدة بإنهاء السلاح الكيماوي في سورية، يعتبر إهانة للمواطن السوري ورضوخاً مذلاً للشروط الغربية وسقوطاً هائلاً للمنظومة البروباغندية والكلامية الشعارية الممانعية للإعلام السلطوي طيلة مرحلة مديدة من الزمن. وهنا السؤال الكبير: أين هي الممانعة وقد تم صرف بلايين الدولارات على بناء ترسانة للأسلحة الكيماوية لخلق معادلة توازن استراتيجي بين سـورية وإسرائيل كان النظام قد صدع رؤوس المواطنين بها ؟ وهل بهذه السهولة والبساطة تنكس الرايات في إعلان عام بالرضوخ لأميركا والاستسلام لها؟ الممانعة الآن هي ممانعة الحفاظ على سدة الحكم ورمي كل الشعارات والمقولات الثورجية والعاطفية على قارعة التاريخ، في خطوة فاقعة وفاضحة يشتم منها رائحة المهانة والخنوع أمام الآخر الخصم أو العدو كما كانوا يدعون، وذلك أمام مرأى ومسمع العالم، وفي سقوط سياسي أيديولوجي مريع لمنظومة الممانعة التي لم تكن تقنع عاقلاً، لكنها كانت تنطلي على قطاع كبير، كان يجترّّها ويردّدها ويبيعها للبسطاء، من المداحّين والمصفقين والانتهازيين ممن استمرؤوا استغباء واستجهال الشعب على طول خريطة الوعي العربي المستلب والمقهور. لم يصدق النظام نفسه وهو يرى بوادر مبادرة أميركية - روسـية تـدق أبواب سياسته الصدئة، بإنهاء السلاح الـكيـماوي في سورية في مقابل الـكف عن توجــيه ضربة عسكرية أميركية له، فـسـرعان ما أعلن الموافقة على المبادرة وهو يعاني حالة أشبه بالموت هلعاً وارتعاباً من ضربة جعلت أيامه كابوساً مخيفاً جاثماً على صدره. إن تلك الدعايات الثورية والشعارات البطولية التي كانت تسقط الأعداء في لمح البصر نراها الآن تذوب كالملح وكأنها لم تكن، لتصبح أثراً بعد عين. وها هو النظام يسقط خائفاً مذعوراً فـي أول امتحان سـياسي وعـسـكري له. إن الموافقة لها دلالة سياسية خبيئة ضمن تلافيفها، وهي أنه لو لم يكن النظام قد استخدم الأسلحة الكيماوية ضد أبناء الغوطتين فلمـاذا يوافق إذاً على تدميرها بهذه السـرعة العـجـيبة من دون تـفكير أو تـردد؟ والسؤال هو الآن: هل بهذا الخذلان والاستسلام يتم إنهاء الثروة الوطنية السورية المدفونة في السلاح الكيماوي، وتذهب أرواح أكثر من 120 ألف سوري ويهجّر أكثر من مليونين، ويعتقل أكثر من 200 ألف مواطن ويصاب أكثر من 300 ألف شخص، ويستخدم السلاح الكيماوي في حرب مجنونة قاتلة أين منها حروب صدام المجنونة ومشاكسات القذافي المتهورة الفالتة من عقال العقل والمنطق والحكمة، وكل ذلك فقط للبقاء في سدة الحكم ولو على جماجم السوريين وأشلائهم وآلامهم ودموعهم؟ إنها خسارة وطـن ومـواطـن ومـوارد وبـنى وحضارة وعقل وعلم، وسقوط مذهل لمقولات الممانعة والمقاومة على هول الذعر والخوف من ضربة ضد النـظـام لا تبـقـي ولا تذر.
مشاركة :