كراتشي / عامر لطيف / الأناضول يبدو أن أسوأ أيام أسرة شريف، التي شغلت مناصب سياسية بارزة في باكستان لقرابة ثلاثة عقود، لم تنته بعد. ومع خروج رئيس الوزراء السابق نواز شريف وابنته، مريم نواز، من السجن بكفالة الشهر الماضي، توقع محللون أن تهدأ وتيرة الأمور. لكن اعتقال شهباز شريف، زعيم المعارضة في الجمعية الوطنية (مجلس النواب) ورئيس حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية – جناح نواز، جدد إثارة الجدل. واعتقل شهباز شريف، الشقيق الأصغر لنواز، من جانب مكتب المساءلة الوطني لمكافحة الفساد في مدينة لاهور (شمال شرق)، الجمعة، بزعم إلغاء عقد لمشروع سكني منخفض التكلفة وإعطائه بدلا من ذلك لشركة يفضلها. وأثارت هذه الخطوة الأخيرة – التي اعتبرها محللون صفعة لحزب الرابطة الإسلامية المعارض الرئيسي قبل أسبوع من الانتخابات الفرعية - أسئلة خطيرة. وتتهم الحكومة الباكستانية، بقيادة رئيس الوزراء عمران خان زعيم حزب "حركة الإنصاف"، شهباز شريف بالتسبب في خسائر بملايين الروبيات على خلفية الاتهام المنسوب له. وينفي شهباز شريف التهمة قائلا إنه في الواقع ألغى العقد لأنه منح لشركة مدرجة في قائمة سوداء من قبل السلطات. وقال زاهد حسين، المحلل السياسي في إسلام أباد، للأناضول،: "كل هذه الأمور كانت متوقعة كثيرا لأن شهباز هو الذي حافظ على بقاء الحزب واستمراريته بالرغم من نزع الأهلية عن نواز شريف وعزله من منصبه وغير ذلك من الأمور". ** "عدالة انتقائية" وسلط حسين الضوء على شكوى حزب الرابطة الإسلامية مما وصف بـ"العدالة الانتقائية". وقال: "نعم، هذه الشكوى لها ما يؤيدها على أرض الواقع، فيبدو أن حزب الرابطة الإسلامية مستهدف من جانب مكتب المساءلة الوطني، وقد تم إقصاء زعيمي الحزب الرئيسيين (نواز وشهباز) من المشهد السياسي، على الأقل في الوقت الحالي". ويرى حق نواز، وهو محلل سياسي في إسلام أباد ، أن الاعتقال الأخير بمثابة خطوة يمكن تصنيفها بسهولة على أنها "اضطهاد سياسي". وأضاف نواز، للأناضول: "سيكون لهذا الفعل تداعيات خطيرة على حكومة عمران خان التي كان شعارها العدالة للجميع ومحاسبة على جميع المستويات. لكن حتى الآن تم استهداف أسرة واحدة فقط". وتابع: "اعتقال شهباز هو رسالة واضحة لأسرة شريف مفادها أن الأمر لم ينته بعد". ** توقيت الاعتقال تتفق رنا قيصر، وهي صحفية بارزة بإسلام أباد، على أن توقيت اعتقال شهباز "غريب". وقالت، في حديث للأناضول: "يمكننا التحدث عن التوقيت ولكن يمكن أن يكون من قبيل المصادفة .. لا أرى ذلك كعمل متعمد أو مستهدف". غير أن محللين يبدون حذرين بشأن الأسباب التي أدت إلى اعتقال شهباز شريف. ولاحظ زاهد حسين أن "اعتقال شهباز لن يؤدي بالتأكيد إلى زيادة الارتباك في السياسة فحسب، بل سيزيد من المواجهة السياسية". وأبدى تشككه في أن "المؤسسة" - وهو مصطلح تم صياغته للدلالة على الجيش القوي الذي حكم البلاد لنصف تاريخها والمتهم بالتدخل في السياسة - قد وضعت استراتيجية لمهاجمة حزب الرابطة الإسلامية – جناح نواز. وأردف قائلا: "لقد أعادت الحكومة النشاط إلى مكتب المساءلة الوطني، والذي كان في الماضي - بلا شك في حالة سبات- ولكن يبدو أن المكتب قد رفع القيود عنه، ويتصرف الآن في أي مكان يرغبه". وأمضى بالقول: "لا شك أن هناك ممارسات فاسدة في البلاد لكن إلغاء عقد ومنحه إلى جهة أخرى لا يعني كل الفساد". كما أوضح أن مكتب المساءلة الوطني، رغم ما يوجهه من اتهامات، "غالبا ما يفشل في تقديم الأدلة لإقناع المحكمة". وأعلنت المحكمة العليا في إسلام آباد، الشهر الماضي، أن أدلة المكتب غير كافية لإصدار حكم بحق نواز شريف. من جهتها، أشارت "قيصر" أن "الخلط الكبير" الذي يحيط بالسياسة في باكستان سيؤدي في نهاية المطاف إلى استجلاء الصورة الواضحة. وأوضحت: "لا نوافق على أن مكتب المساءلة الوطني يستهدف عائلة شريف، حيث يمكن لمؤسسات الدولة أن تعمل بشكل مستقل كذلك. لماذا نشكك دائما في نزاهته؟". وكثيرا ما يتهم المكتب، الذي أسسه الحاكم العسكري السابق الجنرال برويز مشرف في عام 2000 ، باستهداف السياسيين المناهضين للحكومة. ويقول محللون إنه مع ملاحقة اثنين من كبار قادة الحزب (الرابطة الإسلامية) في قضايا بالمحاكم، فإن أزمة قيادة خطيرة ستظهر في الحزب. كما أنه من غير المحتمل أن يقدم الحزب، من دون شهباز شريف، أحد القوى الفاعلة في حشد الجماهير، أداء جيدا في الانتخابات الفرعية المقررة 14 أكتوبر/ تشرين الأول. وفي الانتخابات العامة التي جرت في يوليو / تموز الماضي، برز حزب الرابطة الإسلامية - جناح كأكبر حزب منفرد في إقليم البنجاب، معقله السياسي. ومع ذلك ، فشل الحزب في تشكيل حكومة الإقليم بسبب تحالف حزب حركة الإنصاف مع شركاء أصغر. ويمكن أن تعطي الانتخابات الفرعية، لحزب الرابطة الإسلامية فرصة ثانية للفوز بأغلبية بسيطة في البنجاب، حسبما يرى محللون. الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
مشاركة :