القاهرة: «الخليج»حظي التمساح في الديانة المصرية القديمة بمكانة كبيرة في نفوس المصريين، حيث كان إلهاً في منطقتين في مصر، هما الفيوم وكوم أمبو، متخذين منه رمزاً للخصوبة والفيضان وقوة حاكم مصر، حيث عرف باسم سوبك، وشيدت له المعابد في هاتين المنطقتين، ولم يحظ التمساح «سوبك» بهذه المكانة لدى جميع المصريين وهذا ما يشير إليه هيرودوت من أن بعض المصريين القدماء كانوا يعتبرون التمساح مقدساً، وآخرون يهاجمونه. أحياناً يعاملونه بتكريم زائد ويقدمون له أسماكاً وأطعمة ثمينة، ويزينون رأسه بأقراط وقدميه بأساور وحلقان ذهبية مطعمة بحجارة ثمينة، ويروضون صغاره بلطف شديد، وبعد موته يطيبونه بأطياب ثمينة، وفي مناطق أخرى يتعاملون معه بشيء من الاشمئزاز الشديد، فلا يتركون فرصة يمكنهم فيها تدميره إلا استغلوها، حيث كان التمساح بالنسبة إليهم صورة من صور «ست» إله الشر.ويعد متحف التماسيح الذي افتتح في 2012 من أكبر المتاحف التي شيدت لحيوان واحد بالعالم، كما يعتبر ثالث أكبر متحف موقعي في مصر، بجانب متحف أمنحتب بسقارة، الذي يعرض العمارة المصرية، وآثار سقارة، ويقع المتحف فوق ربوة ترتفع 15 متراً عن سطح الأرض، في منطقة ينحني عندها نهر النيل في شكل ساحر جذاب، في حضن معبد كوم أمبو.ويضم 22 تمساحاً من 50 تمساحاً تم العثور عليها بالمنطقة القريبة من المعبد، ووضع بعضها في فاترينات زجاجية خاصة لعرضها، تمثل مختلف أعمار التماسيح؛ منها في المرحلة الجنينية في البيضة، وتماسيح حديثة الفقس، وأخرى كبيرة مختلفة في الأطوال، تصل إلى نحو 5.5 متر، بجانب 8 أخريات في توابيت ولفائف الدفن.وقد روعي في طريقة العرض أن تبدو كما لو كانت تميل على الرمال وكأنها متجهة لتقترب من شاطئ النيل على ضوء القمر، وذلك باستخدام وحدات إضاءة صناعية توحي بهذا الجو الأسطوري.ويوجد بالمتحف مقبرة توضح كيف عثر على التماسيح المحنطة، حيث جرت العادة قديما أنه عند نفوق التمساح بطريقة طبيعية، أو حتى عند قتله، يعامل على أنه حيوان مبجل، فتقام له طقوس التحنيط كاملة، ويدفن في جبانة خاصة، وتدفن معه قرابين تخصه من أوان فخارية مملوءة بالطعام وغيرها، وكان يجري الدفن في شرق النيل بمنطقة من الطين الجاف، في مجرات خاصة لها قبو، تغطى بسعف النخل، ويلف بعد التحنيط بلفائف من الكتان.وتعظيماً لشأن التمساح، كانت عيونه تطعم بعيون صناعية، حتى يصبح مرهوب الشكل قبل الدفن، وبعضها كان يوضع في مقاصير من الخشب الملون.كما عثر على مومياوات التماسيح، مرصعة برقائق من الذهب، وبالذات أسنانها المدببة المخيفة؛ التي غطتها رقائق الذهب.كما يستعرض المتحف كيفية تحنيط التماسيح، من خلال خمس مومياوات توضح مراحل وكيفية تحنيطها، التي كانت تتم بنفس الدقة التي يتم اتباعها عند تحنيط الملوك، أو الأفراد عموما، ويعرض المتحف المحفة وهي عبارة عن ترابيزة من الخشب توضع عليها التماسيح المحنطة، وتقدم لها القرابين وتوجد داخل المقبرة كمقصورة خشبية. ويضم المتحف أيضاً 20 قطعة من اللوحات والتماثيل التي تخص عبادة التماسيح أشهرها تماثيل للإله سوبك، وأربع لوحات خاصة بالإله سوبك اثنتان منها تم أخذهما من متحف الأقصر ولوحة رائعة أخرى تم وضعها في مدخل المتحف.
مشاركة :