ميزانية للوطن | سعيد محمد بن زقر

  • 1/6/2015
  • 00:00
  • 20
  • 0
  • 0
news-picture

حمداً لله الميزانية (طلعت) والأسارير تفتحت، لمَ لا والمحاور الخدمية والمؤشرات العامة تشير إلى إنفاق عام مرتفعاً عن العام الماضي وخاصة على التعليم والصحة، وإن لوحظ تراجع في نصيب الفرد في الناتج المحلي الاجمالي بسبب الزيادة السكانية التي قاربت 2.7% لأنها أعلى من نمو الناتج المحلي البالغ 1 % قطعاً ليست من اهتمامات القارىء تفاصيل الموازنة مثلما أن مساحة المقال لا تتسع لها ولكن ميزانية الوطن عموما ايجابية فالعجز بالميزانية القادمة هامشي ويقل عن 5% أي حوالي (145مليار ريال) ويسهل تمويله من فوائض الميزانيات السابقة وأسواق المال ستستعيد حتماً حيويتها. إن ردود الأفعال الحالية متعجلة ووقعت في خطل وخطأ ملأ صفحات الصحف وإعلام التواصل الاجتماعى باجتهادات تجاوزت نقاش الأرقام للتخويف بأسعار النفط المتقلبة وأنه لابد من تبنى الدعوة لتأسيس صناديق سيادية بحجم كافٍ، ورغم وجاهة ذلك إلا أنه لن يمنع الصدمات المالية المستقبلية المفاجئة. ومن المدهش أن يشارك أساتذة جامعات ورجال أعمال في هذه الدعوة وكأن الجميع تناسى أننا نعيش عصر المال (الفيات) الذي يتكون بسهولة خلق قاعدة البيانات في الحاسب الآلي، فالمال (الفيات) نتيجة لممارسة الدول لسيادتها بإصدار عملتها أو سندات تساعدها على مقابلة الانفاق الاستثماري وليس ثمة قيد على الدولة في ذلك سوى قيد التضخم، ولهذا قبل تكوين الصناديق السيادية هناك ضرورة للإجابة على أسئلة مدى وجود أصول حقيقية في الاقتصاد من عدمه ،فالبعض لا يفرق بين مال الفرد وبين مال عام يتولد من قاعدة بيانات بالبنك المركزي وتكوين الصناديق السيادية في غياب أصول حقيقية أو سعة انتاجية معقولة سيكون أشبه بالركض خلف السراب أو محاولة الحصول على أصول حقيقية بعيدا عن تعميق السعة الانتاجية، إذ إن الأساس في ذلك الربط بمفاهيم الاقتصاد الحقيقي الذي يتولد من الإنتاج وفي غيابه ستستنزف موارد الاقتصاد المعني مهما تعددت صناديقه السيادية. وقد فطنت دول مثل اليابان والصين والولايات المتحدة الأمريكية لذلك حين لم تلجأ لتكوين صناديق سيادية بقدرما رأت الحل في دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة واعتبارها قاطرة النمو وموطن توليد الأصول ولهذا تبلغ نسبتها في بعض الاقتصاديات الكبرى أكثر من 50% وحيث أن التجارب الناجحة (ضالتنا) فإن استنساخ النجاح وسيلتنا لتحقيق تنويع الصادرات والحد من الاعتماد على البترول وتكوين أصول حقيقية. وإن صح هذا الاستنتاج فإن وضع المنشآت الصغيرة والمتوسطة عندنا لا يتعدى 10% وهذا تحدٍ ماثل ولابد من تطوير هذه المنشآت وزيادة نسبتها بتلبية شروط النهوض بها وإلا سنحرم الاقتصاد الوطني من أصول حقيقية متطلع إليها. ولعله من وسائل التطوير تمكين شباب الأعمال وخاصة العائدين من برنامج خادم الحرمين بمساعدتهم بتكوين منشآت صغيرة رغم أن معظم برامج وزارة العمل لا تساعد على ذلك من حيث النظرة الضيقة للتوطين مما يخل بمعايير نجاح المنشآت الصغيرة ويمنع الشباب من أن يكونوا رجال أعمال وقد فطن لذلك الدكتور غازي القصيبي (كيف يتوقع الناس أن ينجح التوطين، ورجل الأعمال يريد للمواطن السعودي أن يعمل ساعات أطول براتب أقل مع انعدام أمان وظيفي ) لهذا يستلزم توفير نظرة متوازنة وتعاون بين القطاع الخاص والوزارة للتعامل مع المنشآت الصغيرة لتشجيعها لكي تسهم بتوليد أصول حقيقية في الموازنات العامة بزيادة إيراداتها وتنويع مصادرها. بارك الله في الميزانية وبارك فيمن يدعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة.

مشاركة :