غداة حديث عن صفقة بين أنقرة وواشنطن، أعلن القضاء التركي، أمس الجمعة، إطلاق سراح القس الأمريكي المحتجز اندرو برانسون، في خطوة تعكس تراجعا للسلطات التركية عن مواقفها السابقة بشأن هذه القضية، وتنازلا من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في مقابل إطلاق يد القوات التركية في مدينة منبج السورية. وبعد أشهر من التصريحات النارية لأردوغان، حول عدم جدوى لغة التهديد أو فرض العقوبات في قضية القس الأمريكي، يبدو أن الرئيس التركي خضع للإدارة الأمريكية، ليعلن القضاء التركي أمس الجمعة إطلاق سراح برانسون بعد محاكمة شكلية، غيّر خلالها أربعة شهود إفاداتهم السابقة، قضت المحكمة بالسجن 3 سنوات وشهر و15 يوما على برانسون، مع رفع الإقامة الجبرية ومنع السفر. ويعني الحكم إطلاق سراح القس، وذلك لأنه وفقا للقانون التركي، يطلق سراح من يحكم عليه بالسجن ثلاث سنوات بعد قضائه عامين في السجن، وهو ما حدث مع برانسون.ووصف مراقبون محكمة الأمس بالمسرحية، حيث تراجع خلالها أربعة شهود عن إفاداتهم، وقالوا إنه إما أسيء فهمهم، أو إن ما ذكروه سمعوه في وسائل إعلام، وإنهم ليسوا مصدر هذه الإفادات، حيث قال الشاهد ليفانت كلكان، إنه قد تمت «إساءة فهمه»، وذلك بعدما كان قد شهد في وقت سابق ضد برونسون.ويؤكد الاتفاق المبرم بين واشنطن وأنقرة على عدم استقلالية القضاء التركي، الذي يرضخ وفق محللين لإرادة أردوغان، الذي قدم الجمعة تنازلا جديدا للولايات المتحدة.وتسببت قضية القس بأزمة خطيرة بين أنقرة وواشنطن، حيث فرضت الولايات المتحدة مجموعة من العقوبات على تركيا، الأمر الذي تسبب بانهيار اقتصادي في البلاد، وخسرت الليرة التركية على إثره ما يقارب 40 في المئة من قيمتها منذ بداية العام الجاري.وفور الإعلان عن الحكم الصادر على برانسون، أوضح المحامي إسماعيل جيم هالافورت لدى سؤاله عما إذا كان القس سيذهب للولايات المتحدة بأنه «سيغادر على الأرجح»، وفق ما نقلت رويترز.ومن جهته، أعرب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن أمله بعودة «سريعة» و«من دون مشاكل» للقس الأمريكي إلى بلده بعدما أفرجت عنه تركيا. وكتب ترامب على تويتر «أفكاري وصلواتي مع القس برانسون، ونأمل بأن نراه مجددا سريعا ومن دون مشاكل في المنزل»، وذلك بعدما قال في تغريدة سابقة إنه «بذل جهدا كبيرا» من أجل برانسون. وتحدث عدد من التقارير الإعلامية عن وجود صفقة بين الحكومة الأمريكية والتركية تقضي بإطلاق يد القوات التركية في مدينة منبج السورية وهو ما كان واضحا من ارتفاع نبرة أردوغان حيال هذا الملف، حيث توعد الرئيس التركي أردوغان أمس الجمعة باستئصال «أوكار الإرهاب» في شرق نهر الفرات في وقت قريب، ملمحا بذلك إلى إمكانية القيام بعملية جديدة ضد المقاتلين الأكراد في سوريا.وأعرب أردوغان في كلمة خلال حفل تخريج دفعة من الطلبة العسكريين بمدينة اسبارطة وسط تركيا عن الأمل في اقتلاع «أوكار الإرهابيين» شرق الفرات بدعم من أفراد القوات الخاصة الخريجين. وقال إن تركيا وجهت ضربة قوية لعناصر التنظيمات «الإرهابية» بالبلاد، مشيرا في ذلك إلى فصل «الخونة» في الجيش بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة التي وقعت منتصف يوليو/تموز 2016. وأضاف «إن شاء الله، قريبا جدا سنترك أعشاش الإرهاب شرق الفرات في حالة من الفوضى». وقال أردوغان إن وحدات حماية الشعب الكردية لم تغادر بلدة منبج في شمال البلاد وهو ما يخالف اتفاقا بين أنقرة وواشنطن، مضيفا أن تركيا ستفعل اللازم. (وكالات)
مشاركة :