دعا فضيلة الدكتور علي محيي الدين القره داغي -الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين- الأمة الإسلامية إلى العودة للقرآن الكريم وللحكم الرشيد، الذي يكون فيه الحاكم متجهاً نحو إصلاح دنيا شعبه ويخدم أمته. وقال في خطبة الجمعة أمس بجامع السيدة عائشة في فريج كليب، إن أوروبا عاشت قروناً عديدة في ظلال الحروب الدينية والحروب القومية، حتى بزغت في رباها إشعاعات الحضارة الإسلامية من خلال فتح الأندلس، فتوجهت إلى نظم الإصلاح التي حملها إليها الإسلام، وقامت نهضة الدول الأوروبية بإصلاح النظام السياسي، والنظام التعليمي، والنظام الديني الذي كانت تقوده الكنيسة، إذ كانت تمنعهم من العلم والتقدم.وأضاف أن المسؤولية في الإسلام تقوم على 3 أركان أساسية: الإحساس بالمسؤولية، والمحبة المتبادلة بين الحاكم والشعب، والحقوق المتقابلة. وتساءل فضيلته: «ما الذي أصاب الأمة حتى وصلت إلى مرحلة تكالب عليها الأعداء من كل جانب؟ ومن الذي أوهن عزيمتها حتى أصبح بعض أفرادها ينفّذ خطط أعدائها في بني جلدتها ودينها؟ حتى إنهم ليقولون إن الحرب اليوم هي حرب صفرية، ويقصدون بها أن الأعداء يحطموننا دون أن يخسروا شيئاً!». لافتاً إلى أن الواقع المؤلم يكشف عن أن الأعداء يحطموننا ويربحون؛ فهم يحتلون ديارنا، وينهبون أموالنا وثرواتنا، ونحن ننفق عليهم أضعافاً مضاعفة، جراء ما يحدث في العالم الإسلامي. وقال فضيلته: «إن الإصلاح لن يتحقق لهذه الأمة إلا بإصلاح 3 أنظمة أساسية: النظام السياسي، والنظام التعليمي، والنظام الديني. وهذا ما تؤكده التجارب عبر عصور التاريخ». لافتاً إلى أن محاولات الإصلاح، ولا سيما في الشأن السياسي، واردة وواقعة منذ فجر التاريخ الإنساني. وأكد فضيلته أن الحل موجود لدينا في هذا الدين، الذي وصفه الله تعالى فقال: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ)، والذي جعل الأمة الإسلامية خير أمة أُخرجت لنفع الناس وهدايتها، بقيمها وأخلاقها، وليس بعِرْقها ولا بقوميتها، وحمى لها فكرها وعقيدتها من خلال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ بحيث تمنع هذه العقيدة الحاكم المسلم والفرد المسلم من الظلم والاستبداد، وتصونهما عن غيرهما من آفات المجتمع. وقال: «إن العلاج الشامل لهذه الأمة يكمن في الحُكم الرشيد، الذي يكون فيه الحاكم متجهاً نحو إصلاح دنيا شعبه ويخدم أمته، ويسعى إلى تحقيق الغاية؛ من الاستخلاف في الأرض، وتحقيق رسالة الإنسان الذي أوجده الله تعالى على هذه الأرض». وأوضح فضيلته أن حال الأمة لن ينصلح إلا بإصلاح شامل للنظام السياسي والتعليمي والديني، وقال: «لسنا في شك من أن نظامنا الديني هو نظام حياة، ونظام بقاء ونقاء، ونظام شفاء صالح لكل زمان ومكان، غير أن مشكلتنا في فقه ديننا، وكيف نفهمه، وننزل وقائعه وفق سنن الله تعالى». وأوضح أن من سنن الله تعالى إصلاح أولي الأمر، ومن بيده الحل والعقد، وإرشادهم إلى أن يسيروا على المنهج الرشيد، وأن تكون عليهم رقابة شعبية، تقوّم اعوجاجهم. داعياً إلى ضرورة اتباع الفقه الديني النابع من وسطية الإسلام، دون إفراط ولا تفريط.;
مشاركة :