افتتح رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد "نزاهة" الدكتور خالد بن عبدالمحسن المحيسن بالرياض، اليوم، أعمال الندوة التي نظمتها الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد بعنوان "الامتثال لتعزيز النزاهة في القطاع الخاص"، بمشاركة عدد من الخبراء المحليين والعالميين. ورفع "المحيسن" في مستهل كلمته، الشكر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وسمو ولي عهده الأمين حفظهما الله، على ما تلقاه الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد "نزاهة"، والأجهزة المختصة، من دعم لتعزيز الجهود المتصلة بحماية النزاهة ومكافحة الفساد، بما يمكنها من تنفيذ مهامها بفاعلية وكفاءة، سائلاً الله العلي القدير أن يديم على هذه البلاد أمنها واستقرارها، وأن يدحر أعداءها، وكل من أراد بها سوءاً، وينصر جنودنا المرابطين على ثغور الوطن. وأوضح أن الندوة تعد أحد جهود "نزاهة" الرامية إلى تعزيز النزاهة ومكافحة الفساد، وبناء شراكة فاعلة مع منشآت ومؤسسات القطاع الخاص الذي يشكل أحد أهم شركاء التنمية الاجتماعية والاقتصادية. وأكد أن تعزيز الجهود لتجنيب هذا القطاع شبهات الفساد وتعزيز النزاهة في تعاملاته البينية، وبينه وبين المؤسسات الرسمية، في الداخل والخارج، وتشجيع مؤسساته على الامتثال للأنظمة واللوائح والتعليمات والمعايير والممارسات المثلى، يشكّل أحد المرتكزات الاستراتيجية التي تبنى عليها جهود حماية النزاهة ومكافحة الفساد. وقال: "إن من أهم العناصر المحققة لرؤية المملكة 2030 نحو اقتصاد مزدهر، إيجاد بيئة تنافسية وجاذبة تتسم بالشفافية والنزاهة، ولكي يتحقق ذلك على النحو الذي تتطلع إليه الرؤية، فإنه يتعين على منشآت القطاع الخاص أن تكون شريكاً مبادراً في بناء والحفاظ على قيم وقواعد مثلى لحماية النزاهة ومكافحة الفساد على مستوى تلك المنشآت والعلاقات فيما بينها، وكذلك في علاقاتها مع القطاع العام. وأشار رئيس "نزاهة" إلى حرص المملكة في أن توائم أنظمتها ذات الصلة بحماية النزاهة ومكافحة الفساد مع ما تضمنته الاتفاقية الدولية، وأنه استكمالاً لتعزيز الجهود الوطنية التشريعية الرامية لتحييد الممارسات والسلوكيات الفاسدة، فقد صدر المرسوم الملكي رقم (م/4) وتاريخ 2/ 1/ 1440هـ، المتضمن تعديلات جوهرية لنظام مكافحة الرشوة، من أهمها توسيع نطاق النظام ليشمل تجريم الرشوة في القطاع الخاص. وشكر الدكتور "المحيسن" الحضور على مشاركتهم في هذه الندوة متطلعاً إلى نتائج تسهم في جهود الدولة لحماية النزاهة ومكافحة الفساد، في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين حفظهما الله. بعد ذلك، بدأت الندوة حسب جدول أعمالها وأوراق العمل، التي شارك فيها عدد من المسؤولين في إدارات الامتثال والشؤون القانونية في كبرى الشركات المختصة في الشؤون المختلفة، حيث انطلقت الجلسة الأولى، وكانت بعنوان "وظيفة وأدوات ودوافع تطبيق الامتثال"، وأدارها المحامي والمستشار القانوني أحمد بن إبراهيم المحيميد، بكلمة المديرة التنفيذية لمبادرة بيرل كارلا كوفل، أوضحت فيها أن مدونة قواعد السلوك الوظيفي هي الإطار العام للامتثال، وأنه ينبغي أن توضح تلك المدونة السلوك المرغوب من جميع الموظفين، والعملاء، وغيرهم، وألا تقتصر على الحديث عن الرشوة، بل تمتد إلى توضيح قضايا أخرى كتلقي الهدايا، وتضارب المصالح، فضلا عن توضيح جزاءات عدم الامتثال، مضيفة أن تنفيذ سياسات وإجراءات النزاهة يقع على عاتق الإدارة التنفيذية، وأن مشاركة الموظفين في هذه العملية أمر بالغ الأهمية. فيما أبان مستشار عام ورئيس الامتثال بمجموعة شندلر في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الدكتور ياسر جميل أبوإسماعيل، في كلمته أن الامتثال هو أساس برنامج إدارة المخاطر القوي، وذلك في بيئة الأعمال التجارية الراهنة التي تتواجد فيها تهديدات الإضرار بسمعة المؤسسة من كل جانب، كما قدّم تصوراً عن الهيكل التنظيمي لبرنامج الامتثال في القطاع الخاص، ومسؤولية جميع الأفراد المرتبطين بالمؤسسة سواء كانوا موظفين أو أصحاب المصلحة (بائعين وموردين وغيرهم). من جانبه قال مستشار أول في الحوكمة العالمية بالبنك الدولي ستيفن زيمرمان، أن برنامج الامتثال الفعال يتميز بخصائص أبرزها، وضع مدونة للسلوك تطبق النزاهة، وسياسات تتميز بالتحديد والوضوح، وبرنامج تدريب فعال، وإصدار تقارير مستقلة توضح مدى تنفيذ الامتثال، والتركيز على المخاطر الحقيقة، مع إشراف فريق قيادي يتمتع بالنزاهة وتحقيق أهداف الامتثال. بدوره، أشار مسؤول الالتزام بشركة التعدين العربية السعودية (معادن) خالد بن محمد الخراشي، إلى أن (معادن) استعانت بشركة لتلقي البلاغات نيابة عنها لإعطاء المبلِّغ حرية أكثر في التبليغ وموثوقية من ناحية تحديد الهوية، موضحاً أن التبليغ متاح للجميع ليشمل الموظفين، والموردين، والعملاء، والمقاولين، وحتى المجتمعات المحيطة بالأماكن التي تعمل فيها (معادن). عقب ذلك تحدث مدير إدارة المخاطر أمين سر لجنة إدارة المخاطر بشركة التأمين العربية التعاونية خالد بن جمعة السالم، عن عمل إدارة الامتثال بأنه يعتمد على تقييم مدى التزام وتقيد الشركة بالأنظمة واللوائح والتعليمات من خلال مجموعه من الأساليب، كالزيارات الميدانية، وفحص العينات، والمراقبة المعلوماتية، والتقييم الذاتي، وتوفير قنوات للإبلاغ والتحري. بعد ذلك فتح مدير الجلسة باب النقاش والمداخلات مع الحضور. بعدها انطلقت أعمال الجلسة الثانية من الندوة التي حملت عنوان "تحديات وتجارب في تطبيق الامتثال"، حيث أدار الجلسة الكاتب والمحلل الاقتصادي محمد بن سليمان العنقري، إذ بدأت الجلسة بكلمة لنائب رئيس أول ومدير إدارة مكافحة الجرائم المالية في بنك الرياض غازي بن سالم الزلفي، الذي أشار إلى جملة من التحديات في تطبيق برنامج الامتثال، ومن ذلك التغيير المستمر لموظفي البنوك، وثقافة الإبلاغ عن العمليات المشتبه بها، والتحديات التي تشكلها التقنية الحديثة والصناعة المصرفية. فيما تطرق رئيس قسم الشؤون القانونية والامتثال لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا في شركة سيمنس نلس فورملكر، إلى أبرز التحديات التي تواجهها الشركات في تطبيق الامتثال ومنها شركة سيمنس، وهو العدد الكبير من الأنظمة والتعليمات واللوائح التي يجب الامتثال لها في كل بلد. بدوره، قال رئيس الالتزام القانوني والأنظمة وأخلاقيات العمل في شركة بي أيه إي سيستمز فهد بن مشعل آل علي، في ورقته إن أبرز التحديات التي تواجه تطبيق الامتثال: الوساطة والمحسوبية، وتضارب المصالح، واستغلال النفوذ وإساءة استعمال السلطة، والاعتداء على المال. وأوضح مدير أخلاقيات العمل والامتثال في شركة بكتل باسم بن محمد الفصام، أن الشركة وفرت خطاً للإبلاغ عن أي مخالفات إدارية بالشركة من دون الإفصاح عن الهوية، مما ساعد على كسب ثقة الموظفين وتعاونهم في الإبلاغ عن أي تجاوزات. وبيَّن مدير إدارة مراقبة الالتزام بشركة الاتصالات السعودية خالد بن عبدالله العايد، أن الالتزام مسؤولية الجميع، فهو مسؤولية الموظف، والإدارة المعنية فضلاً عن المراجعة الداخلية، فيما أكد مدير أعلى في الإدارة القانونية بالشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك) وليد بن محمد الغصون، ضرورة أن يكون المسؤولون التنفيذيون في أي شركة قدوة في تطبيق متطلبات برنامج الامتثال قولاً وفعلاً.
مشاركة :