إعداد: إبراهيم باهو«دراجتي تحلو بها الحياة وبدونها مشقة وعناء، أصونها فتحملني كأنها جمل يكابد الصحراء، عجلاتها رقيقة كأقدام غزالة حسناء، لها جرس يدق في القلب كخلخال بدوية شقراء».. بهذه الكلمات الرائعة يصف أحد الشعراء شغفه بقيادة الدراجة الهوائية، هذه الوسيلة التي غيّرت شكل التنقل في العالم بأكمله، ليس فقط لأنها سهلت حركة الناس؛ بل لأنها ساعدتهم على التحرك والتخلص من الأمراض.عرف الإنسان أول شكل من أشكالها في بداية القرن التاسع عشر، عندما اخترع الألماني كارل درايس، في 1817 بمدينة مانهايم جنوب غربي ألمانيا، دراجة عرفت وقتها ب«حصان الداندي»، وهي أول وسيلة تنقل كانت تستخدم مبدأ العربة ذات العجلتين، لكن بدون مقود أو دواسات وبإطار خشبي، وكانت تستخدم بوضع الأقدام على الأرض ثم الزحف أو الجري بها.واخترع الأسكتلندي كيرك باتريك ماكميلان، أول دراجة ميكانيكية ذات عجلتين في عام 1839، ويقال إنه في أحد الأيام كان ذاهباً بدراجته الثقيلة الوزن والبطيئة الحركة إلى المدرسة؛ لأنه كان يحركها بزحف قدمه على الأرض، وتعب من شدة الحرارة فقرر أن يخترع شيئاً ما، يجعل من حركتها سلسلة، وبعد خمسة أشهر من العمل في ورشة أبيه، توصل إلى اختراع دواسة لكن بدون سلاسل، لكنه لم ينشر ابتكاره بين الناس ولم يحصل على براءة اختراع عمله المذهل والمثير للإعجاب. ويقال أيضاً إنه أول شخص في التاريخ يتسبب بحادث بواسطة دراجة هوائية، وذلك في عام 1842 عندما اصطدم بفتاة في مدينة جلاسكو. ويعود الفضل في اختراعه ذات الدواسة الميكانيكية إلى الفرنسييْن بيير ميشو، وبيير لإليمنت، وذلك في بداية ستينات القرن التاسع عشر، وكان موضع الدواسة في العجلة الأمامية.ووفقاً للمتحف الوطني للتاريخ الأمريكي، فإن لإليمينت أول شخص في التاريخ حصل على براءة اختراع مركبة ذات عجلتين، مع دوّاسات في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1866.ومع مرور الزمن تطور شكل الدراجات، ويعود الفضل إلى الإنجليزي جون كيمب ستارلي، في اختراع تصميمها الحالي في ثمانينات القرن ذاته.وبحسب موقع (Bicycle History)، فإن عدد الدراجات التي تُصنع سنوياً يفوق 100 مليون دراجة، وهناك أكثر من مليار منها تستخدم حالياً في جميع أنحاء العالم، بأنواع عدة يحتار الشخص في اقتنائها، وأحدثها تلك التي تقوم بتنقية الهواء الملوث من تصميم الهولندي دان روزجاردي، بالتعاون مع شركة «أوفو» بمدينة داليان الصينية.ولعبت الدراجة الهوائية دوراً مهماً في التأثير في المجتمعات، وتعد من وسائل النقل الأساسية في كثير من الدول لفوائدها الجمة على صحة الإنسان.فحسب دراسة أجراها علماء في جامعة «جوته» بمدينة فرانكفورت الألمانية، فإن ممارسة ركوب الدراجات بانتظام لا تقي من الضعف الإدراكي وخرف الشيخوخة فحسب؛ بل تحمي أيضاً خلايا الدماغ العصبية من التلف.ويؤكد علماء من جامعة كونكورديا الكندية، أن ركوبها صباحاً يعتبر أفضل وسيلة للتخلص من التوتر والإجهاد قبل بداية يوم العمل.ووفقاً لدراسة حديثة أجراها علماء من جامعة جلاسكو البريطانية، فإن الناس الذين يذهبون إلى العمل يومياً بواسطة دراجاتهم، أقل عرضة للإصابة بالسرطان بمعدل 45%، وبأمراض القلب والشرايين بمعدل 46% من الذين يستقلون السيارات.
مشاركة :