واشنطن - يتصاعد في الولايات المتحدة خطاب يصوّر الرجال في موقع الخطر في زمن حملات ذات طابع نسوي مثل #أنا_أيضا تندد بالتحرّش الجنسي. ففي اليوم نفسه الذي كان القاضي بريت كافانو المتّهم بالتحرش الجنسي يقسم اليمين ليدخل المحكمة العليا، نشرت سيدة على تويتر ما قالت إنه تشابه بين قصّته وما جرى مع ابنها. وقالت السيدة إن ابنها بيتر هانسون كان يتجنب السهرات خوفا من أن يصدر عنه أي تصرّف قد يجعله زورا في موقع الاتهام بالتحرّش الجنسي. ونشرت السيّدة أيضا صورة لابنها البالغ من العمر 32 عاما بزيّ البحرية الأميركية، مع وسم #هو_أيضا، في ما يبدو رداً على وسم #أنا_أيضا الذي شجّع النساء في العالم كلّه على البوح بحوادث التحرّش الجنسي. وسرعان ما انتشرت الصورة والتعليق على مواقع التواصل، حتى بين من أرادوا نشرها للسخرية على هذا النوع من التعليقات. ولم يتردد بيتر هانسون نفسه عن نشر صورة جديدة له، ولكنه خالف في تعليقه توجّه والدته، وقال "أنا أحترم النساء وأصدقّهن، ولا يمكن أن أساند حملة #هو_أيضا". حملة ذكورية تنافس حركة "أنا أيضا" المناهضة لللتحرش القاضي بريت كافانو المتّهم بالتحرش الجنسي كان لما نشرته والدته أن يمرّ مرور الكرام، لولا أنه تأتي في سياق توجّه يقوده الرئيس الأميركي دونالد ترامب شخصيا. فقد قال ترامب في الثاني من تشرين الأول/أكتوبر "إنه زمن مخيف حقا على الشباب في أميركا، يمكن أن يُتّهم المرء بشيء لم يفعله"، علما أنه هو نفسه متّهم من نساء عدّة بالتحرّش الجنسي. وبعد ذلك بأيام شرع في السخرية من النساء اللواتي اتهمن القاضي كافانو بالتحرّش الجنسي. منافسة لم تبتكر والدة بيتر هانسون وسم #هو_أيضا الذي انتشر في الأسبوعين الماضيين بين المدافعين عن القاضي كافانو وغيره من الرجال المتّهمين "زورا" بالتحرّش الجنسي، كما يقول أنصارهم. ويرى البعض أن هذه الحملة #هو_أيضا هي ردّ على حملة #أنا_أيضا، بما يشبه المنافسة بين الرجال والنساء. وتقول كلارا ويلكينز الباحثة في علم النفس الاجتماعي في جامعة واشنطن لوكالة فرانس برس "هناك شعور يشبه المنافسة بين الرجال والنساء"، فالدراسات تشير إلى أن الرجال لم يسبق أن شعروا بتمييز ضدّهم كما يشعرون الآن. وتضيف "لديهم شعور أن تقدّم النساء يعني تراجعهم". وهي ترى أن ما يفعله ترامب من خلال الدفاع عن القاضي المناصر له وتصويره على أنه متهم زوراً "يعزّز الشعور لدى الرجال بأنهم ضحايا". في هذه الأجواء المقلقة، لا أعتقد أن رجلا سيرتاح للبقاء مع امرأة وحده لأن صدور اتهام عنها له بالتحرّش قد يقضي على مستقبله انتقام ويقول المحامي أندرو ميلتنبرغ الذي دافع عن مئات الشباب المتهمين في قضايا تحرّش جنسي غالبا في أوساط جامعية إن الخوف لدى الرجال لديه "قاعدة منطقية". فكثير من الاتهامات يكون دافعها انتقام صديقة قديمة أو زوجة سابقة، وغالبا ما يصدّق الناس النساء أكثر من الرجال في هذا النوع من القضايا، كما يقول. ويضيف "في هذه الأجواء المقلقة، لا أعتقد أن رجلا سيرتاح للبقاء مع امرأة وحده" لأن صدور اتهام عنها له بالتحرّش قد يقضي على مستقبله. لكن وفقا لأرقام وزارة العدل، لا تشكّل الاتهامات الزور التي رفعت أمام القضاء سوى ما بين 2% إلى 10% بالحدّ الأقصى. من جهة أخرى، يتعرّض الرجال للاغتصاب هم أيضا، ويشكّلون 10% من ضحايا الاغتصاب، كما أن 3% من الذكور الأميركيين تعرضوا لاغتصاب أو تحرّش. لذا تقول المنظّمات الأميركية المعنية بحقوق الإنسان إن الرجال الأميركيين أكثر عرضة لخطر الاغتصاب من خطر التشهير الزور بالاعتداء على امرأة، ولذا ينبغي عليهم أن ينضمّوا هم أيضا لحملة #أنا_أيضا، لا أن ينخرطوا في حملة مضادة بعنوان #هو_أيضا.
مشاركة :