منذ التشكيل الوزاري الأخير، ومقالات الكُتّاب لا تكاد تنفك عن طرحها لرؤاهم وتصوّراتهم لمستقبل الوزارات؛ في ظل أصحاب المعالي وزرائها الجدد؛ طمعًا في الدفعِ بحراك تلك الوزارات للأمام، وتحقيقِ منجز يعود نفعه على المواطن، الذي قامت تلك الوزارات لأجله في المقام الأول. من أصحاب المعالي الذين وَجَّه لهم الكُتّاب بعض مقالاتهم، معالي وزير الثقافة والإعلام د. عبدالعزيز الخضيري، حينما ناقشت تلك المقالات قضايا الأندية الأدبية ولائحتها المنتظَرة، وتحدثت عن فك الارتباط بين ركني الوزارة (الثقافة-الإعلام)، وعن وسائل الإعلام الرسمية، وضرورة التجديد فيها لتساير غيرها من الوسائل الإعلامية الأخرى، وغير ذلك من القضايا التي حفلت بها مقالات الكُتَّاب. واليوم سيدور مقالي هذا في الفلك نفسه (فلك الثقافة)، وسيكون عن اللجان الثقافية (الرسمية)، التي هي نماذج مصغرة للأندية الأدبية، تعمل تحت إشرافها ووفق برنامج معتمد من جهات الاختصاص، ولها مجلس إدارة منتخب يسيِّر أمورها، ويفعِّل برامجها. اللجان الثقافية كما يعلم معاليكم وُلدت نتيجة الحراك الثقافي الذي تشهده بعض المحافظات؛ ممّا استدعى مظلة رسمية لرعاية وتوجيه هذا الحراك، والمبررات نفسها استدعت قيام بعض المقاهي الثقافية كمقهيي بارق وألمع الثقافيين. ثم إن ولادة اللجان الثقافية جاء وفق المادة (29) الفقرة (3) من لائحة الأندية الأدبية التي نصّت على أن من مهام مجلس إدارة النادي الأدبي تكوين لجان ثقافية في المحافظات التي تكون في محيط النادي الأدبي. وعلى هذا قامت اللجان الثقافية -الرسمية منها- كلجان (القنفذة، والليث، والعُرضيَّات، وخليص) التابعة لأدبي جدة، وغيرها من اللجان كتلك التي تتبع أدبي أبها وغيره من الأندية الأدبية. لستُ في مقام الراصد لفعاليات ونشاطات تلك اللجان، لكنني أستشهد بلقاء تلفزيوني لمعالي الوزير السابق د.عبدالعزيز خوجة عندما امتدح اللجنة الثقافية بالقنفذة بقوله إن فعالياتها تفوق فعاليات بعض الأندية الأدبية. نأتي لبيت القصيد في هذا المقال، وهو أن هذه اللجان الثقافية تعاني من عوائق ومنها: أولاً- الدعم المادي الذي يصلها من الأندية الأدبية -مشكورةً- لا يكاد يفي بتنفيذ فعالياتها، لولا دعم بعض الموسرين. ثانيًا- ليس لهذه اللجان مقرات دائمة إنما هي عالة على بعض مؤسسات المجتمع المدني، ولم يخرج عن هذه القاعدة إلاَّ ثقافية القنفذة التي حصلت مؤخرًا على مقر بعد انتظار دام (5) سنوات. ثالثًا- البيروقراطية في اعتماد فعالياتها؛ إذ يُعَدُّ برنامج اللجنة للموسم الثقافي القادم منتصف شهر شعبان، ثم يمر بسلسلة طويلة من الإجراءات حتى يتم اعتماده، ومن ثم البدء بتنفيذه، وهذه السلسلة من الإجراءات تستغرق مدة زمنية لا تقل عن (4) أشهر، ولذا أرى أن يتم الاكتفاء باعتماد المحافظ أو النادي الأدبي، خصوصًا وهذه اللجان مؤسسات لها صفاتها الاعتبارية وتستطيع تحمّل مسؤولياتها. وهنا أضع اقتراحًا بين يدي معاليكم، وهو أن تخصص الوزارة لكل لجنة ثقافية (رسمية) ميزانية مستقلة؛ لأن ما يصلها من الأندية الأدبية -كما ذكرتُ آنفًا- لا يفي بالغرض لولا مساندة بعض مؤسسات المجتمع المدني، وبعض الموسرين، وهذا الاقتراح هو توصية (متكررة) لاجتماعات عديدة لرؤساء الأندية الأدبية، وأقترحُ ألاّ تقل الميزانية عن مئتي ألف ريال.. وذلك لكي لا يضمر الحراك الثقافي، وتُوأد المواهب الإبداعية في تلك المحافظات. وبعد.. فاللجان الثقافية تضطلع بما تضطلع به الأندية الأدبية من أدوار مثالية في خدمة المجتمع أدبيًّا وثقافيًّا وفكريًّا، مع الأخذ في الاعتبار فارق الإمكانات المادية التي هي بمثابة المؤشر لارتفاع أو انخفاض كم وكيف فعالياتها، ولذا فهي جديرة بوقفة (حاسمة) من معاليكم. Mashr-26@hotmail.com
مشاركة :