أزمة البرلمان تفاقم الضغط على المؤسسات العليا الجزائرية

  • 10/18/2018
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

الجزائر - فاقمت التطورات المستجدة في البرلمان الجزائري، من حدة الضغوط على مؤسستي الرئاسة باعتبارها السلطة السياسية الأولى في البلاد التي يذعن الجميع لأوامرها، وعلى المجلس الدستوري، باعتباره الهيئة القضائية العليا المخولة بحسم النزاعات القانونية، على غرار ما يقع في الهيئة المذكورة بين الرئيس والمناوئين له. ويتطلع المتابعون لتطورات أزمة البرلمان إلى مواقف مؤسستي الرئاسة والمجلس الدستوري (المحكمة الدستورية) للتدخل من أجل الفصل في الصراع الذي دخل أسبوعه الثالث بين رئيس الغرفة البرلمانية الأولى سعيد بوحجة وبين الكتل النيابية المناوئة له، لا سيما في ظل بلوغ حالة الاستقطاب نقطة اللاعودة. وفيما أعلن سعيد بوحجة، عن مراسلة الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، بوصفه رئيس الجمهورية ورئيس حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم للتدخل لحلحلة الأزمة المستفحلة، توجه مكتب المجلس ورؤساء الكتل النيابية المعارضة له، لإعلان حالة شغور منصب رئيس المجلس الشعبي الوطني، في ظل غموض تام حول قانونية الإجراء. وبرّر أعضاء المكتب هذه الخطوة بعدم قدرة بوحجة على أداء مهامه، داعين إلى جلسة استثنائية للمجلس الشعبي الوطني. وتدفع تطورات الأزمة خلال الأيام الأخيرة إلى وضع المؤسسة التشريعية في إطار قانوني غير مسبوق، لا سيما بعد إقدام العشرات من النواب على غلق المدخل الرئيسي لمبنى البرلمان في وسط العاصمة بالسلاسل الحديدية، والإصرار على إعلان حالة شغور منصب الرئيس. وكان رئيس الكتلة النيابية لحزب الحركة الشعبية الجزائري الشيخ بربارة، قد صرّح للصحافيين صباح الأربعاء، عن عقد لقاء لمكتب المجلس ورؤساء الكتل النيابية المعارضة لبوحجة، من أجل إعلان حالة شغور منصب الرئيس، والدعوة إلى جلسة عامة يديرها النائب الأكبر سنا (الحاج العايب)، قبل أن تتم الدعوة إلى انتخاب رئيس جديد للمجلس في غضون الـ15 يوما الموالية، وفق ما تمليه التشريعات الداخلية للهيئة. وينتظر أن يكون المجلس الدستوري أمام حالة إخطار رسمية حول الوضع المتأزم في المؤسسة التشريعية الأولى، وسيضطر إلى الرد على الإخطار، مما سيفاقم حالة التجاذب الداخلي، لأن واحدا من الطرفين سيكون متضررا من القراءة التي ستردّ بها المحكمة، ولا يستبعد أن تكون خارج الإرادة السياسية لهرم السلطة. واستمر الأربعاء اعتصام العشرات من النواب أمام المدخل الرئيسي لمبنى البرلمان، وبقي الباب الرئيسي موصدا بالسلاسل الحديدية، في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ البلاد والمؤسسة وسط حالة من الغضب والاستهجان الذي عبر عنه مواطنون عاديون وفضوليون استنكروا سلوك النواب وأبدوا مساندتهم لرئيس المجلس سعيد بوحجة. قانون البرلمان يحصر حالة الشغور في أوضاع الوفاة أو العجز أو الاستقالة، وهو ما لم يتوفر لحد الآن للنواب المعارضين ويحصر قانون المجلس الشعبي الوطني حالة الشغور في أوضاع الوفاة أو العجز أو الاستقالة، وهو ما لم يتوفر لحد الآن للنواب المعارضين، في ظل تمسك الرجل بمنصبه وصموده بوجه الضغوط الممارسة عليه، وكان آخرها رفع الغطاء السياسي عنه وإحالته على لجنة الانضباط الحزبية. وأجمعت قوى سياسية معارضة ومحايدة على أن إقدام أحزاب الموالاة على المضي في تنفيذ الانقلاب الأبيض على رئيس المجلس الشعبي الوطني، يمثل انحرافا غير مسبوق في مؤسسات الدولة، واستعداد اللوبيات المستحوذة على السلطة للمقامرة باستقرار وسمعة المؤسسات الرسمية من أجل تحقيق أغراضها الضيقة. وذكر رئيس حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية المعارض محسن بلعباس في تدوينه له على صفحته الشخصية في فيسبوك أن “ما يقوم به نواب الموالاة هو انقلاب أبيض على رئيس شرعي والتخطيط لانتخاب رئيس جديد للهيئة التشريعية يكون على مقاسهم، وأن ذلك يمثل انحرافا سلطويا غير مسبوق، ولا يمكن لأي مواطن القبول بهذا الوضع ولا يمكن بأي حال من الأحوال تبرير هذا الانقلاب”. وفي سياق مماثل، ذهب رئيس حركة مجتمع السلم عبدالرزاق مقري إلى “دعوة الشعب الجزائري لاتخاذ موقفه تجاه هذا الانزلاق، والحيلولة دون سقوط السقف على الجميع”، في إشارة إلى إخراج الأزمة من أسوار البرلمان إلى الشارع، لا سيما وأن مواطنين عاديين استنكروا غلق أبواب البرلمان والإطاحة برئيسه. وقالت حركة “حمس” في بيان لها أصدرته الأربعاء إن “التصرفات غير الأخلاقية وغير القانونية التي تجري في المجلس الشعبي الوطني، والتي وصلت إلى حد استعمال السلاسل وقطع الطريق والعنف اللفظي، تمثل وصمة عار في وجه نواب الموالاة وأحزابهم ومن يقف وراءهم”. وأضافت “وهي للأسف الشديد لا تدين هؤلاء فقط، بل تزهد الجزائريين في الفعل السياسي وتزيد في احتقارهم للبرلمان والنواب، بل إن هذه التصرفات تضع الجزائر بكاملها عرضة للسخرية والإذلال أمام الرأي العام العالمي ولدى الدول الأخرى”. وتابعت “لا شك أن منظومة الحكم بنيت كلها على الانقلاب والتزوير والغش وتعميم الفساد، غير أنه خلافا لما يحدث في هذه الشهور الأخيرة من العهدة الرابعة كان أصحاب القرار يجتهدون للمحافظة على الأشكال ويحرصون على التفسيرات والتخريجات القانونية لدعم ممارساتهم غير الديمقراطية”. ولفتت إلى أن “ما يحدث في المجلس الشعبي الوطني، مجرد حالة من أعراض مرض عميق تمدّد في جسم الدولة أفقدها الهيبة والاحترام وسلمها للعابثين والفاسدين والبلطجية”. وتعمّدت الحركة تحريض الشعب على النزول إلى الشارع قائلة “بالنظر إلى هذه الأوضاع يتوجب على الشعب تحمل مسؤوليته، وألا يبقى متفرجا حتى ينزل السقف على الجميع. على الشعب الجزائري أن ينخرط في المعركة السياسية السلمية ضد هذا العبث بالدولة وبالوطن، وأن يسند الوطنيين النزهاء من النواب والمنتخبين والسياسيين ونشطاء المجتمع المدني الذين بقوا ثابتين في طريق التغيير والإصلاح ولم يتورطوا في الفساد وبيع الذمم”.

مشاركة :