عقود زواج مزورة تهدد كيان أسر مصرية

  • 10/18/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

عهد المصريون المأذون رجلا وقورا متقدما في العمر قليل الكلام يرتدي الجبة والقفطان ومن خريجي التعليم الأزهري، خاصة كلية أصول الدين. يلمحه المدعوون داخل موقع عقد القران لدقائق أثناء إلقاء الخطبة الشرعية المتعارف عليها، ثم يختفي من الصورة تماما بعد قيامه بمهامه. مع مرور الوقت دخل إلى المهنة منافسون جدد من خريجي كليات مختلفة، واختلفت هيئة أغلبيتهم عن الشكل المألوف، فارتدوا أزياء عادية، وربما من أحدث أزياء الموضة، تحت مبرر أنهم ليسوا أزهريين. وجاءت واقعة مأذون ذاع صيته بعد أن انتشرت له مقاطع مصورة على صفحات التواصل الاجتماعي، لتحوّل المهنة من طابعها الجدي إلى مادة هزلية نظرا لمرحه أثناء ترديد صيغة عقد القران، فأطلق عليه لقب المأذون “الفرفوش” أو المضحك. ولاقت ممارسات “المأذون المهرج أو الفرفوش” ترحيب البعض من الأسر، بينما اعتبرها آخرون إخلالا ببوقار المهنة، ما دفع نقيب المأذونين إلى البحث عن اسمه في المحاكم المصرية. وكانت الصدمة عندما صرح إبراهيم علي سليم، المتحدث باسم صندوق المأذونين الشرعيين أن خالد خليفة، الملقب بالمأذون “الفرفوش” لا ينتمي للمهنة وليس مسجلا من قِبل وزارة العدل المصرية، وقيامه بإبرام عقود الزواج غير قانوني، وتقدم ببلاغ إلى النائب العام لاتخاذ الإجراءات القانونية ضده، خاصة أنه قدّم نفسه للإعلام على أنه مأذون ومعه شهادة بذلك. وكشفت الحادثة عن ظاهرة جديدة تهدد الحياة الأسرية، حيث صرح إسلام عامر نقيب المأذونين المصريين، بوجود أكثر من أربعة آلاف شخص ينتحلون صفة المأذون بما يعادل عدد المأذونين الرسميين، مازالوا يعملون دون رقابة ويربحون مبالغ طائلة. وقال مصدر بنقابة المأذونين لـ”العرب” “تم رصد الآلاف من الزيجات التي اكتشف أصحابها بعد مرور سنوات على الزواج وإنجاب أطفال أن عقود زواجهم غير موثقة لدى المحكمة، وبالمثل شهادات الطلاق، ما يعرضهم للمساءلة القانونية”. وأضاف أن الشهور الماضية شهدت محاضر مقدمة لمحكمة الأسرة لتزوير وثائق الزواج من جانب المأذونين، مقابل هدايا ومبالغ مالية يحصلون عليها. وأوضح أن النقابة أعدت قائمة بالمأذونين المزيفين وأبلغت الجهات المختصة. مشكلة عدم توثيق عقد الزواج، يقود إلى قدرة الزوجين على إثبات حقوقهما المدنية والشرعية ومن ثمة النسب وقالت هالة الغول، إحدي ضحايا ظاهرة المأذون المحتال، لـ”العرب” إنها تعيش كابوسا بعد اكتشاف أن وثيقة زواجها مزورة، ووفقا للقانون فهي لا تزال عزباء، مع أنها أم لطفلتين. وبعد أن رزقت بطفلتين تم تسجيلهما بالوحدة الصحية، دون أن يُطلب منهما تقديم وثيقة الزواج، واكتشفت الزوجة بالمصادفة أن وثيقة زواجها مزورة، عندما توجهت إلى إحدى المصالح الحكومية لاستيفاء أوراقها للحصول على شقة بمشروعات الدولة للسكن الاجتماعي. وتكررت الأزمة ذاتها مع أمل فتحي، التي تزوجت للمرة الثانية بعيدا عن قريتها، وفوجئت في ما بعد بأن وثيقة الطلاق من زوجها الأول غير موثقة في المحاكم الشرعية أو الأحوال المدنية، وعندما ذهبت إلى المأذون الذي قام بإجراءات الطلاق لم تجد له أثرا. وأوضحت فتحي لـ”العرب” أنها متهمة بالجمع بين زوجين وتزوير أوراق رسمية، وهو ما يعرضها للمساءلة والحبس. وتعتبر وثيقة الزواج أو الطلاق غير الموثقة بالسجلات الحكومية في مصر مزورة وتضع أصحابها تحت طائلة القانون بتهمة التزوير. وأوضح بهاء محمد، مأذون بالقناطر الخيرية بمحافظة القليوبية (شمال القاهرة)، أن الظاهرة انتشرت في السنوات الأخيرة، خاصة في الأحياء الشعبية والمناطق الفقيرة. وأشار إلى أن المأذون “المزور” يروج لنفسه من خلال إعلانات ورقية أو مواقع التواصل، وانخفاض أسعاره، ولا يخطر ببال الشباب أنه “مزيف”، وبالمثل العقد الذي سيكتبه. وامتلك بعض المأذونين المزورين أختاما ومحررات رسمية حصلوا عليها بطرق غير مشروعة، فيعقدون القِران بقسيمة مختومة بخاتم رسمي ويحصلون على أجرهم، ويحصلون على رسوم التوثيق دون توثيق الزواج أو الطلاق في السجلات الرسمية. وشرح محمد لـ”العرب” أن الزواج من الناحية الشرعية صحيح مادامت شروطه مستوفاة، لكن المشكلة في عدم توثيق العقد وعدم قدرة الزوجين على إثبات حقوقهما المدنية والشرعية ومن ثم النسب. ولا تقتصر مشكلة عقود الزواج غير الموثقة على المسلمين، فقد كشفت إحدى القبطيات، وتدعى إيزيس لـ”العرب” أنها ذهبت لتجديد بطاقتها الشخصية فاكتشفت أن عقد زواجها لم يتم توثيقه من قبل كاهن الكنيسة التي أقامت فيها الزواج. وعرفت إيزيس أن زوجها تسلم عقد زواجهما من دون توثيقه، وعندما طالبته باللجوء إلى الكنيسة لتصحيح الوضع تهرب من ذلك. وعلمت إيزيس أن زوجها يعاني من مرض نادر ويعلم بقرب وفاته، وهو لا يرغب في أن تحصل زوجته على شيء من تركته بعد وفاته، وهو ما حدث بالفعل ورفضت المحكمة حصولها على أي مستحقات مالية من ميراث الزوج، عقب الوفاة. وأكد علاء أبوالعينين الخبير القانوني، لـ”العرب” أنه من السهل خداع المواطنين، بسبب صعوبة إثبات تزوير العقود كونها متطابقة إلى حد كبير مع وثائق الزواج الصحيحة وممهورة بختم الدمغة، ولا يشك الزوجان في تزويرها أو عدم توثيقها. ودفع انتشار وقائع التزوير مؤخرا وزارة العدل إلى تأمين وثيقة الزواج والطلاق بمواصفات خاصة مصحوبة بعلامات مائية وأرقام كودية بشكل يمنع التلاعب فيها أو تقليدها أو التعديل عليها، وتم بالفعل العمل بالوثيقة الجديدة. ونصح أبوالعينين المقبلين على الزواج بالاطلاع على البطاقة الشخصية الخاصة بالمأذون والتأكد من وظيفته وبعد الحصول على وثيقة الزواج يجب الاستعلام عنها بالسجلات الرسمية.

مشاركة :