قد يكون الوفد العراقي الإعلامي المشارك في البطولة الرباعية في المملكة العربية السعودية هو الأكبر بتاريخنا الإعلامي، إذ لم يسبق لأي مشاركة عراقية خارجية باسم أي مسمى مؤسساتي (وزارة الشباب والرياضة أو الأولمبية أو اتحاد القدم وغيرها) أن تمكنت من إعداد وفد كبير يليق باسم العراق، فقد فاق العدد مائة صحفي وإعلامي من مختلف المحافظات العزيزة التي كحّلت الوفد بأسماء ووجوه ممثلة حقا -بنسب معينة- لمحافظاتها (من بغداد والبصرة وأربيل والموصل والرمادي وكربلاء...، وبقية المحافظات)، وإعلامها الملبّي لدعوة كريمة من تركي آل الشيخ رئيس هيئة الشباب والرياضة السعودي بالتعاون مع اتحادنا الكروي الذي كان حلقة وصل سهّلت مهمة الوفد من خلال تكليفهم الزملاء (د.عدنان لفتة رئيسا للوفد، ومحمد إبراهيم منسقا بين البلدين الذي أدى مهمته بأصالة وإحساس وطني عالي المسؤولية، وحسين البهادلي متابعا لشؤون سفر أعضاء الوفد وقد كان جنديا مجهولا بكل معنى الكلمة، قدم ما يستحق التقدير والثناء). بمعزل عن الآراء التي قيّمت تسمية أعضاء الوفد ومهامه وما قام به (ذلك راجع كل لخلفيته ورأيه ودوافعه المحترمة)، وإن كانت بعض الأطروحات متشنجة، إلا أننا نعدها حق تعبير مكفول، فعلينا ألا نتطيّر مما قيل هنا وهناك لدوافع وعلل قد تكون مختلفة، بل نتقبلها بصدر رحب ونأخذها على محمل حسن، نأمل معالجتها في مرات ومناسبات لاحقة، وهذا يعد من فوائد التقييم والدراسة لتجارب بنائية تهمنا أن تكون بمستوى عالٍ، وإن لم تبلغ مثالية تبقى لله جل وعلا وحده. على صعيد فن العلاقات، فإن الدعوة السعودية كانت كريمة منسجمة مع الاتجاه الجديد بالانفتاح العربي مع العراق وما يتطلب من ضرورات ومهام ورؤى جديدة تنسجم مع الواقع والتطلع والمستقبل، بروح ملؤها الإحساس العربي العربي والإيمان بأهمية الملفات الدبلوماسية الناعمة وتأثيراتها المتوقعة على مجمل الملفات والعقد الأخرى مهما كانت شائكة، لظروف لا يمكن مناقشتها على طاولة السياسة التي تعد الإمكان والمصلحة وعدم اليأس من شروط نجاحها، ما يعطي للإعلام والرياضة والشباب والفن قوة وأهمية لتحقيق أهداف ومصالح يمكن أن يطلق عليها بالعليا.. وهنا لب القصيد الذي فكر به الجانب السعودي وكذا العراقي بواجب يمكن له الإسهام بتحسين العلاقات العراقية السعودية التي تعد بوابة للعلاقات العراقية العربية، وما تعنيه من تطلع إلى مرحلة جديدة نأمل ان تصب بصالح البلدين الشقيقين. في واحدة من تجارب فن القيادة، نشد على يد الاتحاد العراقي في تسمية الزميل الدكتور عدنان لفتة رئيسا لوفد كان فيه محطا للأنظار، ونجح بدرجة امتياز وفخر عراقي لقيادة وفد كبير جدا. هالني في الدكتور لفتة طريقة تعاطيه السهل الممتنع بتلقائية خبرتها الحياة والمهنية لإدارته التي خلت من الأوامر إطلاقا، مكتفيا بالابتسامة والتوجيه وحسن النية، معتمدا على ثقته بزملائه روادهم وشبابهم الذين كانوا على قدر كبير من التحلي بالمسؤولية رغم تلون مشارب مرجعية مؤسساتهم، إلا أن د.عدنان نجح في صهرهم ببوتقة مهنية وطنية بحتة، أثبت فيها الجميع، سيما الشباب منهم، جدارتهم بأداء الواجب والتحلي بمسؤولياته، كما اختط لفتة أسلوبا جديدا في فن القيادة أعتقد انه سيكون فخرا وأنموذجا لمن يريد النجاح بعيدا عن (الفخفخة الفارغة والغرور الفاضي) وغيرها من أمراض العصر المستشرية بعقول البعض ممن أسهموا بهدم الوطن، فيما الكثير من الأكفاء والأخيار مازالوا مهمشين. هنا تكمل واحدة من ضرورات ورسالية وفد إعلامي كبير لبى دعوة كبرى من أشقاء سعوديين لإخوانهم العراقيين، بحثا عن منافذ مشتركة لإرساء قواعد عمل ورؤى أحدث؛ من أجل فك وهدم أي عقد قديمة كانت او جديدة.
مشاركة :