ألقى فضيلة الشيخ الدكتور / عبدالباري بن عواض الثبيتي – ( إمام وخطيب المسجد النبوي ) خطبة الجمعة اليوم ، أكد فيها أن آية الكرسي أعظم آية ؛ لأنها جمعت أصول الأسماء والصفات ، وبينت قدرة الله العظيمة . ” اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ ” قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً, فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ” ؛ فهو سبحانه الحق ، قوله الحق ، ووعده الحق ، ودينه حق ، وكتابه حق ، وما أخبر عنه حق ، وما أمر به حق ؛ الحق في ذاته وصفاته كامل الصفات والنعوت ، فهو الذي لم يزل ولا يزال بالجلال والجمال والكمال موصوفاً ولم يزل ولا يزال بالإحسان معروفاً . ” الْحَيُّ الْقَيُّومُ ” فهو الحي الذي لا يموت ولا يبيد ؛ له الحياة الدائمة والبقاء ، الذي لا أول له يحد ولا آخر له يؤمد ؛ والقيوم متضمن كمال غناه وكمال قدرته فإنه القائم بنفسه ، وهو المقيم لغيره ، فلا قيام لغيره إلا بإقامته ، فانتظم هذان الاسمان صفات الكمال ، وإذا تدبر المسلم وأدرك أن ربه هو ” الْحَيُّ الْقَيُّومُ ” ؛ اطمأن قلبه وسكن ؛ فقد كُفي هم التدبير ووُقي الشرور والآثام . ” لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ ” فهو جل علاه منزه عن كل نقص وعجز وعيب مما في عباده ، يشهد بذلك انتظام الكون ، وسيرورة الحياة ، ومعاش الخلائق . ” لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ ” كل شيء فيهما تحت ملكه وقدرته وتقديره وفضله وتفضيله وحكمته ، أفلاك وعوالم عظيمة ؛ هو الخالق لهما ومالكها وإلهها لا إله سواه ولا رب غيره . ” مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذنِهِ ” قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ خَالِصًا مِنْ قَلْبِهِ أَوْ نَفْسِهِ ” . ” يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء ” فهو سبحانه السميع البصير العليم الخبير ؛ يرى دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء ، ويرى نياط عروقها ومجاري القوت في أعضائها . ” وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ ” ما أعظم الله ؛ الإله الكبير المتعال ؛ جلت قدرته سبحانه ؛ إذا كان هذه حالة الكرسي أنه يسع السموات والأرض على عظمتهما وعظمة من فيهما ، فكيف بعظمة خالقها ومبدعها ، فهو سبحانه الواسع في علمه ، وهو الواسع في غناه ، وهو الواسع في فضله وإنعامه وجوده ، وهو الواسع في قدرته ، الواسع في حكمته وهو الواسع في مغفرته ورحمته . ” وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا” كل شيء في الكون في حفظ الله ، فهو سبحانه الحافظ الحفيظ الذي يحفظ أعمال المكلفين ، وهو الحفيظ لمن يشاء من الشر والأذى والبلاء ومنه الدعاء الذي علمنا إياه رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” اللّهُـمَّ أحْفَظْـني مِن بَـينِ يَدَيَّ وَمِن خَلْفـي وَعَن يَمـيني وَعَن شِمـالي ، وَمِن فَوْقـي ، وَأَعـوذُ بِعَظَمَـتِكَ أَن أُغْـتالَ مِن تَحْتـي ” . وذكر فضيلته : آية الكرسي غنيمة للمسلمين ونعمة من أعظم نعم الله تعالى عليهم ؛ فهي من آكد أذكار الصباح والمساء التي يتأكد بها حفظ الله ، وفيها قال صلى الله عليه وسلم : مَنْ قَرَأَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ دُبُرَ كُلِّ صَلاةٍ مَكْتُوبَةٍ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ، إِلا الْمَوْتُ ” ، وإذا قرأتها عند النوم ؛ ” لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ وَلَا يَقْرَبُكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ ” . وفي الخطبة الثانية بين فضيلته : أنه حين يكثر الكلام ، ويمتلئ الفضاء بالقيل والقال ؛ فإن الواجب على المسلم أن يزن ما يبصر وما يسمع وما يقول بميزان الشرع والعقل ، فإذا وجدت الكلمة تطفئ فتنة ، وتبعث أملاً ، وتحفظ أمنا وتعزز اطمئنانا وتئد بلبلة ، وتسد باب فتنة ، وتغلب مصلحة الوطن وتقوي لحمة الأمة وتحفظ لولاة الأمر حقوقهم ، فتلك كلمة طيبة . وإذا كانت الكلمة تؤجج فتنة ، وتخل بالأمن وتثير بلبلة وتهز الثقة بولاة الأمر ، وتخدش مقام العلماء وتصدع البناء ، وضد مصالح الوطن ، فتلك كلمة خبيثة وأدها في مهدها أولى وهجرها مسلك أسمى . والمملكة العربية السعودية قوية البنان راسخة في الوجدان ؛ النيل من شموخها ذل ومن عاداها هُزم وذل ، والعمل على حفظ أمنها وأمن الحرمين وصد السهام المغرضة وتعزيز وحدتها ؛ واجب شرعي، ومطلب العقلاء . واختتم فضيلته الخطبة بالدعاء للإسلام والمسلمين وأن يصلح أحوالهم ويقوي عزائمهم في كل مكان وأن وينصرهم بنصره، ويتقبّل شهداءهم، ويشفي مرضاهم، ويجبر كسيرهم، ويحفظهم في أهليهم وأموالهم وذرياتهم ، كما دعا فضيلته : اللهم فرج كربهم وارفع ضرهم وتولى أمرهم وعجل فرجهم واجمع كلمتهم يا رب العالمين ، اللهم احفظ خادم الحرمين الشريفين وولي عهده ، اللهم احفظ ولاة أمور المسلمين وأعز بهم الدين ووفقهم لما فيه خير للإسلام والمسلمين ، ولما فيه صلاح البلاد والعباد يا رب العالمين .
مشاركة :