«السكراب».. نموذج صارخ لفوضى الأسعار وغياب الرقابة

  • 10/20/2018
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

تحقيق: محمد الفاتح عابدين معاناة ما بعدها معاناة، يجدها من تقوده قدماه إلى بعض محال السكراب من أجل شراء قطعة أو استبدال أخرى، حيث يفاجأ بتلك الأسعار التي لا تقل كثيراً عن نظيرتها الجديدة، مع غياب كامل لخدمات ما بعد البيع، والاكتفاء بضمان صوري ينتهي قبل أن ينتهي تركيب بعض القطع، ما يضع أصحاب الكراجات في مشكلة مع الزبائن الذين يكتشفون الأعطال بعد انتهاء الضمان. سوق قطع غيار السيارات المستعملة، يعتبر من الأسواق الكبيرة على مستوى الدولة، وطالب عدد من السائقين الذين تعاملوا مع بعض محال السكراب، الجهات الاقتصادية وحماية المستهلك التدخل لوقف تجاوزات أصحاب تلك المحال التي يعتمد عملها بشكل أساسي على بيع قطع الغيار المستعملة للزبائن وفق حاجة كل منهم، بعد أن رصد المترددون عليها ممارسات خاطئة تستوجب التدخل الفوري من قبل الجهات المختصة، لاسيما أن تلك التجاوزات تتخطى عمليات البيع بأسعار باهظة تكاد تقترب من أسعار القطع الجديدة، أو بيع قطع تالفة من الأساس وتوريط المشتري بدفع قيمتها.يستغل القائمون على تلك المحال حاجة الزبون للقطعة وبيعها إياه بمبلغ عال، ليكتشف بعد تركيبها أنها لا تعمل بالشكل المطلوب، وعند محاولة إرجاعها يرفض صاحب محل السكراب إرجاع القطعة التي تكبد مشتريها خسارة تركيبها ومن ثم فكها، مما يضاعف من معاناته المادية، حيث يستغل الباعة وضع المشتري وحاجته للقطع وبيعها إياه دون ضمان يذكر. ويروي الكثير من رواد محال السكراب قصصهم والمواقف التي تعرضوا لها وكانت نتيجتها خسارة المال والوقت، يقول أحدهم: تعطلت مركبتي، وقمت بعرضها على إحدى الورش، حيث طلب مني العامل شراء بعض القطع والعودة إليه، ولكن تلك القطع لم تكن متوفرة في متاجر بيع قطع الغيار الجديدة، مما اضطرني إلى شرائها من أحد محال السكراب، وبعد تركيبها تبين أنها لا تعمل، فحاولت إرجاعها، خاصة أن قيمتها تفوق الألف درهم، إلا أن طلبي قوبل بالرفض، بحجة أن المحل نفسه لا يضمن صلاحية القطعة من عدمها.وقال: أقترح أن تقوم الجهات المختصة بتنظيم سوق بيع قطع الغيار المستعملة، حيث يشهد هذا القطاع نشاطاً كبيراً ومشكلات أكبر سببها غياب التنظيم الحقيقي الذي يضمن مصلحة الطرفين. نصف مليون وقال آخر إنه يمتلك سيارة يزيد سعرها على نصف مليون درهم، وكان بها عطل بسيط اضطره إلى شراء إحدى القطع من محل لبيع قطع الغيار المستعملة، من هنا بدأت فصول المأساة التي انتهت باحتراق محرك المركبة بعد أن باعه العامل جهاز تنظيم تدفق للكهرباء تقل حمولته عن حمولة مركبته التي لم يتحمل الجهاز قوة ضخ الكهرباء فيها، فاحترق وأحرق معه مجموعة من القطع وقدرت تكلفة إصلاح المركبة بأكثر من أربعين ألف درهم، مما دفعني إلى بيعها بقيمة تقل عن ربع سعرها الحقيقي. ودعا جميع أصحاب المركبات إلى الابتعاد عن شراء قطع الغيار المستعملة أو التجارية التي تباع في محال السكراب، لأنها غير مضمونة، ويصعب التكهن بمدى صلاحيتها وقدرتها على تقديم الأداء المطلوب منها. الورش الصغيرة في المقابل، يقول صاحب أحد محال السكراب الشهيرة في مدينة العين إن قطاع بيع قطع غيار السيارات المستعملة بحاجة إلى تنظيم، بسبب ممارسات بعض أصحاب الورش الصغيرة التي يتاجر العاملون فيها ببعض القطع التي أوهموا أصحابها بأنها غير صالحة للعمل، ولا بد من إحلالها بأخرى، ونظراً لعدم معرفة الزبون بوضع العطل، فهو يبادر إلى شراء قطعة جديدة تاركاً القديمة لدى الورشة التي تقوم ببيعها إلى زبون آخر.وأضاف أن هذه الورش غير مرخص لها بيع قطع الغيار المستعملة ولكنها تبيعها، وأشار إلى نقطة أخرى، وقال إن بعض الزبائن يقومون بشراء القطعة واستخدامها، وعندما تتعطل يتهمون المحل بأنه باعهم قطعة معطوبة، وتبدأ الخلافات بين الطرفين، وعادة ما تنتهي لمصلحة الزبون، بعد أن يحسم صاحب المحل الخلاف، ويتكبد هو الخسارة تفادياً لتطور الأمور أو تصعيدها. وأشار إلى نقطة غاية في الأهمية، وهي قيام بعض محال السكراب ببيع قطع غيار استهلاكية ضمن القطع المستعملة التي يبيعونها مثل بطانات المكابح على سبيل المثال، وهي قطع لا ينصح باستخدامها مرة أخرى بعد فكها، حيث إنها قد تكون مستهلكة وبحاجة إلى استبدال، وهو وضع يؤثر بشكل كبير في مدى فعاليات نظام المكابح، وقد يعرض السائق ومن معه للخطر في حال ضعف فعالية القطع المركبة. سبب وجيه وفي معرض تبريره لارتفاع أسعار قطع غيار السيارات في محال السكراب، قال صاحب أحد تلك المحال إن هناك سبباً وجيهاً لارتفاع أسعار القطع لديهم، موضحاً أن القطع التي يتم بيعها يمكن اعتبارها ذات جودة أعلى من نظريتها المتوفرة في الأسواق، وخاصة الأصلية منها، مدعياً أن خطوط إنتاج السيارات تستخدم قطعاً أكثر تحملاً للسيارات الجديدة، وأن خطوط الإنتاج التي تنتج القطع نفسها لبيعها كقطع غيار تكون جودتها أقل، وهو ما يفسر بالنسبة له سرعة تعطل تلك القطع بعد فترات زمنية بسيطة من استخدامها، بعكس القطعة نفسها التي تأتي السيارة مزودة بها من المصنع، والتي قد تتعطل بعد فترات أطول بكثير من بدء استخدامها. تدار بشكل إلكتروني من جانبه يقول مسؤول قطع الغيار في إحدى وكالات السيارات الشهيرة: حتى أعوام قليلة مضت، كانت محال بيع قطع الغيار المستعملة تعتمد في مبيعاتها على بيع قطع محددة محصورة في أجزاء من هياكل المركبات والتجهيزات الداخلية للمركبات، من كراسي ونوافذ وغيرها من القطع البسيطة التي تكون أسعارها باهظة للغاية في الوكالات، إلى جانب عدم توفرها، واضطرارنا لطلبها من المصنع مباشرة في بعض الأحيان، الأمر الذي يستغرق وقتاً طويلاً، ربما يزيد على الشهر. ومع التقدم الذي شهدته صناعة السيارات في العالم، أصبح الكثير من القطع التي تباع في محال السكراب ويكثر الطلب عليها تدار بشكل إلكتروني وأكثر تعقيداً، بحيث لا يكفي مشهدها الخارجي أو الاختبارات السطحية التي يتم إجراؤها عليها لمعرفة مدى صلاحيتها من عدمه، حيث يتطلب الأمر أجهزة متخصصة للفحص لا تتوافر في تلك المحال، الأمر الذي يزيد من حجم المخاطر التي يتعرض لها المشتري، والتي قد تتجاوز الخسائر المادية، وتطال تعريض حياته وحياة غيره للخطر في حال لم تعمل القطعة بالشكل المطلوب، وتسببت في تعطيل أنظمة أخرى في المركبة. مواجهة الضمان الصوري يتناول أبوعلي صاحب إحدى ورش إصلاح السيارات مسألة غياب الضمان عن القطع التي يتم شراؤها من محال السكراب، حيث تتراوح فترة الضمان ما بين يومين إلى أسبوعين بحسب نوعية القطعة، وعادة ما تنتهي فترة الضمان وعملية إصلاح المركبة لاتزال جارية، ما يعرضنا للاصطدام مع الزبائن الذين يكتشفون عطل القطعة بعد انتهاء فترة الضمان الصوري الذي منحه إياه صاحب محل السكراب، وعليه فإنني أقترح على الجهات المختصة إلزام تلك المحال بفترة ضمان لا تقل عن شهر، خاصة أنهم يتقاضون مبالغ طائلة مقابل القطع التي يبيعونها لنا. التهرب من التأمين بحسب عبدالمنعم محمد صاحب ورشة لتصليح السيارات يقول: إن شراء بعض القطع من محال السكراب يأتي بناء على رغبة الزبون الذي غالباً ما يكون متسبباً بحادث مروري، وإن نوع تأمينه لا يتحمل تكاليف إصلاح مركبته، ومن هنا نقوم بشراء بعض القطع من محال السكراب للتوفير على صاحب المركبة، خاصة أن أسعار القطع من الوكالات عادة ما تكون باهظة الثمن إلى جانب صعوبة إيجاد البعض الآخر من القطع، وأسعار محال السكراب لاتزال تخضع لأهواء أصحاب المحال ولا توجد جهة تنظيمية تقوم بوضع يدها على الأسعار وتعمل على تنظيمها، لاسيما أن هناك قطعاً تباع بأسعار لا تختلف كثيراً عن الجديدة. وطالب الجهات المختصة بإيجاد مزيد من التنظيم لسوق قطع الغيار المستعملة، حيث يعتبر السوق كبيراً، ولكنه بحاجة إلى تنظيم يضمن للمترددين حقوقهم.

مشاركة :