قالت مضاوي الرشيد -بروفيسورة ومؤرخة سعودية- إن على المملكة أن تستبدل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، من أجل إنقاذ سمعتها، وتفادي تحولها إلى دولة منبوذة في أعقاب مقتل الصحافي السعودي المعارض جمال خاشقجي.أضافت الكاتبة -في مقال بصحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية- أن أفعال بن سلمان المندفع من حرب اليمن إلى خلاف كندا انتهاء بقتل خاشقجي، جعلت المملكة على أعتاب التحول إلى دولة منبذوة، مشيرة إلى أن آل سعود لا شك يدركون أن الموقف لا يمكن أن يستمر. وتابعت الكاتبة قائلة إن العائلة الحاكمة في الرياض ستتخذ إجراءات حاسمة إذا كانت أذكية، على رأسها الإطاحة بولي العهد، والاعتراف بمسؤولية قتل الصحافي البارز، ثم مواجهة التبعات، أما إذا كانت المملكة تريد أن تصبح عضواً محترماً في المجتمع الدولي، فإن النظام فيها يجب أن يتخذ خطوات للتحول إلى ملكية دستورية. وذكرت الرشيد أن فكرة استبدال سلمان لولي عهده الحالي بأمير جديد أقل صخباً قد تبدو غير واقعية، لكنها حدثت من قبل، فقد أطاح الملك سلمان خلال 3 أعوام بأخيه مقرن وابن أخيه محمد بن نايف من ولاية العهد بأمر ملكي. وأشارت الكاتبة إلى أن تاريخ المملكة يشهد أمثلة مشابهة لتصرفات بن سلمان. ففي ستينيات القرن الماضي، تحول الملك سعود بن عبدالعزيز إلى مصدر إحراج للعائلة الحاكمة، بسبب تبديده الثروة، وتخطيطه لاغتيال قادة عرب مثل جمال عبدالناصر، ثم رفعه علم القومية العربية، ومناهضة الإمبريالية فيما بعد. وقالت الكاتبة إن المملكة في ذلك الوقت كانت على حافة الإفلاس، بالإضافة إلى قلق الولايات المتحدة من الوضع الداخلي، كما أن عدداً من الأمراء -يقودهم طلال بن عبدالعزيز- خرجوا إلى المنفى في بيروت والقاهرة، وطالبوا بإقامة ملكية دستورية. هذا الوضع -تتابع الرشيد- جعل من سعود شخصية غير مرغوب فيها داخل الأسرة الحاكمة، التي تحركت بقيادة ولي العهد الأمير فيصل لإجبار الملك على التخلي عن العرش، وهو ما حدث. ودعت الكاتبة الملك سلمان والعناصر المعتدلة داخل آل سعود إلى تغيير بن سلمان بطرق سلمية، مشيرة إلى وجود عدة مرشحين مؤهلين يمكن أن يحل أحدهم محل الأمير الكارثي، مثل الأمير أحمد بن العزيز، الذي يمكن أن يساعد المملكة في إعادة تأسيس إجماع داخل الأسرة الحاكمة، بعد أن تبدد على يد ولي العهد الحالي. واقترحت الكاتبة شخصاً آخر، وهو الأمير محمد بن نايف، الذي أطيح به وأذل قبل عام، ثم هناك أيضاً الأمير متعب بن عبدالله، الرئيس السابق للحرس الوطني. وأضافت أن سمعة بن نايف قد لا تمكنه من حشد دعم داخل العائلة الحاكمة والعامة، بسبب قسوته، ونشره الخوف في المجتمع إبان ولايته في وزارة الداخلية. وأشارت الرشيد إلى أن الأمير متعب -على العكس من ذلك- لا يرتبط اسمه بالقمع، ويتمتع بشعبية بين المجموعات القبلية المنضوية تحت الحرس الوطني، إذ يمكن لهذا الأمير أن يعيش على حساب سمعة والده كعراب للمملكة، وفي حال استعمل مبدأ الأبوية كأبيه الراحل الملك عبدالله، فربما يستطيع بناء الثقة مجدداً داخل قبيلته. ورغم عدم وضوح ما تفكر فيه الأسرة الحاكمة، إلا أنه من غير الواضح أيضاً ما إذا كان سلمان يدرك حجم الضرر الذي يشكله ولي عهده على المملكة، كتدمير لسمعتها، عبر الحروب الطائشة، والتعذيب والاعتقالات، وهي إجراءات هشمت الإجماع القديم. وأوضحت الكاتبة أن استبدال بن سلمان يجب أن يقابل بتحول النظام السعودي إلى ملكية دستورية، فيها توافق الحكومة والبرلمان المنتخبان على تعيين الملوك المستقبليين وولاة العهد، الأمر الذي سيحول دون ظهور محمد بن سلمان جديد، يحشد كل تلك القوة، ويحدد مصالح الدولة. وأكدت الكاتبة أن سلمان لن يجري هذا التغيير طوعاً دون ضغط حقيقي من الداخل والخارج، وأن الحكومات الغربية ربما تكون سعيدة لرؤية وجه جديد للمملكة، يتمكن من امتصاص الغضب الدولي، بسبب قتل خاشقجي. وختمت الكاتبة بالقول إن استبدال بن سلمان وإقامة ملكية دستوية قد يعكسان تفكيراً إيجابياً في الوقت الراهن، إذ ربما تنقذ هاتان الخطوتان المملكة من اضطراب أكثر خطورة وانفجاراً داخلياً محتملاً.;
مشاركة :