الحرب التجارية دفعت النمو الصيني إلى أدنى مستوى منذ 9 سنوات

  • 10/20/2018
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

تباطأ نمو الاقتصاد الصيني في الربع الثالث الماضي إلى أدنى وتيرة منذ 9 سنوات، في ظل الحرب التجارية المتصاعدة مع الولايات المتحدة وركود الاستثمارات، ما قد يحمل بكين على تعزيز دعمها للنشاط الاقتصادي. وأعلن مكتب الإحصاءات الوطني أمس أن إجمالي الناتج المحلي سجل نمواً نسبته 6.5 في المئة بين تموز (يوليو) وأيلول (سبتمبر) الماضيين، عاكساً الأوضاع القاتمة القائمة حالياً. وجاءت هذه النسبة مشابهة لمتوسط توقعات 12 محللاً استطلعت وكالة «فرانس برس» آراءهم، وتشير إلى تباطؤ واضح للنمو بعدما قاوم في الربع الأول وسجل 6.8 في المئة، والربع الثاني وسجل 6.7 في المئة، على رغم بقائه ضمن هامش الهدف الحكومي البالغ نحو 6.5 في المئة للعام الحالي بأكمله. وهذه أضعف وتيرة نمو فصلية للعملاق الآسيوي منذ الربع الأول عام 2009، حين طاولت الأزمة المالية الأسواق العالمية. وأقرّ الناطق باسم مكتب الإحصاءات الوطني ماو شينغيونغ بأن البلاد «تواجه بيئة في غاية التعقيد في الخارج وجهود إصلاحات جذرية». ويعاني النشاط الاقتصادي الصيني من تبعات النزاع التجاري المتصاعد بين بكين وواشنطن، إذ فرضت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب منذ تموز (يوليو) رسوماً جمركية مشددة على بضائع صينية بقيمة 250 بليون دولار سنوياً، من ضمنها سيارات وآلات وأدوات كهربائية، في حين تبقى الصادرات محركاً مهماً لاقتصاد الصين. وتزيد هذه الحرب التجارية من صعوبة الأوضاع الدقيقة التي تواجهها الصين على وقع تبعات جهود النظام لتقليص ديونه. وفي سعيها إلى احتواء تزايد المديونية، شددت الحكومة الشروط المطلوبة لمنح القروض، وهي تشنّ حملة ضد «مالية الظل» غير الخاضعة للضوابط، وتمارس ضغوطاً على المجالس المحلية لحملها على الحدّ من إنفاقها العام ومن استثماراتها القائمة على قروض. وتنعكس هذه الجهود سلباً على مشاريع البنية التحتية الكبرى وعلى العقارات، الدعامتين الرئيسيتين للناتج المحلي الإجمالي، كما تعقد تمويل الشركات. وفي مؤشر إلى التباطؤ، لا تزال الاستثمارات في الأصول الثابتة، التي تعتبر مؤشر الإنفاق في البنية التحتية، تراوح مكانها. وإن كانت هذه الاستثمارات سجلت ارتفاعاً طفيفاً وغير متوقع نسبته 5.4 في المئة خلال الشهور الـ9 الأولى من العام الحالي، مقارنة بـ5.3 في المئة خلال الفترة ذاتها العام الماضي، إلا أنها تبقى قريبة من أدنى مستوى تاريخي. وقال الخبير في مكتب «كابيتال إيكونوميكس» للدراسات جوليان إيفانز بريتشارد: «يمكن التشكيك في أن يكون هذا الانتعاش كافياً لمنع الاقتصاد من تسجيل مزيد من التباطؤ خلال الفترة المقبلة». وأصدر «مكتب الإحصاءات الوطني» أرقاماً أخرى لا تشير أيضاً إلى أي انفراج، إذ سجل الإنتاج الصناعي تباطؤاً في أيلول (سبتمبر) الماضي محققاً نمواً نسبته 5.8 في المئة فقط مقارنة بالشهر ذاته العام الماضي، وهو تباطؤ يفوق توقعات خبراء البالغة 6 في المئة في استطلاع لوكالة «بلومبرغ». ولفتت المحللة لدى شركة «إيه إن زد» بيتي وانغ إلى أن «الحرب التجارية لم تؤثر في الصادرات الصينية في الربع الثالث» إذ بقيت مدعومة من الشركات التي سرعت عمليات تسليم البضائع قبل دخول الرسوم الأميركية حيز التنفيذ، مستفيدة في الوقت ذاته من تراجع قيمة اليوان، ولكن «قطاع التصنيع تراجع» و «يُتوقع أن يتفاقم هذا التوجه خلال الفصل الحالي». والمؤشر الوحيد الإيجابي يبقى أرقام مبيعات التجزئة، أي مؤشر الاستهلاك، الذي يعكس حيوية مع تسارع مخالف للتوقعات بنسبة 9.2 في المئة في أيلول مقارنة بالعام الماضي، في مقابل نمو نسبته 9 في المئة في آب (أغسطس). وانعكست الخلافات التجارية على ثقة المستثمرين، فخسرت بورصة شانغهاي نحو ثلث قيمتها منذ بلوغها ذروة في كانون الثاني (يناير) الماضي، فيما تراجع اليوان نحو 9 في المئة أمام الدولار. وسعى ثلاثة مسؤولين صينيين كبار، من بينهم حاكم المصرف المركزي، إلى الطمأنة أمس، معتبرين أن الانتكاسات الأخيرة في الأسواق المالية «غير طبيعية». لكن بعض المحللين يرون أن إنعاش الاقتصاد يتطلب أكثر من مجرد كلام. وقال الخبير الاقتصادي لدى مصرف «جي بي مورغان» تشو هيبين: «علينا أن نتوقع تصعيداً في التوتر الصيني الأميركي عام 2019، ستحدّ من وطأته على الأرجح عمليات تصحيح لسعر اليوان وسياسات نقدية ومالية أكثر حيوية» من أجل دعم النشاط الاقتصادي. وخفض المصرف المركزي مرات عديدة خلال العام الحالي نسبة الاحتياطات الإلزامية المفروضة على المصارف ليسمح لها بمنح مزيد من القروض. وقال الخبير الاقتصادي لدى صندوق النقد الدولي ليان وايشينغ خلال مؤتمر في بكين: «إذا أصيبت السوق بقليل من الذعر، فهذا قد ينعكس سلباً على الاستثمار، ثم على التجارة، إنها دائرة مفرغة». وحرص الناطق باسم مكتب الإحصاءات الوطني ماو شينغيونغ على عدم إبداء أي تفاؤل قائلاً: «لا يزال هناك الكثير من العوامل المجهولة المتعلقة بالتوترات بين الصين والولايات المتحدة، ومن المتوقع بالتالي أن يبقى الاقتصاد تحت الضغط».

مشاركة :