إنه من المحزن أن يتعرض المورد الوحيد للثروة الذي وضع الكويت على خارطتي العالم الاقتصادية والسياسية منذ بدء الاستقلال لهذه الضربات والإخفاقات الموجعة التي تكشف عدم احترافية ومهنية أسلوب إدارة القطاع النفطي، فالقيادة السياسية أولت اهتماماً كبيراً لهذا المورد المهم منذ أن وضعت الدولة يدها على ثرواتها، فكانت إحدى العلامات الفارقة في التنمية، حيث يصادف هذا الشهر قيام الشيخ عبدالله السالم بإصدار المرسوم رقم 9 لسنة 1960 بتأسيس شركة البترول الوطنية الكويتية. باعتقادنا أن القطاع النفطي يحتاج ديوان رقابة ومحاسبة مستقلاً به لحساسيته وضخامة أصوله حتى لا نصل إلى ما نحن فيه من جدل بتعيين لجنة دراسة محاور استجواب وزير النفط، لتستمر عدم المهنية في تشكيل اللجنة ذاتها عندما تضم من جاء اسمه في أروقة مجلس الأمة في استجواب وزير النفط وفي الصحافة عن شبهات كخسائر مصفاة يوروبورت في روتردام، عقد شل، والتعامل مع شركة ديلك الإسرائيلية، والتسيُّب في بيع خمور ومجلات خليعة في محطات تابعة للبترول العالمية في أوروبا، وغيرها من شبهة تلاعب موظفين أجانب بسعر شراء محطات الديزل، شبهات عصفت بوزير نفط سابق وأدت إلى استقالته. إن احتواء لجنة التحقيق لأعضاء بعض منهم كان لهم دور مؤثر في المشاريع المطروحة في محاور الاستجواب يسمى «تعارض مصالح»، ويؤثر في سير عملية التحقيق، ليأتي أهم سؤال الذي لم يتطرق إليه أحد حتى الآن: لماذا لم يرجع التحقيق إلى المحاضر والمستندات منذ عام 2012؟! لماذا لم يتم الكشف عن أحد الاجتماعات والكتب التي صدرت في اكتوبر من ذلك العام المتعلقة بمشروع مصفاة فيتنام «نغي سون»، الكتاب الذي أطلق عليه بعض الشرفاء في شركة البترول «اتفاقية التنازلات» للمقاول الياباني الذي قام وهو ممثل الجانب الكويتي حينها منفرداً ومن دون الرجوع إلى فريق العمل، بالتنازل عن حماية حصة الجانب الكويتي من التغيُّر في نسبة الضريبة ومن زيادة الضرائب الجديدة، وبالتنازل عن سند ضمان خطاب الدفعة المستبقاة، كما أعطى المقاول الحق بعمل تصاميم بديلة خلافاً للمتفقة عليها لمصلحة المقاول لزيادة أرباحه. إلا أن الكارثة كانت في وعد الالتزام الشفهي الذي قدمه منفرداً ممثل الجانب الكويتي نفسه بذلك الاجتماع ومن غير أساس فني أو قانوني لتعويض المقاول ٢٠٠ مليون دولار، وهو ما أفصح عنه المقاول لاحقاً برسالة رسمية في أبريل ٢٠١٦ وتشدق به وأسماه «جنتلمن أقريمنت»، وهو ما كاد أن يعرقل مسيرة إتمام المشروع بسبب ادعاءات المقاول بالعجز المالي طمعاً في الحصول على ذلك التعويض، وهو ما أثر سلبا في اختيار الجودة بسبب السماح له بتصاميم بديلة كما نص عليه اتفاق التنازلات مما أثر في تأخير تسليم المشروع وعوائق تشغيله. ليتبين لنا أن وجود أعضاء في لجنة التحقيق ممن قد تتعارض مصالحهم مع مجريات التحقيق يعد خطأ مهنياً جسيماً يجعلنا لا نثق بصحة النتائج، ناهيك عن أثر الخلافات القديمة المعتادة عندما يكون أحد الزملاء حكماً على زملائه، وهو ما يتطلب من مجلس الوزراء الموقر إعادة تشكيل اللجنة بأعضاء من خارج القطاع النفطي للتحقيق بالمحاور الخاصة باستجواب وزير النفط. * * * إن أصبت فمن الله، وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان. بدر خالد البحرbdralbhr@yahoo.com
مشاركة :