بيروت – رغم بطء عودة الحركة التجارية في معبر جابر نصيب بين الأردن وسوريا، إلا أن دلالاتها وانعكاساتها المتسارعة يمكن أن تحث تحولا نوعيا في العلاقات التجارية والسياسية في دول كثيرة. وتم افتتاح المعبر في الأسبوع الماضي وسط حالة من التفاؤل في الأوساط الاقتصادية في البلدين امتدت إلى لبنان والعراق، خاصة بين التجار والصناعيين، الذين أُجبروا خلال السنوات الثلاث الماضية على اللجوء إلى الطريق البحرية الأطول والأكثر كلفة. ومن المتوقع أن يفتح المعبر طريقا للاقتصاد السوري واللبناني إلى السوق العربية عموما وخاصة الخليجية والعراقية. ونسبت وكالة الصحافة الفرنسية إلى سام هيلر الباحث في مجموعة الأزمات الدولية قوله إن “إعادة فتح معبر جابر نصيب تشكل انتصارا سياسيا للحكومة السورية، نحو إعادة سوريا إلى محيطها على الصعيد الاقتصادي واستعادة دورها التقليدي كممر للتجارة الإقليمية”. وتأتي الخطوة بعد استعادة دمشق لأكثر من ثلثي مساحة البلاد، وسيطرتها على أكثر من نصف المعابر الحدودية البالغ عددها 19 مع دول الجوار، وبينها معبر البوكمال مع العراق الذي أصبحت إعادة فتحه وشيكة، وفق ما أعلن البلدان. ويرى هيلر أن الحكومة السورية تعتبر إعادة فتح المعبر مع الأردن سبيلا نحو تطبيع العلاقات مع الأردن والمنطقة الأوسع، إضافة إلى مواجهة محاولات الولايات المتحدة عزل دمشق، عبر عقوبات اقتصادية أنهكتها. ويشير موقع “سيريا ريبورت” المتخصص في متابعة الأخبار الاقتصادية في سوريا، إلى فوائد عديدة ستجنيها سوريا بينها فتح طريق الصادرات السورية إلى الأردن والعراق ودول الخليج، الدول التي شكلت “سوقا مهمة لها قبل عام 2011”. ورغم أن الموقع استبعد إمكانية عودة الصادرات إلى ما كانت عليه قبل عام 2011 بسبب “تدمير القدرة الإنتاجية بشكل كبير”، إلا أنه ذكر أن فتح المعبر سينعكس في ارتفاع ملحوظ في الواردات. ووفق تقرير للبنك الدولي صدر في عام 2017، تراجعت الصادرات السورية بنسبة 92 بالمئة في 4 سنوات فقط من 7.9 مليار دولار في عام 2011 إلى 631 مليونا في عام 2015. وطالما شكلت إعادة فتح معبر جابر نصيب مطلبا رئيسيا لرجال أعمال سوريين ولبنانيين وأردنيين على حد السواء. هادي شرف: المعبر كان يحقق للخزينة السورية ملياري دولار سنويا من الرسوم الجمركيةهادي شرف: المعبر كان يحقق للخزينة السورية ملياري دولار سنويا من الرسوم الجمركية ويقول رجل الأعمال السوري المعروف فاروق جود، وهو صاحب شركات ومعامل عدة في قطاعات الأغذية والفولاذ والأخشاب إنه “منذ إغلاق المعبر، نستخدم الطريق البحري لكن كلفته تبلغ ضعفي النقل البري عبر معبر جابر نصيب”. وكان نقل البضائع بين البلدين خلال إغلاق المعبر يستغرق شهرا تقريبا عبر موانئ اللاذقية وطرطوس من جهة والعقبة من جهة أخرى مقارنة بما لا يزيد عن 3 أيام عبر الطريق البري. ويستورد جود الكثير من المواد من الدول العربية، مستفيدا من اتفاق التجارة الحرة والتخفيضات الجمركية، إذ يشتري من الإمارات المواد البلاستيكية ومن الأردن الألمنيوم. ومن شأن افتتاح المعبر أن يسهل عليه أيضا تصدير المواد الغذائية والمشروبات التي يصنعها إلى دول أخرى كالعراق. ويقول النائب في مجلس الشعب السوري هادي شرف إن “تصدير الخضروات من سوريا إلى الخارج سيكون له أثر اقتصادي جيد، خصوصا تصدير الحمضيات المرغوب بها في العراق”. وشكل العراق قبل عام 2011 أكبر سوق للبضائع السورية باستثناء المواد النفطية. ومع استمرار إغلاق المعابر مع العراق، سيشكل معبر جابر نصيب ممرا للصادرات والواردات السورية من وإلى العراق. كما أن المعبر سيكون ممرا للبضائع من لبنان وتركيا وأوروبا إلى الدول العربية وبالعكس. ويقول شرف إن المعبر كان يحقق لخزينة الدولة السورية نحو “ملياري دولار سنويا من الرسوم الجمركية”. وكان رئيس الحكومة السوري عماد الخميس قد أعلن الشهر الماضي عن زيادة الرسوم الجمركية من 10 إلى 62 دولارا على الشاحنات التي تصل حمولتها إلى 4 أطنان. وانعكس إغلاق معبر جابر نصيب سلبا على الاقتصاد اللبناني المتهالك. ويقول رئيس الاتحاد العمالي العام في لبنان بشارة الأسمر، إن القطاع الزراعي اللبناني تكبد خسائر كبيرة بعد أن كان يصدر أكثر من 70 بالمئة من منتجاته إلى البلدان العربية عن طريق معبر جابر نصيب. وسينعكس ارتفاع عوائد عبر الصادرات على الليرة السورية التي فقدت نحو 90 بالمئة من قيمتها أمام الدولار منذ بداية النزاع لتصل إلى نحو 435 ليرة للدولار مقارنة بنحو 48 قبل الأزمة. وقد ينعكس فتح المعبر على حركة السياحة على المدى الأطول. وتتوقع نشرة “سيريا ريبورت” أن ترتفع حركة المسافرين، حيث كان الأردنيون يحتلون المرتبة الثانية من حيث عدد السياح الوافدين إلى سوريا. وقد تراجع عددهم من 1.9 مليون في عام 2010 إلى 15 ألفا في عام 2016. وسارعت إحدى شركات السياحة والسفر الأردنية إلى نشر إعلان حول إعادة تسيير رحلات برية إلى دمشق بدءا من 22 أكتوبر بمعدل رحلتين يوميا. وكتبت في الإعلان “مين فينا ما اشتاق للأيام الحلوة بسوريا؟”.
مشاركة :