وجهت وكالة "موديز" ضربة قاصمة للمتربصين باستقرار المملكة، عندما أعلنت أن التصنيف الائتماني للسعودية عند A1، مع زيادة توقعاتها لنمو اقتصاد المملكة للعام 2018 إلى 2.5 في المائة بدلاً من 1.3 في المائة للفترة نفسها من العام الماضي، مع الحفاظ على رؤية مستقبلية مستقرة. ويؤكد بيان الوكالة، وما تضمنه من أرقام وإحصاءات، أن اقتصاد المملكة يسير في الاتجاه السليم، ويحقق أهداف رؤية 2030، التي أعلنت أن هدفها الأساسي يتلخص في وقف الاعتماد على النفط كمصدر دخل أساسي للبلاد، والاتجاه نحو تنويع مصادر الدخل، واستحداث قطاعات اقتصادية جديدة، وتركيز الاهتمام على قطاعات اقتصادية أخرى، لم تحظ بالاهتمام الكافي في وقت سابق. وتناول تقرير "موديز" جوانب اقتصادية كثيرة، فبالإضافة إلى توقعاتها بأن يشهد العجز المالي تراجعاً إلى نحو 3.5 في المائة من إجمالي الناتج المحلي في العام 2018، أقرت الوكالة بالنتائج البارزة في تحصيل الإيرادات غير النفطية، وهذا كان هدفاً رئيسياً في رؤية 2030، التي أكدت أنه في الإمكان إنعاش الكثير من القطاعات الاقتصادية غير النفطية، وتحفيزها للإسهام في زيادة دخل البلاد، وهو ما تحقق بشكل كبير في الشهور الماضية، عبر تفعيل الكثير من القطاعات مثل الترفيه والصناعة والسياحة. ورفعت الوكالة توقعاتها لحجم نمو إجمالي الناتج المحلي للمملكة للفترة 2018-2019؛ لتصبح 2.5 في المائة و2.7 في المائة على التوالي عوضاً عن توقعاتها السابقة 1.3 في المائة و1.5 في المائة للفترة ذاتها المسجلة في شهر أبريل من العام الجاري، وتشير هذه الأرقام إلى أن المملكة تحقق الأهداف الاقتصادية التي وضعتها لبرنامج الإصلاح الاقتصادي، وإعادة ترتيب أولويات هذا الاقتصاد، بتحقيق كامل الأهداف المرجوة، والأمر المبشر في الموضوع هو أن نمو الناتج المحلي للمملكة لم يعتمد فقط على دخل النفط كما حدث في العقود الماضية، وإنما اعتمد على دخل قطاعات اقتصادية جديدة، أدخلتها الرؤية، لتشارك قطاع النفط في هذا الأمر، وهذا ما خطط له سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بجدارة، ونجح فيه بشكل كبير جداً، الأمر الذي يؤكد أن المملكة بدأت رحلة التحول من زمن الاقتصاد المعتمد على النفط، إلى دولة تتنوع وتتكامل فيها القطاعات والاقتصادات المختلفة. ويؤكد خبراء الاقتصاد أن "الوصول إلى الاستدامة المالية، واستقرار إيرادات الخزانة العامة، بتنويع مصادر الدخل، وعدم اعتمادها على النفط فقط، هي المحصلة التي تسعى إليها السياسة المالية للمملكة على المدى المتوسط، بعد أن عانت الخزانة السعودية على مدى عقود من تذبذب إيرادات النفط، ملحقة بتقلبات السوق النفطية، وبالتالي سعر البرميل". ولذلك يعد التنويع في مصادر الدخل تحصيناً للخزانة العامة للدولة من تلك التقلبات، بعد تثبيت إيرادات مستدامة ومستقرة، ولا تعتمد فقط على الضرائب والرسوم، بل كذلك على إيرادات متعاظمة من عوائد الاستثمار، والسياحة والسوق المالية في بعض الأحيان، وهكذا يتحقق الاستقرار لإيرادات الخزانة، وهو ما تجلّى في ميزانية عام 2018؛ إذ مثلت الإيرادات النفطية 50 في المائة من المدخولات، و30 في المائة كانت غير نفطية، و20 في المائة صكوك "دين". وتجاهلت قنوات إعلامية عدة تتربص بالمملكة ـ عن عمد ـ الإيجابيات الموجودة في بيان "موديز"، وأعادت الأسطوانة المشروخة، التي تردد فيها بأن الاقتصاد السعودي ما زال يعاني من مشكلات كثيرة بسبب الحرب في اليمن، وتراجع أسعار النفط في وقت سابق، بيد أن المحللين المعتدلين، أشاروا إلى أن الاقتصاد السعودي أثبت أنه الأكبر في منطقة الشرق الأوسط، ليس بسبب دخل النفط كما حدث في عقود ماضية، وإنما بسبب رغبة قادة المملكة في إعادة صياغة المنظومة الاقتصادية للبلاد، وهذا ما حققته الرؤية بنجاح حتى هذه اللحظة.
مشاركة :