بعد ثلاثة أسابيع وفي ساعة متأخرة من الليلة قبل الماضية وعلى نحو مفاجئ، أعلنت مفوضية الانتخابات في إقليم كردستان العراق النتائج النهائية للانتخابات النيابية التي جرت في الإقليم، نهاية الشهر الماضي. وأكد مدير المفوضية، هندرين محمد، أن نحو 120 ألف صوت في ست وتسعين محطة انتخابية في محافظات الإقليم الأربع، قد تم إلغاؤها بعد ثبوت عدم صحة عملية الاقتراع في تلك المحطات، من قبل لجان التحقيق في المفوضية.وأظهرت النتائج فوزاً كاسحاً للحزب الديمقراطي الكردستاني، بزعامة مسعود بارزاني، بحصوله على خمسة وأربعين مقعداً من أصل مائة هي مجموع مقاعد برلمان الإقليم، تلاه شريكه وغريمه التقليدي حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، الذي حصد واحداً وعشرين مقعداً، أي بزيادة ثلاثة مقاعد عن الدورة السابقة، فيما منيت قوى المعارضة وفي مقدمتها حركة التغيير بهزيمة كبيرة، حيث فقدت نصف مقاعدها في الدورة الماضية، بحصولها على اثني عشر مقعداً فقط، مما يعني وفقاً للاستحقاقات الانتخابية، فقدانها لمنصب رئيس البرلمان أيضاً.أما حزب الجماعة الإسلامية المعارض، بزعامة رجل الدين علي بابير، فقد حصل على سبعة مقاعد متراجعاً بمقعد واحد، ثم الاتحاد الإسلامي بزعامة صلاح الدين محمد بهاء الدين الحاصل على خمسة مقاعد متراجعاً بسبعة مقاعد، فيما حصد «حراك الجيل الجديد» المنبثق ربيع العام الماضي والذي يرأسه رجل الأعمال شاسوار عبد الواحد ثمانية مقاعد، في مفاجأة لم تكن متوقعة في الحسابات السياسية بالإقليم.وعلى الفور أعلن المكتب السياسي للاتحاد الإسلامي، رفضه لنتائج الانتخابات المعلنة، مؤكداً حدوث تزوير في عملية الاقتراع من قبل الحزبين الحاكمين، وقال في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه «إن الاتحاد الإسلامي يعرب عن قلقه ورفضه للنتائج المعلنة، وسيطعن فيها، ويتبع كل السبل القانونية بغية إبطالها».بيد أن الحزبين الحاكمين، لا سيما الاتحاد الوطني، أعربا عن قبولهما بنتائج الانتخابات، رغم تحفظات الاتحاد على آلية إجرائها، بغية الحفاظ على ما وصفه بالمصالح العليا لشعب كردستان. وقال سعدي أحمد بيره، عضو المكتب السياسي والمتحدث الرسمي باسم الاتحاد: «لدينا الكثير من الملاحظات والتحفظات بشأن الآلية التي اتبعت في عملية الانتخابات، لا سيما ما يتعلق منها بسجلات الناخبين، التي تضمنت أسماء مزدوجة وأخرى وهمية وغيرها لأشخاص متوفين، والتي بمجملها أثرت على نتائج التصويت، ولكن يجب تنقية سجلات الناخبين وتفادي هذه الأخطاء في الانتخابات المقبلة، لكننا ومع ذلك نعلن قبولنا بهذه النتائج من أجل المصالح العليا لسكان الإقليم الذين هم بأمس الحاجة الآن إلى الخدمات والرعاية على جميع المستويات».وأوضح بيره، أن التشنجات التي سادت العلاقة السياسية بين حزبه وشريكه الحزب الديمقراطي، في الآونة الأخيرة جراء تقاطع مواقفهما بشأن منصب رئيس الجمهورية في العراق، ستزول قريباً بفعل مقتضيات المرحلة المقبلة من الحياة السياسية والإدارية في الإقليم، مضيفاً: «لقد عملنا معاً في الماضي على تخطي كل العقبات والعثرات التي واجهتنا خلال السنوات الأربع الماضية سواء على صعيد الحرب ضد (داعش) أو الأزمة الاقتصادية الخانقة أو المشكلات الإدارية والسياسية الداخلية، وسنعمل بنفس الروح في المرحلة المقبلة من أجل حفظ مكاسب شعب كردستان وتحقيق المزيد من الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي والاجتماعي بالتكاتف مع جميع شركائنا في العملية السياسية».بدوره، أكد علي حسين، عضو اللجنة المركزية ومسؤول دائرة العلاقات في الحزب الديمقراطي الكردستاني، أن حزبه ورغم فوزه بنصف مقاعد البرلمان الإقليم تقريباً، فإنه ما برح متمسكاً بمبدأ الشراكة الحقيقية في إدارة الإقليم، وسوف لن يعمد إلى تشكيل حكومة أغلبية رغم قدرته على ذلك بموجب الاستحقاقات الانتخابية، بل يسعى إلى ضم جميع القوى الفائزة إلى الحكومة المقبلة، لتقاسم المسؤولية والمهام. وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «حزبنا ليست لديه تحفظات أو خطوط حمراء على أي جهة سياسية، ويسعى لإشراك الجميع في الحكومة المقبلة، كل حسب حجمه واستحقاقه الانتخابي، ووفقاً للبرنامج الحكومي الذي سيقدمه رئيس الكتلة الكبرى الذي يكلف بتشكيل الحكومة لاحقاً، وعلى اتفاق سياسي محكم وراسخ مع القوى المشاركة، يكفل استمرار الجميع في أداء مسؤولياتهم حتى النهاية، وعدم تكرار ما حصل من قبل بعض القوى السياسية التي تركت مهامها في الحكومة السابقة، في منتصف الطريق».
مشاركة :