الجزائر - أعاد الموقف الصريح لقدماء المحاربين من الصراع الدائر في البرلمان الجزائري بين رئيسه المخلوع سعيد بوحجة، وبين خصومه في الكتل النيابية للموالاة، مسألة الشرعية التاريخية ونفوذها في المؤسسات إلى الواجهة، مما يجعل انحيازها ورقة مساعدة على حسم الصراع المذكور، ومحرجة للأحزاب ذات المرجعية التاريخية. وجاهرت المناضلة التاريخية لويزة إيغيل احريز بموقفها المؤيد لرفيق دربها سعيد بوحجة، في صراعه السياسي في المؤسسة التشريعية ضد خصومه من أحزاب الموالاة، لينضاف بذلك إلى التأييد الذي تلقاه في وقت سابق من طرف المنظمة الوطنية للمجاهدين (قدماء المحاربين). ويوحي موقف العائلة الثورية إلى قطع الحبل بينها وبين الأحزاب السياسية التي تستمد عقيدتها من المرجعية التاريخية، على غرار جبهة التحرير الوطني الحاكم، والتجمع الوطني الديمقراطي، وهو ما تجسد في استقالة المناضلة لويزة احريز من مجلس الأمة (الغرفة الثانية للبرلمان)، تضامنا مع رفيقها. وكانت احريز قد عينت منذ عامين في المجلس، من طرف الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، في إطار حصة الثلث الرئاسي التي يخولها إياها دستور البلاد. واتهمت لويزة احريز، في تصريحات للصحافيين عقب قرار الاستقالة، محيط الرئيس بوتفليقة بـ”الاستحواذ على السلطة، واستغلال وضعه الصحي لإدارة شؤون البلاد باسمه من وراء الستار”، وأشارت إلى أن الأزمة التي يعيشها البرلمان يقف وراءها هؤلاء، وتستهدف فرض أمر واقع باسم رئيس البلاد. وعادت المتحدثة إلى آخر تصريح علني للرئيس بوتفليقة في مايو 2012 بمدينة سطيف، لما قال “جيلي طاب جنانو وعاش من عرف قدر نفسه” (جيلي هرم)، واعتبرته مرجعية في موقف الرجل من مسألة الاستمرار أو البقاء في السلطة. ودعت من “يتحدثون باسم بوتفليقة إلى فهم الرسالة والتوقف عن أفعالهم”، في إشارة إلى مسؤولين حكوميين وسياسيين، يعتمدون في طروحاتهم إلى تزكية مزعومة من الرئيس رغم أنه لم يخاطب الجزائريين منذ ست سنوات، بسبب الوضع الصحي الذي ألم به في أبريل العام 2013. وقالت “لا يمكنني الجزم بأن الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة سيترشح لعهدة جديدة في رئاسيات 2019، فصوته مغيب لحد الساعة ولم يدل بموقفه بعد، لكن ما يغضبني هو سماعي لأشخاص يتحدثون باسمه في كل مناسبة ومن دونها بشكل مبالغ فيه”. وجزمت بأن “معرفتي بالرئيس منذ سنوات تؤكد لي بأن بعض القرارات المتخذة في الآونة الأخيرة، تتم دون علمه، كما أن هناك جماعة تتحدث باسمه وتقوم بتسيير شؤون البلاد”. ولم يحدث أن ساءت العلاقة بين أحزاب السلطة وما يعرف بـ”الأسرة الثورية”، بهذا الشكل، خاصة بعد إقدام الرجل الأول في الحزب الحاكم جمال ولد عباس على إقصاء عدد من النائبات والناشطات من الحزب، وعلى رأسهن نبيلة بن بولعيد نجلة القائد التاريخي مصطفى بن بولعيد، على خلفية مساندتهن لسعيد بوحجة. وجاءت الاستقالة لتزيد من حرج واهتزاز مصداقية موقف الكتل النيابية، رغم توجهها لحسم الموقف بشتى الوسائل، حيث ينتظر انتخاب رئيس جديد للهيئة التشريعية الأربعاء، بعد التوصل لأرضية اتفاق بينها في اجتماع عقد الاثنين في قصر الحكومة بين رؤساء الأحزاب والكتل النيابية.
مشاركة :