دخلت مصر أمس مرحلة جديدة بالعودة لتصدير الغاز بعد تحقيق الاكتفاء الذاتي بالاتفاق على استئناف تصدير الغاز إلى الأردن، في ظل طموحات كبيرة بأن تصبح مركزا عالميا لتجارة الغاز الطبيعي المسال مدعوة بتسارع زيادة الإنتاج من أكبر اكتشاف للغاز في البحر المتوسط. عمّان - تشكل عودة ضخ الغاز المصري إلى الأردن بعد أكثر من خمس سنوات من الانقطاع إشارة كبيرة على تدشين علاقات جديدة بين البلدين ولا سيما في ما يتعلق بالمشروعات المشتركة في قطاع الطاقة. واعتبر خبراء الخطوة تأكيدا على تحقيق القاهرة للاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي، حيث تطمح لأن تكون مركزا عالميا لتجارة الغاز في المنطقة في ظل الاحتياطات الكبيرة التي تملكها في أعقاب بدء إنتاج حقل ظهر، أكبر الحقول في البحر المتوسط، وتوقّع المزيد من اكتشافات الغاز في الفترة المقبلة. وأكد رئيس الحكومة الأردنية، عمر الرزاز، أثناء لقائه بوزير البترول والثروة المعدنية المصري، طارق الملا، أمس بالعاصمة عمّان، على أهمية الاستفادة من الخبرات المصرية في مجال صناعة النفط والغاز. ويأتي ذلك بعد يوم من توقيع البلدين اتفاقية تتضمن تعزيز التعاون في صناعة النفط والغاز ونقل التكنولوجيا. وقالت وزارة البترول المصرية، في بيان في أعقاب إبرام الملا مذكرة تفاهم مع وزيرة الطاقة والثروة المعدنية، هالة زواتي، إنها ستقوم باستئناف ضخ الغاز المصري للأردن مطلع 2019، دون تحديد للكميات. 2.83 مليار دولار، واردات الأردن من الطاقة في ثمانية أشهر من 2018 بزيادة 42.8 بالمئة، بمقارنة سنوية وتوقفت القاهرة بشكل اضطراري عن ضخ 250 مليون قدم مكعب من الغاز يوميا للأردن منذ مارس 2012، بسبب تفجيرات استهدف أنبوب نقل الغاز في سيناء بعد 8 سنوات من تدشين الخط. وقالت زواتي إن “الجانبين ناقشا الإجراءات المطلوبة لتأمين مصادر الطاقة، وخطط القاهرة حول الاكتشافات الجديدة في حوض البحر المتوسط خاصة حقل ظهر”. ويحاول الأردن، الذي تلقّى دفعة قوية الأسبوع الماضي، بفتح معبر جابر نصيب مع سوريا وعودة الحركة التجارية والسياحية بعد ثلاث سنوات من الإغلاق، تقليص الفجوة الكبيرة في الطلب المحلي بالاستفادة من الغاز المصري. ورغم الفاتورة الباهظة التي تتكبدها عمّان سنويا نتيجة استيرادها أكثر من 95 بالمئة من احتياجاتها للطاقة، إلا أن الحكومة تراهن على استثمارات الطاقة في البلاد. وتقوم شركات مصرية، بتنفيذ مشروع توسعات شبكة الغاز لتلبية احتياجات المواطنين والشركات في السوق الأردنية، وبلغت نسبة تقدّم الأعمال 60 بالمئة ومن المخطط الانتهاء منه في بداية أكتوبر المقبل. ووفق البيانات الرسمية، ارتفعت قيمة واردات الأردن من النفط الخام ومشتقاته بنسبة 42.8 بالمئة في الأشهر الثمانية الأولى من العام الحالي إلى نحو 2.01 مليار دينار (2.83 مليار دولار)، بمقارنة سنوية. وأعلن الملا قبل أيام من إعلانه تحقيق بلاده اكتفاء ذاتيا من الغاز، ووقف استيراده من الخارج نهائيا بعد أن بلغ إجمالي إنتاج البلاد حاليا ستة مليارات قدم مكعب غاز يوميا. جمال القليوبي: بلوغ إنتاج مصر 6 مليارات قدم مكعب غاز يوميا يجذب الاستثمار الأجنبيجمال القليوبي: بلوغ إنتاج مصر 6 مليارات قدم مكعب غاز يوميا يجذب الاستثمار الأجنبي ويعني توقف القاهرة عن استيراد الغاز قبل الموعد، الذي كان مستهدفا في نهاية هذا العام، أنه سيسهم في تعزيز ثقة المستثمرين في الاقتصاد المصري، ويساعد على جذب الاستثمار الأجنبي المباشر للبلاد. ويتوقّع أن تبدأ مصر في تصدير عدد من شحنات الغاز عبر محطتي الإسالة خلال العام القادم، لأن استهلاك الكهرباء التي يتم توليدها بالغاز سيراجع في فصل الشتاء، وهو ما سيساهم في تحقيق فائض من الغاز يسمح بتوجيهه إلى محطات الإسالة ثم تصديره. ويعتقد رمضان أبوالعلا، الأستاذ في كلية هندسة البترول بجامعة قناة السويس، أن تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز خطوة مهمة لمصر لأنها ستفكر في كيفية تصريف الفائض لجني عوائد تعزز بها خزينة الدولة. ويخفف تحقيق الاكتفاء من الغاز الضغط على الاحتياطي النقدي للدولة، ويقلل فاتورة دعم الطاقة، ويوفر قيمة المبالغ التي كانت تستخدم في استيراد الغاز بحيث يتم ضخها في قطاعات أخرى. واعتبر جمال القليوبي، أستاذ هندسة البترول بالجامعة الأميركية في القاهرة، تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز خطوة تحقق الاستقرار للاقتصاد المصري، خاصة وأن الحكومة دفعت مستحقات الشركات الأجنبية. وأكد أن وصول إنتاج مصر لأكثر من 6 مليارات قدم مكعب غاز يوميا يجذب الاستثمار الأجنبي، الذي يعتمد على الطاقة بشكل مباشر، كما سيوفر للدولة حوالي ثلاثة مليارات دولار سنويا. وكشفت القاهرة في وقت سابق هذا الشهر أنها ستبدأ استيراد الغاز الطبيعي من إسرائيل في مارس المقبل إذا ما تأكد أن الخط البحري الواصل بين الجانبين في حالة جيدة. وقال الرئيس التنفيذي لشركة غاز الشرق، محمد شعيب، في مقابلة مع وكالة بلومبيرغ إن “الإمدادات ستبدأ بمئة مليون قدم مكعب من الغاز يوميا في الربع الأول من 2019، وسترتفع تدريجيا إلى 700 مليون قدم يوميا كحدّ أقصى”.