أكد الدكتور عباس شومان، الأمين العام لهيئة كبار العلماء بمصر، أمس، أن التعامل بين المسلمين وغيرهم، يُبين بجلاء أن ديننا الإسلامي يرفض رفضاً قاطعاً التمييز بين الناس على أساس الدين أو المعتقد، وأن حرية الاعتقاد مكفولة للجميع، وأن اختلاف الدين ليس - ولا يجب أن يكون - مانعاً من التعايش السلمي وحسن العلاقة بين البشر.وشارك شومان في مؤتمر منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، الذي انطلق أمس في العاصمة الإيطالية روما. وخلال فعاليات الحلقة النقاشية الأولى بعنوان «التعصب والتمييز»، أوضح أن «منهج رسولنا الكريم في دعوة الناس إلى الإسلام كان هو العرض والبلاغ، وترك الخيار لمن يدعوهم في دخول الإسلام أو البقاء على ما يعتقدون، شريطة عدم الاعتداء أو مناصرة المعتدين على المسلمين... وليس صحيحاً ما يشيعه كثير ممن لهم مآرب أخرى، أن الدين الإسلامي يرفض الآخر ما لم يعتنق الإسلام».وأضاف شومان في الكلمة التي ألقاها بالإنابة عن الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، أن «من المبادئ الثابتة في ديننا، تأمين الأجانب الداخلين إلى بلاد المسلمين لأغراض مختلفة»، لافتاً إلى أن «خير شاهد على براءة الأديان من تلك المظاهر التعصبية والتمييزية المقيتة التي نراها هنا وهناك، الزيارات المتبادلة بين شيخ الأزهر، والبابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، والبابا فرنسيس بابا الفاتيكان التي كان آخرها قبل أقل من أسبوعين، وكذا الاجتماعات الدورية بين الأزهر ومجلس الكنائس العالمي، وترحيب الأزهر بالحاخامات اليهود الذين نفضوا أيديهم عن الصهيونية وأقروا أنها لا تعبر عن تعاليم موسى عليه السلام، وذلك خلال مشاركتهم في مؤتمر الأزهر العالمي لنصرة القدس الذي عقد في يناير (كانون الثاني) الماضي».ولفت شومان إلى أن مثل «هذه العلاقات الودودة تجسد صورة بهية راقية للتسامح والاعتدال، والفهم الصحيح لجوهر الأديان، والسعي الحثيث نحو تشييد جسور التواصل بين أتباع الأديان، والحرص الشديد على نشر ثقافة الحوار، ودعم القيم الإنسانية المشتركة، ليعم السلام والوئام أرجاء العالم... ولا يشوه تلك الصورة الأخوية النقية، ولا يقدح في تلك القاعدة العامة المبنية على نصوص جلية ومواقف عملية، شذوذ بعض أتباع الأديان ولجوؤهم إلى العنف والتطرف، وتبنيهم التعصب والتمييز فكراً وسلوكاً».وقال أمين هيئة كبار العلماء (أعلى هيئة دينية في الأزهر): «إذا أردنا مجتمعاً عالمياً أفضل، فإن علينا أن نعمل على إرساء هذه المبادئ وترسيخها لدى أتباع الديانات التي نمثلها، وإقناع صناع القرار العالمي بنبذ التعصب والتمييز بكل صوره ومظاهره، وعدم التباهي بالقوة العسكرية أو التقدم العلمي أو الرخاء الاقتصادي، وعدم تقسيم العالم على أساس أول وثالث، أو تابع ومتبوع، أو مهيمن ومهيمن عليه، وعدم تأجيج الصراعات الطائفية أو العرقية المقيتة هنا وهناك، لاستخدامها أوراق ضغط وابتزاز لتحقيق مآرب خاصة}.ورأى أن {على صناع القرار العالمي والمؤسسات الأممية الفاعلة أن يدركوا أن أسهل السبل وأقصرها لتحقيق السلام والاستقرار المنشود في العالم، هو التعامل على أساس المسؤولية المشتركة والاحترام المتبادل، واستبدال ثقافة التعاون والتكامل بالفردية والغطرسة، وإنصاف المظلوم ولو كان مخالفاً في الدين أو العرق، والأخذ على يد الظالم ولو كان من أتباع الدين».وشدد: «علينا كذلك أن نقف صفاً واحداً ضد العنصرية الدينية والتطهير العرقي والتطرف والإرهاب، وأن ندرك يقيناً أن الأديان السماوية بريئة من كل نقيصة يحاول أصحاب المصالح إلصاقها بها، وأن نضع أيدينا على الأسباب الحقيقية لظاهرة التعصب والتمييز، والتطرف والإرهاب، وكل الشرور والنيران المشتعلة هنا وهناك، خصوصاً في منطقتنا المنكوبة، وساعتها سيعم السلام والوئام، وينتشر الأمن والأمان، وتنتهي المآسي الإنسانية والصراعات الدامية حول العالم».
مشاركة :