واشنطن تقايض المعاهدة النووية مع موسكو برفع اليد عن إيران

  • 10/24/2018
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

برّر مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون الثلاثاء، تلويح بلاده بالانسحاب من معاهدة الصواريخ القصيرة ومتوسطة المدى مع روسيا، بوجود مساع إيرانية لتطوير نوعية هذه الصواريخ، ما اعتبره مراقبون محاولة أميركية لفرض سياسة الأمر الواقع عبر مقايضة الإبقاء على المعاهدة مقابل رفع موسكو يدها عن مساعدة طهران في محاولات الإفلات من العقوبات الأميركية المسلطة عليها بموجب الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي. موسكو - أكد جون بولتون، مستشار الرئيس الأميركي دونالد ترامب للأمن القومي على أن إيران والصين وكوريا الشمالية تسعى إلى امتلاك صواريخ باليستية متوسطة المدى بينما تواجه الولايات المتحدة قيودا على امتلاك مثل هذه الصواريخ ذات القدرات النووية، فيما تقود برلين وساطة بين موسكو وواشنطن لتقريب وجهات النظر وتجنب تنامي نزعة التسلح. واعتبر بولتون، في مقابلة مع محطة “إيخو موسكفي” الإذاعية الروسية، أن هذا من بين الأسباب التي تجعل الولايات المتحدة تسعى للانسحاب من معاهدة وُقعت مع موسكو قبل عقود وتفرض قيودا على امتلاك البلدين لمثل هذه الصواريخ. وأكد مستشار الرئيس الأميركي أن إيران “تواصل السعي للحصول على أسلحة نووية، ونعتقد أنها لا تزال المحرك المركزي للإرهاب في العالم”. و تابع “كثيرون من أصدقائنا وحلفائنا يتضررون من قدرات الصواريخ الباليستية متوسطة المدى الصينية”، معتبرا أن الصين “تأمل أن تظل الولايات المتحدة في المعاهدة، وهذا أمر مفهوم تماما، إذا ما كنت صينيا، لكنت قلت نفس الشيء”. صحيفة ذي غارديان البريطانية ذكرت أن بولتون هو نفسه من ضغط على الرئيس ترامب للانسحاب من معاهدة الأسلحة النووية متوسطة المدى وبولتون الذي عيّن في مارس 2018 معروف بمواقفه المتشددة للغاية في ملفات السياسة الخارجية، حيث كان في مقدمة المطالبين بالانسحاب من الاتفاق النووي الذي وقّع في 2015 بين إيران ومجموعة الدول الست الكبرى لمنعها من امتلاك السلاح النووي. ولم يتردد في إعلان اقتناعه بوجوب أن توجّه واشنطن ضربة عسكرية إلى كوريا الشمالية بدل التفاوض معها، ويبقى مؤيدا لتوسيع شعاع العقوبات على روسيا التي تتهمها واشنطن بالتدخل في العملية الديمقراطية الأميركية. وذكرت صحيفة ذي غارديان البريطانية أن بولتون هو نفسه من ضغط على الرئيس ترامب للانسحاب من معاهدة الأسلحة النووية متوسطة المدى، كما أنه يعرقل أي مفاوضات لتمديد معاهدة “نيو ستارت” حول الصواريخ الاستراتيجية والتي ينتهي مفعولها العام 2021. وفي بداية الشهر الجاري، حذّر وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس من أن روسيا يجب أن “تلتزم من جديد بمعاهدة الأسلحة النووية متوسطة المدى وإلا فستجد الولايات المتحدة نفسها مرغمةً على الردّ على هذا التجاهل التام لحدود المعاهدة”. وأضاف عقب لقاء مع وزراء دفاع دول حلف شمال الأطلسي في بروكسل “الوضع الحالي من انتهاك روسيا السافر لهذه المعاهدة لا يمكن تبريره”. وفي تقريره الجديد عن الوضع النووي نُشر في مطلع العام، أكد البنتاغون أن “الانتهاك الأخطر الذي قامت به روسيا يكمن في منظومة يحظرها الميثاق حول الأسلحة النووية متوسطة المدى”، غير أن الوثيقة ذكرت أيضاً صواريخ طوّرتها الصين التي تسعى إلى تثبيت هيمنتها العسكرية على آسيا. وفي مؤشر على أن البنتاغون كان ينوي الانسحاب من هذه المعاهدة منذ أشهر، عدم نشر السياسة الأميركية الجديدة ما يخص الصواريخ الباليستية التي أعلن عنها في مطلع عام 2018، بعد أن أعلن منذ أشهر أنه سيتم نشرها “خلال بضعة أسابيع”. وأعلن وزير الخارجية الألماني هايكو ماس عزمه بذل كافة الجهود الدبلوماسية للحفاظ على معاهدة القوات النووية بين روسيا والولايات المتحدة، وذلك بعدما أعلنت الأخيرة عزمها الانسحاب منها. وقال ماس الثلاثاء “هذه المعاهدة تمس مصالح حيوية لأوروبا، طالما أنه لا يزال هناك فرصة للحفاظ على المعاهدة، فإننا نعتزم النضال من أجلها بكافة الوسائل الدبلوماسية”. وأضاف “سنضع الموضوع أعلى قائمة جدول أعمال حلف شمال الأطلسي، للدفع نحو الحفاظ على المعاهدة. نحن لسنا على استعداد لبدء سباق تسلح جديد”. وذكر الوزير الألماني أن الصواريخ النووية متوسطة المدى بين روسيا والولايات المتحدة وسحب الصواريخ متوسطة المدى من ألمانيا “من كبرى مكتسبات سياسة نزع السلاح النووي” قائلا “لا يمكننا السماح بالرجوع للخلف”. جون بولتون: إيران محرك الإرهاب في العالم وهي تحاول الحصول على أسلحة نوويةجون بولتون: إيران محرك الإرهاب في العالم وهي تحاول الحصول على أسلحة نووية وأشار إلى أن هناك اتهامات منذ سنوات بأن روسيا تنتهك المعاهدة، مؤكدا “حتى اليوم لا يوجد رد مقنع على ذلك، وهو ما يجعل السخط الأميركي مبررا، لكن هذا لا ينبغي أن يؤدي إلى الاندفاع، سيكون ذلك خطأ كبيرا”. ودعا الاتحاد الأوروبي الاثنين الولايات المتحدة وروسيا إلى “مواصلة” الحوار بهدف “الحفاظ” على معاهدة الأسلحة النووية متوسطة المدى، فيما دعت الصين الولايات المتحدة إلى “التروّي” في موضوع انسحابها من المعاهدة، معتبرة أن “الانسحاب من جانب واحد سيكون له آثار سلبية متعددة”. وحذرت الصين الثلاثاء من أنها “لن تقبل أبداً أي شكل من أشكال الابتزاز” بعد أن قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إن قراره الانسحاب من معاهدة الأسلحة النووية متوسطة المدى مع روسيا مرتبط كذلك بترسانة بكين. وصرحت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية هوا شونينغ “الآن الولايات المتحدة ترغب في الانسحاب أحادياً من المعاهدة، وبدأت تتحدث بشكل غير لائق عن دول أخرى”، مضيفة “هذه المقاربة بإحالة اللوم على آخرين هو أمر غير مبرر وغير منطقي”. والصين ليست موقعة على المعاهدة التي وقعتها الولايات المتحدة مع ما كان يعرف بالاتحاد السوفييتي في الثمانينات، إلا أن ترامب قال الاثنين إن الصين يجب أن تشارك في المعاهدة. وتأخذ إدارة ترامب على موسكو نشرها منظومة صاروخية من طراز 9 أم.729 التي يتجاوز مداها بحسب واشنطن 500 كلم، ما يشكّل انتهاكا للمعاهدة. ووضعت المعاهدة التي ألغت فئة كاملة من الصواريخ يتراوح مداها بين 500 و5000 كلم، حدّا لأزمة اندلعت في الثمانينات بسبب نشر الاتحاد السوفييتي صواريخ أس.أس-20 النووية التي كانت تستهدف عواصم أوروبا الغربية.

مشاركة :