لمَ تجعلنا الكآبة والصدمة في الطفولة نشيخ بسرعة؟

  • 10/25/2018
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

اكتشفت دراسة جديدة أن من يعيشون مع اضطراب اكتئاب حاد يكونون أكبر سناً بيولوجياً ممن لا يعانون الكآبة، وأن الصدمة في الطفولة تفاقم هذا التأثير. تسلّط هذه النتائج أيضاً الضوء على آليات التخلُّق المتوالي التي قد توضح هذا الاختلاف. رُبطت الكآبة الحادة بنتائج سلبية متعددة أخرى من قصر أمد الحياة إلى ارتفاع خطر الإصابة بمشاكل قلبية وعائية. يُظهر البحث الجديد أن الكآبة الحادة قد تعني أيضاً شيخوخة مبكرة. درس باحثون بقيادة لورا هان من المركز الطبي في جامعة أمستردام في هولندا بنى الحمض النووي لدى مرضى الكآبة وتوصلوا إلى اكتشاف مذهل. اكتشفت هان وزملاؤها أن الحمض النووي لمن يعانون كآبة حادة أكبر سناً بنحو ثمانية أشهر كمعدل، مقارنة بمن لا يواجهون هذه الحالة. عرض الباحثون النتائج التي توصلوا إليها في مؤتمر الكلية الأوروبية لعلم الأدوية النفسي العصبي الذي عُقد في مدينة برشلونة في إسبانيا. كذلك نشروا نتائج دراستهم هذه في المجلة الأميركية لعلم النفس. تجلى تأثير الشيخوخة المبكرة هذا بوضوح أكبر في حالة مَن تعرضوا لتجارب سلبية في الطفولة، مثل العنف، والصدمة، والإهمال، والإساءة. الحمض النووي تفحصت هان وزملاؤها الحمض النووي في حالة 811 شخصاً يعانون الكآبة و319 لا يواجهون هذا المرض. وانضم هؤلاء المشاركون إلى دراسة الكآبة والقلق في هولندا. درس الباحثون، باستخدام عينات من الدم، كيفية تبدّل الحمض النووي مع التقدم في السن. فكشفت الدراسة أن التبدلات بالتخلُّق المتوالي تحدث بسرعة أكبر في حالة مرضى الكآبة. يدرس علم التخلُّق التبدلات في التعبير الجيني الذي لا يؤثر في تسلسل الحمض النووي. وقد تطرأ تبدلات مماثلة نتيجة عوامل كثيرة، من بينها البيئة ونمط الحياة. تشمل الآليات التي يحدث من خلالها التبدّل بالتخلُّق المتوالي ما يدعى مثيلة الحمض النووي. وتحدث هذه العملية عندما تُنقَل مجموعة من الميثيل وتضاف إلى الحمض النووي. لاحظ الباحثون عموماً أن مرضى الكآبة الحادة يعانون درجة من المثيلة وتبدلاً بالتخلُّق المتوالي يشيران إلى سن أكبر. ويعني هذا بدقةٍ أن مرضى الكآبة أكبر سناً بيولوجياً بنحو ثمانية أشهر، مقارنةً بمن لا يواجهون الكآبة. وفي بعض حالات الكآبة الحادة، جاءت هذه السن البيولوجية أكبر بنحو 10 إلى 15 سنة مقارنة بالسن الزمنية. بالإضافة إلى ذلك، لاحظت الدراسة أن من عانوا صدمة في الطفولة كانوا أكبر سناً بيولوجياً بنحو 1.06 سنة كمعدل مقارنة بمن لم يمروا بصدمة. كرر الباحثون ما توصلوا إليه بفحصهم عينات من أنسجة الدماغ. ساعة تخلّق متوال علّقت هان على ما اكتشفوه قائلةً: «يسهم واقع أننا لاحظنا النتائج ذاتها في عينات الدم وأنسجة الأدمغة المستخرجة بعد الموت على حد سواء في دعم الاعتقاد أن ما نراه تأثير حقيقي». تضيف هان: «يمثل ما نراه في الواقع «ساعة تخلّق متوالٍ» تشكّل فيها أنماط تبدّل حمض الجسم النووي مؤشراً إلى السن البيولوجية. ويبدو أن هذه الساعة تدور بسرعة أكبر في حالة مَن يعانون الكآبة راهناً أو مروا بمرحلة من الإجهاد سابقاً». تتابع موضحةً: «يُظهر هذا العمل أن معدلات المثيلة في مواضع محددة ترتفع وتنخفض مع السن. إذاً، يشكل نمط المثيلة هذا مؤشراً جيداً إلى السن البيولوجية. ويزداد هذا الاختلاف بروزاً مع التقدم في السن، خصوصاً مع بلوغ الإنسان العقد السادس أو السابع من العمر». تسلّط هذه النتائج أيضاً الضوء على التأثير البيولوجي للصدمات في مراحل الحياة المبكرة وأهمية الوقاية والتدابير العلاجية المبكرة في ما يتعلّق بالكآبة وتجارب الطفولة السلبية. تشدد هان في المقابل على الحاجة إلى مزيد من الأبحاث بغية ترسيخ هذه الاكتشافات. تختم: «لا شك في أن ثمة روابط، غير أننا نحتاج إلى دراسات طويلة الأمد في هذا المجال (دراسات طولية) كي نتمكن من التوصل إلى خلاصات أكيدة عما إذا كانت الصدمة تسبب الشيخوخة بالتخلُّق المتوالي».

مشاركة :