كردستان: ارتفاع جنوني في أسعار المحروقات مع بدء فصل الشتاء

  • 10/25/2018
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

يواجه سكان إقليم كردستان مشكلة مزمنة منذ نحو ثلاثة عقود وتتكرر في مثل هذا التوقيت من كل عام اسمها غلاء أسعار الوقود والمحروقات في الأسواق المحلية. وفي كل عام، تتعهد السلطات بحلها، لكن المشكلة تتفاقم في العام التالي حتى غدت هذه السنة بمثابة معضلة لا يبدو من الممكن حلها في المدى المنظور.فمع قدوم موسم البرد والأمطار في كردستان، التي تمتاز بمناخها القارس في فصل الشتاء وتحديداً مع قدوم الأمطار والثلوج الغزيرة، سجلت أسعار المشتقات النفطية بمختلف أنواعها ارتفاعاً مخيفاً، إذ قفز سعر اللتر الواحد من وقود السيارات (البنزين) إلى نحو دولار للتر الواحد، فيما يبلغ سعره في العاصمة بغداد والمحافظات العراقية التي تديرها السلطات الاتحادية أقل من نصف دولار. كما ارتفع سعر برميل النفط الأبيض (الكيروسين) إلى 110 دولارات وهو مرشح لمزيد من الارتفاع بحلول موسم الثلوج، في حال استمرار الوضع على ما هو عليه الآن. وتُثقل هذه الأسعار كواهل مواطني الإقليم، المثقلة أصلاً بأعباء وأوزار الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها كردستان منذ نحو خمس سنوات.ويعلل نبز عبد الحميد، قائمقام مركز مدينة أربيل، هذا الارتفاع الجنوني في أسعار المشتقات البترولية في أسواق الإقليم، بغياب الدعم الحكومي المباشر هذا العام لأسعار تلك المنتجات التي تتحكم بها الأسواق الحرة الخاضعة للمنافسة ومبدأ العرض والطلب.وأضاف عبد الحميد، في تصريح لـ««الشرق الأوسط» أن تداعيات الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يعاني منها الإقليم، بسبب قطع حصته المالية من الموازنة العامة للعراق منذ نحو خمس سنوات، وأعباء الحرب ضد «داعش»، أرغمت الحكومة على إلغاء دعمها لأسعار المشتقات النفطية، التي كانت توزع بكميات مناسبة على المواطنين وأماكن العمل ومحطات تعبئة الوقود بأسعار مدعومة، في حين صارت الأسواق الحرة في القطاع الخاص تتحكم بتلك المنتجات في الوقت الحالي، ما زاد من الطلب على الكميات المتوفرة منها في الأسواق وهي كميات لا تسد حاجة الجميع، لذلك ارتفعت الأسعار بهذا الشكل اللافت.وأوضح عبد الحميد أن الأمر مرتبط أيضا بارتفاع أسعار النفط الخام في الأسواق العالمية، التي تقترن بارتفاع في كلفة تكرير النفط الخام في مصافي إنتاج المشتقات البترولية، ما يؤدي بطبيعة الحال إلى ارتفاع في أسعار المنتجات. وتابع قائلاً: «حكومة الإقليم تضع مسألة تأمين رواتب الموظفين على رأس أولوياتها، لذلك تضطر إلى تصدير النفط الخام إلى الأسواق العالمية، لاستخدام عائداتها في دفع الرواتب، ولا تستطيع إمداد المصفاتين الرئيسيتين في أربيل والسليمانية بالنفط الخام، بغية إنتاج المشتقات النفطية التي تحتاج إليها الأسواق المحلية».وقال إن حكومة الإقليم تسعى حالياً، بالتنسيق مع وزارة النفط العراقية، إلى تأمين المحروقات لسكان المناطق الجبلية شديدة البرودة في محافظات الإقليم، مشيراً إلى أن دفعات منها تصل يومياً إلى الإقليم ويتم توزيعها على تلك المناطق في المرحلة الأولى بالاعتماد على البطاقة التموينية للمواطنين وبأسعار مدعومة تصل إلى 45 دولاراً للبرميل الواحد.في المقابل، يعزو زبير عبد الرزاق (39 عاماً) الذي يعمل تاجر محروقات في إحدى أسواق أربيل، ارتفاع أسعار المحروقات إلى جملة أسباب، أهمها منع السلطات الإيرانية تدفق المشتقات النفطية إلى الإقليم لأسباب تتعلق بالوضع الاقتصادي المتدهور في الداخل الإيراني، وعدم قدرة التجار على استيراد المحروقات والوقود من دول بعيدة بسبب تكلفتها العالية. ويضيف لـ«الشرق الأوسط» أن كميات الوقود والمحروقات التي يجلبها التجار الأكراد من بغداد وكركوك إلى مدن الإقليم، عبر «المسالك غير الرسمية»، أي طرق التهريب «قليلة جداً ولا تلبي حاجة الأسواق، ما يتيح للسماسرة والتجار التحكم بالأسعار كيفما يشاؤون، لا سيما في ظل غياب المنافسة».ويلقي قطاع واسع من سكان الإقليم باللائمة في مسألة ارتفاع الأسعار على عاتق السلطات في الإقليم وبغداد، ويتهمونهما باستغلال حاجة السكان إلى الوقود في موسم الشتاء لجني أكبر قدر ممكن من الأرباح. وقال سرباز خليل (40 عاماً)، وهو موظف، إن حكومة الإقليم «تتحمل المسؤولية المباشرة في هذه الأزمة وهذه المعضلة المزمنة التي تتكرر كل عام». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «هناك مصفاتان عملاقتان في الإقليم، وبطاقات إنتاجية تفوق حاجة سكان المنطقة، وبوسع الحكومة تلبية حاجة المواطنين للمحروقات والوقود بأسعار مدعومة وبسهولة، لكنها تعمد إلى بيعها في الأسواق التجارية لكسب المزيد من الأرباح، على حساب الفقراء».

مشاركة :