كان لافتا، في لقاء الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة وزير الخارجية مع برنامج المختصر الذي بثته قناة أم بي سي العربية، أمران مهمان: الأول: ما يتعلق بتقييم معاليه لتجربة مملكة البحرين السياسية في ظل المشروع الإصلاحي لجلالة الملك المفدى أيده الله حيث أكد حقيقة ثابتة ولافته في هذا المشروع الإصلاحي وهي أنه بالرغم من الهزة القوية التي مرت بها مملكة البحرين في عام 2011 وما لحقها من أحداث متتالية في السنوات اللاحقة فإن البحرين لم تتراجع عن المسيرة الديمقراطية وخاصة عن التزامها الثابت بإجراء الانتخابات البرلمانية والبلدية وعلى الرغم من قوة التآمر الذي تعرضت له البحرين من الداخل والخارج بما يؤكد أن الخيار الديمقراطي في المشروع الإصلاحي لجلالة الملك هو خيار استراتيجي وليس مجرد إجراء تكتيكي استدعته الظروف كما يدعي البعض. الأمر الثاني: ما أثاره وزير الخارجية حول ما تتعرض له الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية من هجمات وإساءات بالغة من قبل عديد من الأطراف المشبوهة سواء بمناسبة موضوع وفاة الصحفي جمال خاشقجي أو غيره من الموضوعات التي يتم استغلالها لإلحاق الأضرار بالمملكة العربية السعودية وسمعتها السياسية، مؤكدا في الوقت نفس حتمية الوقوف مع السعودية مهما كانت القضايا التي تثار لأن العلاقة مع السعودية علاقة استراتيجية جوهرية وليست مجرد علاقة عادية بين دولة وأخرى. وإذا عدنا إلى الأمر الأول المتعلق بالتجربة الديمقراطية في البحرين فإن استمرار هذه التجربة من 16 سنة متواصلة واستعدادها لدخول 4 سنوات أخرى جديدة يعني 20 سنة من المشاركة الديمقراطية الحقيقية بمشاركة الجمعيات السياسية أو بمشاركة الأفراد والمستقلين الذين يعبرون عن توجهات سياسية واجتماعية متنوعة. ففي عام 1999 وحتى قبيل انتخابات عام 2002 لم تكن هناك ضغوط خارجية ولا حتى داخلية ولا أي موجة كبيرة تدفع نحو ضرورة الأخذ بالنهج الديمقراطي إلا أن جلالة الملك المفدى قد استشعر في وقت مبكر جدا الحاجة إلى الإعلان عن مشروع حضاري سياسي يستعيد من خلاله نهضة البحرين ويربط تجربة الماضي بالحاضر بالإعلان عن إنشاء البرلمان البحريني المنتخب مباشرة من الشعب والإعلان عن الانتخابات البرلمانية والبلدية الحرة وبهذا المعنى فإن الديمقراطية البحرينية الجديدة قد جاءت بإرادة وطنية داخلية ومن دون ضغوط من أي جهة كانت وبذلك حازت السبق بل وأعطت للمشاركة السياسية طعما فريدا من خلال جانبين ميزا الحالة البحرينية: الأول: إصدار قانون مباشرة الحقوق السياسية الذي منح المواطن البحريني من ذكر وأنثى على حد سواء حقوقه السياسية كافة، إذ حصلت المرأة البحرينية على حقوقها كاملة تماشيا مع المسيرة الحضارية للمرأة في البحرين والتي بدأت في وقت مبكر من القرن العشرين عندما افتتحت أول مدرسة نظامية للبنات في عام 1928. الثاني: إصدار قانون الجمعيات السياسية الذي سمح بترخيص الأحزاب والجمعيات السياسية وإن سميت بمسمى الجمعيات فهي في الحقيقة أحزاب بأتم معنى الكلمة لها ترخيصها ولها برامجها وخططها ومقراتها وصحفها ومشاركتها في الانتخابات بمرشحيها. هذه الخاصية جعلت من الديمقراطية البحرينية ثابتا من ثوابت الحياة السياسية بالرغم من الهزة الكبيرة التي تعرضت لها البحرين نتيجة التآمر ومحاولة الانقلاب التي حدثت عام 2011 كما أسلفنا. أما الأمر الثاني المتعلق بالهجمة على المملكة العربية السعودية الشقيقة والتي شخصها معالي وزير الخارجية ووصفها بكونها تسونامي تتعرض له السعودية تم الإعداد والتنظيم له بشكل مسبق، فإن متابعة ما حدث مؤخرا للصحفي جمال خاشقجي بغض النظر عن التفاصيل والملابسات التي ثارت حول هذا الموضوع فإن المشكلة التي تكمن في الهجمة التي تستهدف المملكة العربية السعودية قد استغلت هذا الموضوع مثلما استغلت غيرها من الموضوعات في السابق للإساءة إلى هذا البلد العربي الخليجي الكبير بغرض إضعافه وتصويره بصورة سلبية. والمهم هنا فيما أثاره معالي الوزير، هو الموقف الخليجي والعربي الذي يجب أن يكون مع السعودية قلبا وقالبا ضد موجات التشويه والإساءة التي تمارسها عدة أطراف تنسق فيما بينها وتجمعت مصالحها للإساءة إلى السعودية سواء في هذا الأمر أو في غيره من الأمور الأخرى معتقدين بأنهم إذا فعلوا ذلك فقد فعلوا الصواب في حين أن الصواب الوحيد، ومن خلال نظرة استراتيجية، يتمثل في الوقوف مع الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية قلبا وقالبا.
مشاركة :