أشاد تقرير "بتروليوم إيكونوميست" الدولي بنجاح مبادرة مستقبل الاستثمار فى الرياض، مؤكدا أن السعودية حرصت خلال فعاليات المبادرة على مواصلة النشاط الاقتصادي كالمعتاد بحضور لافت للشركات العالمية. ولفت التقرير إلى أن السعودية أكدت من خلال هذا المؤتمر أن التوترات السياسية العالمية لا يجب أن تؤثر في الأنشطة التجارية والاقتصادية والاستثمارية في الوقت الحالي. وأضاف التقرير أن "الحكومات في جميع أنحاء العالم تتسم بالواقعية بما يكفي، وتعلم أن السعودية مصدر رئيسي مربح للاستثمار والأعمال التجارية"، لافتا إلى أن السعودية ستواصل العمل على تحقيق الأهداف الرئيسية لـ "رؤية 2030" خاصة فيما يتعلق بتوسيع دور القطاع الخاص في اقتصاد السعودية. وأكد أن تحقيق هذا الهدف يحتاج من الرياض إلى العمل بشكل أكبر على اجتذاب استثمارات خارجية ضخمة لتعزيز الصناعات التحويلية والقطاعات الأخرى. وتوقع التقرير أن تكثف السعودية خلال الأشهر المقبلة جهود النشاط الاقتصادي الطبيعي ودعم استقرار وتوازن سوق النفط الخام بزيادة الإمدادات ومواصلة عزل السوق النفطية عن العوامل السياسية، مهما شهدت من تطورات ومستجدات. ونقل التقرير عن محللين فى "كابيتال إيكونوميكس" أن الاقتصاد السعودي قادر على تجاوز الأزمات ومواصلة الطريق نحو أهداف برنامج التحول الوطني 2020، وأهداف "رؤية 2030" بكل طموحاتها الواسعة والتغلب على أي تباطؤ أو تأخر في برنامج الإصلاح الاقتصادي. إلى ذلك، لا تزال أسواق النفط متوترة قبل العقوبات الأمريكية التي تستهدف صادرات الخام الإيرانية التي يبدأ سريانها في الرابع من تشرين الثاني (نوفمبر). وبحسب "رويترز"، سجلت الأسواق ارتفاعا أمس، حيث بلغ سعر خام القياس العالمي مزيج برنت في عقود شهر أقرب استحقاق 76.32 دولار للبرميل، بزيادة 19 سنتا أو 0.28 في المائة عن التسوية السابقة. وبلغ سعر خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي في العقود الآجلة 66.95 دولار للبرميل، بزيادة 21 سنتا أو 0.22 في المائة عن التسوية السابقة. وقال بنجامين لو، محلل السلع الأولية لدى "فيليب فيوتشرز" ومقرها سنغافورة، "إن خامات النفط القياسية العالمية تضررت بشدة منذ بداية الربع الأخير من 2018 مع تراجع الثقة بالسوق بسبب انخفاض التوقعات الاقتصادية لما بعد 2018 وموجة هبوط كبيرة في الأسهم العالمية". وتضررت الأسواق تضررا شديدا هذا الشهر جراء عدة مخاوف من بينها تلك المتعلقة بالحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين واضطراب عملات الأسواق الناشئة وارتفاع تكاليف الاقتراض وعوائد السندات، إلى جانب المخاوف الاقتصادية في إيطاليا. ونزل خام غرب تكساس الوسيط نحو 10 في المائة منذ بداية الشهر، بينما انخفض برنت نحو 9 في المائة. ورضوخا للضغوط التي تمارسها واشنطن، لم تطلب شركتا النفط الصينيتان العملاقتان سينوبك، ومؤسسة النفط الوطنية الصينية "سي.إن.بي.سي" أي نفط من إيران للشهر المقبل خشية أن يؤثر انتهاك العقوبات في عملياتهما العالمية. والصين أكبر مشتر للنفط الإيراني، ويعني وقف واردات الخام من إيران أن كثيرا من مصافيها سيضطر إلى البحث عن إمدادات بديلة من مناطق أخرى. من ناحية أخرى، قالت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية "إن مخزونات النفط الخام في الولايات المتحدة ارتفعت الأسبوع الماضي للأسبوع الخامس على التوالي، بينما انخفضت مخزونات البنزين ونواتج التقطير". وارتفعت مخزونات الخام بمقدار 6.3 مليون برميل في الأسبوع الماضي، في حين كانت توقعات المحللين تشير إلى زيادة قدرها 3.7 مليون برميل. وفي الأسابيع الخمسة الماضية، ارتفع إجمالي المخزونات الأمريكية إلى 422 مليون برميل، وهو ما لا يشمل الاحتياطي الاستراتيجي الذي يحتوي على نحو 656 مليون برميل. وذكرت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أن مخزونات الخام في مركز التسليم في كاشينج في ولاية أوكلاهوما ارتفعت 1.4 مليون برميل. وأظهرت بيانات الإدارة أن استهلاك مصافي التكرير للخام انخفض بمقدار 48 ألف برميل يوميا. وزادت معدلات تشغيل المصافي 0.4 نقطة مئوية، لكن إجمالي معدل الاستفادة من الطاقة الإنتاجية ما زال عند مستوى منخفض يبلغ 89.2 في المائة. وتراجعت مخزونات البنزين 4.8 مليون برميل، في حين أشارت توقعات المحللين في استطلاع إلى انخفاض قدره 1.9 مليون برميل. كما هبطت مخزونات نواتج التقطير، التي تشمل الديزل وزيت التدفئة، بمقدار 2.3 مليون برميل، في حين كان من المتوقع أن تهبط 1.9 مليون برميل. وانخفض صافي واردات الولايات المتحدة من النفط الخام الأسبوع الماضي بمقدار 335 ألف برميل يوميا. في سياق متصل، أوضح لـ "الاقتصادية"، جون هال مدير شركة ألفا إنرجي الدولية للطاقة، أن المواقف السعودية المسؤولة والداعمة لسوق النفط الخام قادت إلى انخفاضات سعرية في ضوء التعهدات بتوفير كافة الإمدادات المطلوبة لتعويض الانخفاضات الحادة المتوقعة الناجمة عن سريان العقوبات الأمريكية على إيران خلال الأيام القليلة المقبلة. وأشار هال إلى أن الأسعار في اتجاه نزولي أيضا بسبب بناء مستوى جيد ومرتفع من المخزونات الأمريكية وهو ما قلل المخاوف على العرض وطمأن السوق إلى استمرار حالة وفرة الإمدادات ووجود احتواء سريع لأي فجوة بين العرض والطلب. من جانبها، توضح لـ "الاقتصادية"، ويني أكيلو المحللة الأمريكية في شركة "أفريكا انجنيرينج"، أن هدوء الأسعار قد يكون ناجما عن تخفيض توقعات الطلب للعامين الجاري والمقبل من قبل منظمة أوبك ووكالة الطاقة خاصة، وفي ضوء اقتراب موعد ضعف الطلب الموسمي بسبب موسم صيانة المصافي الأمريكية. وتضيف أكيلو أن "الرهانات على نمو الإنتاج الأمريكي بدأت تتراجع بسبب المشكلات الإنتاجية والتشغيلية التي تفوق مجرد الاختناقات فى خطوط الأنابيب"، مشيرة إلى أن توقعات سابقة بأن ينمو الإنتاج الأمريكي بنحو 1.5 مليون برميل يوميا بدأ بالفعل كثير من المؤسسات النفطية المعنية في العدول عنها. من جهته، يقول لـ "الاقتصادية"، فيتوريو موسازي مدير العلاقات الدولية في شركة "سنام" الإيطالية للطاقة، "إن هناك كثيرا من الأدوار المنتظرة لتحالف المنتجين في "أوبك" وخارجها خلال الفترة المقبلة خاصة مع قرب تدشين تعاون أوسع طويل المدى"، معتبرا هذا التحالف الضامن الأكبر لبقاء الأسواق في حالة مستدامة من التوازن والاستقرار. وأشار موسازي إلى أن تنشيط الاستثمارات مطلوب بشكل عاجل خاصة في مجال النفط والغاز، متوقعا أن يكون النمو بوتيرة أسرع في السنوات العشر المقبلة لتعويض النضوب الطبيعي للحقول والتباطؤ الاستثماري الذي حدث منذ منتصف عام 2014، مشددا على بقاء الدور المحوري للنفط والغاز في مزيج الطاقة العالمي لعقود مقبلة.
مشاركة :