تزامنت الانتخابات العامة اللبنانية والعراقية الأخيرة خلال أيار (مايو) الماضي، إذ فصلهما أقل من أسبوع، لكن المفارقة ليست هنا بل في عجز البلدين رغم مرور نحو ستة أشهر عن تشكيل حكومتيهما الجديدتين المنبثقتين عن الاستحقاقين الانتخابيين. وكما كانت الشاشات العراقية واللبنانية طيلة أسابيع وأسابيع كي لا نقول أشهراً تخوض غمار الانتخاب والتنافس، تنهمك الشاشات إياها في بلدي الأرز والرافدين هذه الأيام في تغطية ماراثون التشكيل الحكومي الطويل وتضارب وتعدد الصفقات والاتفاقات والمساومات على تشكيل الحكومتين وتوزيع الحصص والامتيازات والمناصب والحقائب الوزارية التي تغدو بمثابة طرائد وفرائس تتنازع عليها القوى والأطراف السياسية بطريقة تظهر مدى تفشي الطائفية والفئوية وطغيان الحسابات المصلحية على حساب مصالح الوطن والمواطنين وعلى حساب انتظام التقاليد الديموقراطية. فكل شيء يهون في سبيل كعكة السلطة التي لا صوت يعلو على صوت اقتسامها والظفر بما تطوله منها كل يد سياسية. وفي سياق الصراع على الحصص والحجوم الحكومية والإدارية، تتفشى ظواهر المناورات والمقايضات والمزايدات والمناقصات وغالباً وفق الاعتبارات الشخصية والحزبية الضيقة وعلى حساب البرامج والسياسات التي تغدو عرضة للتلون والتبدل على وقع الكراسي والوزارات ... على ما يتبدى مثلاً من خلال برامج المناظرات والحوارات السياسية التي تعج بها القنوات في لبنان والعراق هذه الفترة في سياق تغطياتها وتناولها لمآلات جهود تشكيل الحكومتين العتيدتين اللتين مضى نحو نصف عام كما سبقت الإشارة ولم يتصاعد دخان تأسيسهما الأبيض بعد، في حين أن بلداً مثل الولايات المتحدة الأميركية يشهد في غضون عامين فقط من تشكيل كل حكومة منتخبة انتخابات نصفية. ويبقى في طبيعة الحال الاستعصاء الحكومي تحصيل حاصل للاستعصاء الديموقراطي في ربوعنا... ذاك الاستعصاء الحكومي الذي بات زاد نشرات الأخبار وحديث الساعة، حيث حروب الوزارات وما أدراك ما الوزارات على أشدها حتى إشعار الولادة الحكومية.
مشاركة :