براتيسلافا (سلوفاكيا) - وجّه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في اليوم الأول من زيارة تشمل براتيسلافا وبراغ تحذيرا جديدا إلى الدول التي لا تحترم مبادئ الاتحاد الأوروبي وخصوصا بولندا والمجر. وفي مقابلة مع أربع صحف تشيكية وبولندية وسلوفاكية ومجرية، نشرت الجمعة كرّر الرئيس الفرنسي ما قاله العام الماضي من أن “أوروبا ليست سوبرماركت”، وعبر عن قلقه من المواقف المعادية للمهاجرين ومخالفات مبادئ القانون في بولندا والمجر. وجاء تأكيد هذه المواقف قبل سبعة أشهر من انتخابات أوروبية يتوقع الرئيس الفرنسي أن تشهد منافسة حادة بين “التقدميين” والقوميين. ومنذ شهر سبتمبر الماضي أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سعيه لـ”أوسع قائمة ممكنة” في الانتخابات الأوروبية، واصفاً إياها بأنها “معركة من أجل الحضارة”. إلا أن ماكرون الساعي وفق العديد من الملاحظين لتزعم الاتحاد الأوروبي والمنتمي إلى تيار الوسط سعى أيضاً إلى ضم معارضين له في اليمين الشعبوي، مثل نائب رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو سالفيني، ورئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان. وكان الرئيس الفرنسي قد قال “إنه ليس مؤيداً لأوروبا ولا للعولمة”، مضيفاً أنه واثق في الهوية القوية لكل الشعب، وواثق في تاريخ وطموح الشعب الفرنسي. ويأتي ذلك بعد أن صور كل من سالفيني ومارين لوبان، زعيمة اليمين المتطرف الفرنسي قبل انتخابات البرلمان الأوروبي العام المقبل، بأنها سباق بين رؤيتهما للعالم القومي والليبرالية المؤيدة للاتحاد الأوروبي، التي ينتهجها ماكرون، وهو تحد يبدو أنه يستمتع به. وقبيل الانتخابات الأوروبية التي ستكون حاسمة، كانت مارين لوبان قد اعترفت بأن “ذا موفمنت” التي أسسها ستيف بانون كبير مستشاري البيت الأبيض السابق للشؤون الاستراتيجية في بروكسل، عرضت تقديم المساعدة للأحزاب الشعبوية أو المناهضة لليورو مثل حزبها لكي تفوز بانتخابات البرلمان الأوروبي المقررة في مايو 2019، مما قد يعرقل بصورة كبيرة سياسات الاتحاد الأوروبي. وترفض المجر وسلوفاكيا والجمهورية التشيكية وبولندا المجتمعة في إطار مجموعة فيشيغراد، بشكل قاطع توزيعا إلزاميا للمهاجرين بين دول الاتحاد الأوروبي. وقال ماكرون “لدينا مطلب جماعي بالتماسك والتضامن، لا يمكن الاستفادة من الميزانية الأوروبية بدون قبول التضامن في مجال الهجرة مثلا”. ماكرون الساعي وفق العديد من الملاحظين لتزعم الاتحاد الأوروبي والمنتمي إلى تيار الوسط يسعى إلى ضم معارضين له في اليمين الشعبوي وأضاف “لا يمكن التفكير في خفض مساهمة في الاتحاد الأوروبي بدون فهم ما تقدمه السوق الواحدة. إذا أردنا قتل أوروبا فلنواصل العمل بهذا الشكل. أوروبا لا تسير باتجاه واحد، إنها التزام متبادل”. وردا على تصريحات لرئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان الذي يعتبره خصمه الرئيسي في الانتخابات الأوروبية، قال ماكرون إن “وضع دولة القانون في المجر يشهد تطورات مقلقة” مع تهديدات حول توازن السلطات وعمل المنظمات غير الحكومية. وأضاف “لدينا علاقات جيدة مع فيكتور أوربان الذي أحترمه شخصيا وكرئيس حكومة اختاره الشعب المجري، لكن أوروبا تستهتر بتنوع الأفكار والمعتقدات، وباستقلال القضاء والصحافة وباستقبال اللاجئين الهاربين من حملات الاضطهاد السياسي، هذه خيانة لما نكون”. وفي تعليق على اغتيال الصحافي الاستقصائي يان كوسياك في فبراير الماضي، أكد ماكرون أن “تهديد ومهاجمة وقتل صحافيين يمس بأسس ديموقراطياتنا”. في ملف آخر، أبدى ماكرون “أسفه” لقرار الحكومة البلجيكية شراء مقاتلات أف-35 أميركية بدلا من طائرات أوروبية، واصفا القرار بأنه “مخالف استراتيجيا للمصالح الأوروبية”. وأعلنت الحكومة البلجيكية الخميس أنها اختارت شراء مقاتلات أف-35 الأميركية لاستبدال أسطولها المتقادم من طائرات أف-16، على حساب مقاتلات “رافال” الفرنسية. وقال الرئيس الفرنسي إن “العرض الفرنسي جاء قبل إبرام الصفقة. يؤسفني الخيار الذي اتّخذ. لم يكن عرض رافال البديل الوحيد، بل كان هناك أيضا عرض يوروفايتر. لقد كان هناك عرض أوروبي حقيقي”.وتابع ماكرون أن “القرار مرتبط بإجراءات بلجيكية، وبقيود سياسية لكنه مخالف استراتيجيا للمصالح الأوروبية”. وأضاف ماكرون “سأفعل كل ما بوسعي لكي تكون الأفضلية في المستقبل للعروض الأوروبية”. وقال الرئيس الفرنسي “على أوروبا تطوير قدرات حقيقية في ما يتعلق بالصناعات الدفاعية في كافة الدول المقتنعة بذلك”، مؤكدا تصميمه على المضي قدما في هذا التوجه. والرئيس التشيكي ميلوش زيمان الذي التقاه ماكرون الجمعة معروف بمواقفه المعادية للهجرة وبمهاجمته للصحافة بتهكم باستمرار. وفي أكتوبر 2017، وصل إلى مؤتمر صحافي حاملا رشاشا مزيفا كتب عليه “من أجل الصحافيين”. كما تحل المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى براغ الجمعة، في إطار مساع فرنسية ألمانية لمحو فكرة الاهتمام المتزايد بأن فرنسا تريد تمرير إصلاحاتها بالقوة على الاتحاد الأوروبي بدعم ألماني.
مشاركة :