أطفال فاقدون للسند العائلي في تونس مهددون بالتشرد

  • 10/27/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

سليانة (تونس) - تكتنف هالة من الغموض مصير قرية الأطفال أس.أو.أس بسليانة ففي حين تؤكد إدارة القرية على أنه سيتم الحفاظ عليها يسود في أوساط المقيمين والعاملين فيها شعور بالتخلي عليها. وتتبعثر في بعض الغرف والأماكن داخل القرية بقايا أثاث قديم، وتنبعث منها روائح كريهة وقد علقت الأتربة على أرضيتها وجدرانها التي تآكلت نتيجة الرطوبة. ويقطن في القرية حاليا بعض المراهقين ممن قالوا أنهم “أبناء أس.أو.أس” الذين نشأوا في القرية ومكثوا فيها رافضين مغادرتها. الأطفال دون سن الدراسة فقدوا بدورهم متنفسهم الوحيد في القرية، حيث تقرر منذ عامين إغلاق روضتهم بسبب بنايتها الآيلة للسقوط طبقا لتقرير أعدته الحماية المدنية. ويفسر الشاب كريم الرياحي أحد الأطفال الذين نشأوا في القرية منذ عقدين من الزمن، تدهور أوضاع بعض الغرف بانعدام الصيانة، واصفا في حديث لوكالة الأنباء المحلية “السياسة المنتهجة في تسيير شؤون القرية بـ’سياسة التهجير’ من القرية التي تأسست أساسا لحماية ورعاية أطفال لم يختاروا أن يكونوا من بين فاقدي السند”. واتهم الرياحي، إدارة أس.أو.أس بدفع الأطفال نحو مغادرة القرية في إجراء يرمي إلى إفراغها من الأطفال، معتبرا، أن عدول القرية عن احتضان المزيد من الوافدين يعكس رغبة في “تبرير إغلاقها نهائيا” وفق تقديره. وأشار، إلى أن القرية لم تستقبل منذ نحو عامين أطفالا جددا في حين غادرها عدد من أبنائها بضغط من الإدارة، معبرا عن استغرابه من مطالبة باقي الشبان بالمغادرة رغم أنهم تربوا على أيدي أمهات بديلات تشغلهن القرية لتربية الأطفال الوافدين من فاقدي السند. وتوظف القرية، أمهات بديلات للأمهات الطبيعيات في إجراء يهدف إلى ضمان رعاية الأم للأطفال فاقدي السند. وفي هذه القرية في محافظة سليانة تسهر ثلاث أمهات على رعاية الأطفال وتعينهن في شؤون رعاية الأبناء سبع خالات. غالبية قرى أس.أو.أس في تونس تعيش أزمة عامة ما يهدد عددا هاما من الأطفال فاقدي السند بمستقبل غامض ولكن، في ظل انخفاض عدد الأطفال بالقرية ستجد الأمهات أنفسهن في وضع لا تحسدن عليه حيث يفرض عليهن توديع أبنائهن الذين ينصرفون لإتمام دراستهم في الجامعات أو من أجل البحث عن فرص للاندماج مهنيا. ولئن يعطي مسؤولو القرية بصفة مستمرة تطمينات بتواصل نشاط هذه المؤسسة في احتضان الأطفال فاقدي السند إلا أن تطميناتهم لا تجد صدى عند شبان كبروا في القرية. وترعى القرية حسب مديرها زهير الدريدي، 36 طفلا و52 شابا بعد أن كانت تحتضن خلال عام 2011 حوالي 88 طفلا. وتؤمن ثلاث نساء بصفة أمهات فضلا عن 7 نساء بصفة خالات الرعاية للأطفال بالقرية التي أنشئت منذ العام 1983. كما تحتضن أس.أو.أس سليانة، 52 شابا وتصرف لفائدة الطلبة منهم منحا دراسية، في حين توفر منحا أخرى لسداد معاليم الكراء لشبان آخرين غادروا للسكن خارج القرية. وأشار الدريدي، إلى أن القرية تركز حاليا على إنجاز برنامج لرعاية الأطفال في محيطهم الطبيعي لدعم تواجدهم في محيطهم الأسري الطبيعي. وطرحت مشكلات هذه القرية ووضعيتها للنقاش على المستوى الحكومي وكانت جلسة انتظمت بمقر وزارة المرأة والأسرة والطفولة وكبار السن العام الماضي بإشراف الوزيرة نزيهة العبيدي وحضور رئيس ديوان وزير الشؤون الاجتماعية ووالي سليانة، إضافة إلى وفد عن الجمعية التونسية لقرى الأطفال، وتم الاتفاق فيها على عدم اللجوء إلى غلقها ومراعاة مصلحة الأطفال المقيمين بها. ولمجابهة خطر غلق المؤسسة اتفقت السلط مع عدد من رجال الأعمال بالجهة وأهل والبر والإحسان على توفير الموارد الضرورية لتسييرها وضمان مواصلة احتضانها للأطفال في ظروف عادية، غير أن الملاحظ واقعيا أن الوضع لم يتحسن ليجد الأطفال أبناء القرية أنفسهم في مواجهة التشرد في الشارع. وتعيش غالبية قرى أس.أو.أس في تونس أزمة عامة ما يهدد عددا هاما من الأطفال فاقدي السند بمستقبل غامض وربما يصبحون من أطفال الشوارع والمشردين في حال تم إخراجهم من هذه القرى دون توفير بدائل ومقرات سكن وموارد عيش لهم. ويعيش الأطفال قرى أس أو أس المهددة بالغلق حالة من القلق والضياع في انتظار الحلول الناجعة من أجل حمايتهم من الشوارع ومن العيش من دون عائلة ومن دون أم ومن دون مأوى ايضا.

مشاركة :