الحركة المسرحية في «كرزكان» انتشاء مبهر ثم توقف مخجل

  • 10/27/2018
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

ضمن الفعاليات الثقافية التي يقيمها مركز كرزكان الثقافي والرياضي شارك الفنان المسرحي علي باقر أحد رواد المسرح القروي في الندوة الفنية التي تستعرض الحركة المسرحية في قرية كرزكان، وذلك في تمام الساعة السابعة والنصف من مساء يوم السبت الموافق 13 أكتوبر 2018، وقد شارك في الندوة الفنان المخرج محمد أبو حسن رئيس اللجنة الثقافية بالمركز، العضو المؤسس بمسرح الريف البحريني. وقد أدار الندوة الأستاذ فوزي المهدي. حضر الندوة عدد لا بأس به من أبناء القرية وبعض المهتمين بالنشاط المسرحي القروي الذين أثروا الندوة بتساؤلاتهم التي تصب في إمكانية ضخ الشباب المتحفز من جديد لإعادة مجد المسرح القروي الكرزكاني عبر تقديم عروض مسرحية نوعية كوميدية تتلاءم مع إمكانات المركز ماديًا. وفي الندوة تناول الفنانان الحركة المسرحية قرية كرزكان من سنة 1968 حتى عام 2000 توثيقا وما عكسته تلك العروض المسرحية من تطور وإعجاب من جمهور القرية عبر المشاركات التنافسية التي خاضها النادي آنذاك ثم أسباب توقفها. وقد أشار الفنان محمد أبو حسن في حديثه عن غياب المسرح الكرزكاني بعد تألق شبابه الذين كانت لهم بصمات واضحة في الحراك الفني والثقافي داخليا وخارجيًا من خلال مشاركتهم في مهرجانات الأندية التي أقامتها المؤسسة العامة للشباب والرياضة في وطننا الحبيب مملكة البحرين آنذاك وعبر المشاركة في مهرجان الريف المسرحي في بداية انطلاقته في عام 2000م.. وثمَّن أبو حسن دور الرواد المسرحيين الذين تفاعلوا من المسرح الكرزكاني أمثال الأساتذة علي خميس والمحامي المخرج عبدالله محمد والدكتور سلمان الفردان والأستاذ علي باقر وعبدالله الروساني وغيرهم من الفنانين والممثلين الذين دفعوا عجلة المسرح بفكرهم من خلال تفاعلهم المتدفق عطاءً. وأضاف الفنان «أبو حسن» رائد المسرح الكرزكاني أن المسرحيات التي أنتجها النادي ابتداء من مسرحية «ولد يرطن مقلوب في المدرسة» التي كتبها ملا أحمد بن إبراهيم وأخرجها الأستاذ عبدالله محمد في سنة 1968 واستحوذت على إعجاب جماهير القرية كثيرة، نذكر منها: زواج في محطة النقل العام، اليتيم، بيت على حافة النهر، الضمير، فاقد، خبز خبزته أكله، الجوكر، عجيب، لوثة الغرباء، راجو لبس دشداشة والعزومة وقائمة يطول البحث فيها كلها طرحت القضايا الاجتماعية الهادفة وتميَّزت بمواقف كوميدية ساخرة وتفاعل معها الجمهور بانتشاء مبهر ولكن مع الأسف توقفت مسيرة المسرح بعد عام 2000 بشكل لافت ومخجل.. فشباب اليوم لا قدرة لهم على خوض التدريبات وليسوا كما كان الشباب السابق في عطائهم المسرحي. ودعا الشباب المثقفين من أبناء القرية والقرى المجاورة إلى الانخراط في الورش التدريبية الفنية والمسرحيات التي سيقدمها المركز لما للمسرح من أهمية في طرح الهموم والمشكلات بأساليب فنية متحضرة بعيدة عن الخطابية والمباشرة، كما أن له الفضل أيضا في صقل المهارات الفنية، فالمسرح بعطائه يبني شخصيات الشباب ويحفزهم على الإبداع، وفي نهاية حديثه عبَّر عن أسفه كون أهم المشكلات المعيقة لمسرح القرية هو عدم وجود خشبة للعرض المسرحي. أما الفنان على باقر فقد استعرض في حديثه بدايات انضمامه إلى عضوية نادي كرزكان في عام 1982 وتفاعله مع المسرح من خلال وقوفه ممثلا ومخرجا في مسرحية «بيت على حافة النهر» مع طلابه الذين درسهم في مدرسة الخليل بن أحمد الإعدادية آنذاك والتي فتحت شهيته للتأليف والتمثيل لبعض المسرحيات مدرسية واجتماعية، ولكنه اتخذ التمثيل المسرحي هواية، وعُرِف به في القرية والقرى المجاورة، كما أنه أول من أدخل المؤثرات الموسيقية والموسيقى التصويرية في مسرحيات النادي، ثم أصبحت عرفًا سائدًا، ما أدخله في جدلٍ عقيمٍ ولغطٍ لعدم تقبل أهالي القرية تلك المسموعات آنذاك، كل هذه التأثيرات المعيقة للعمل الفني حاول التغلب عليها بالصبر وعدم الخنوع، إلى أن قام مجلس إدارة النادي 1985 بتقييد حريته الفنية والثقافية في مشاركاته خارج القرية في قرار يتطلب منه أخذ إجازة من مجلس الإدارة.. ما اعتبر مناقضا لإنسانية الفكر والثقافة والاستفادة من الخبرات وتطويعها في أي عرض مسرحي تمثيلا وإخراجا سواء في القرية أو القرى أو في المدن أيضا. وأن العضوية لا تعني أن الإنسان الذي يسعي لنيل الثقافة والفن أصبح بعضويته من المقتنيات المادية فرفض وعلى ضوء ذلك أوقف نشاطه المسرحي حيث أدى هذا القرار إلى أن يقدم استقالته الأبدية .. ثم مارس الفنان علي باقر فنه المسرحي مع إخوته من الفنانين في نادي قرية بوري وشارك في معظم عروضهم المسرحية وحقق جوائز في التمثيل فكانوا شبابًا متحفزًا في العطاء حتى عام 1990م وعن بداية ازدهار المسرح الكرزكاني 1982 فنًا ونوعًا فإنه يرجع إلى استقطاب علمين من أعلام الفن المسرحي البحريني.. هما الفنان الأستاذ إبراهيم بحر خريج معهد الفنون المسرحية بدولة الكويت ومدرس مادة المجالات بمدرسة الخليل، حيث تعاون مع وأخرج مسرحية «فاقد» التي ألف الفنان علي باقر الجزء الأول منها. أما الجزء الثاني فكان من تأليف الكاتب الكرزكاني حسن أبو حسن وتلتها مسرحية «خبز خبزته أكله» التي كتبها الكاتب الكرزكاني أحمد فردان وأخرجها الفنان عبدالله السعدوي الذي عرف بمسيرته المسرحية في الشارقة آنذاك. كما تعاون باقر مع الفنان عبدالله ملك الكوهجي خريج معهد الفنون المسرحية بدولة الكويت ومدرس المجالات بمدرسة جابر بن حيان الإعدادية في قرية عالي لتقديم اسكتشات مسرحية في طابور الصباح ما أسهم في صقل ممثلي أبناء القرية فنيًا وشكلوا نواة للمسرح المدرسي يتتابع عطاؤه في المدرسة وفي النادي كلما أقدموا على التدريبات لعرض مسرحية. وأشار الفنان علي باقر في نهاية الندوة ردًا على تساؤلات الحضور حول أسباب توقف نشاط المسرح إلى عدم وجود خشبة مسرح : «إن الفن المسرحي اليوم له صوره الفنية التي قد تخرج عن إطار مسرح العلبة كما هو سائد.. فيمكن أن يقدم المسرح بفنياته التشخيصية والتعبيرية والسنوغرافية كفرجة في الشارع بديكور خفيف وبأدوات لا تكلف المركز ماديا كما تتصورون.. فيمكن استخدام القماش، الخيش، فروع الشجر، براميل قمامة، عجلات السيارات، القمامة.. ولكن الأهم هو الاشتغال على الممثلين الذين يعدون عنصرًا مهمًا من عناصر المسرح وبناء صور تمثيلية مشهدية تؤثر في الجمهور المتحلق حول العرض واختيار المخرج بعناية ومعه مشرف فني متابع له من أجل العصف الذهني ويمكن من خلال الإخراج خلق مواقف كوميدية ساخرة مذابة ضمن مشاهد العرض.. والأهم أن ينسجم الممثلون مع بعضهم ويجسدوا بحسهم وفهمهم لأدوارهم صورًا فنية ويتفاعلوا بإيقاعاتهم الفنية ليستفزوا الجمهور، فيؤثرون بحسن أدائهم وبتعبيراتهم الجسدية التي تبني شكلاً جماليًا وتأثيريًا بديعًا وبالتأكيد سينجح العرض بعيدًا عن مسرح العلبة. اليوم يقدم المسرح الصحراوي في الشارقة في الرمال بين الكثبان وتقدم مهرجانات الشارع بعيدًا عن مسرح العلبة السائد. وفي الختام، شكر الفنانان مركز كرزكان على إتاحته الفرصة لهما لاستعادة ذكرى تاريخ المسرح الكرزكاني عبر هذه الندوة الثرية. وبعد اللقاء مباشرة قام الأستاذ منصور الفردان رئيس مجلس إدارة المركز بتكريم الفنانين بدرعين تذكاريتين لدورهما الكبير في رفد الحركة الفنية المسرحية في القرية ومشاركتهما الفعالة في هذه الندوة، كما شكر رئيس المركز الأستاذ فوزي المهدي على حسن إدارته وروعة تقديمه.

مشاركة :