رأت مجلة "إيكونوميست" البريطانية أن اعتزام الأمريكيين الانسحاب من معاهدة القوى النووية متوسطة المدى المبرمة عام 1987 كفيل بعودة أجواء الحرب الباردة وما اكتنفها من مخاوف.وقالت المجلة إن الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريجان ورئيس الاتحاد السوفيتي الأسبق ميخائيل جورباتشوف أرادا عبر إبرام تلك المعاهدة استبدال السِلم بالحرب، لكن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قرّر عودة القلق مرة أخرى بإعلانه الشهر الجاري نيته انسحاب أمريكا من المعاهدة وتطوير صواريخ "ريثما تعود كل من روسيا والصين إلى رشدهما"، على حد تعبيره.ورصدت "إيكونوميست" رؤية البعض قرار ترامب بمثابة "إجهاز تام" على بقايا الحرب الباردة؛ ويراه آخرون علامات إنذار بسباق للتسلح.وتساءلت إيكونوميست عن سبب إعلان ترامب عزمه فسْخ المعاهدة؛ مشيرة إلى اتهام واشنطن وحلفائها في حلف شمال الأطلسي (ناتو) لموسكو بعمل اختبار للطيران ونشر صواريخ كروز متوسطة المدى من طراز (9M729)؛ ثم تعزيز الصين ترسانتها من الصواريخ متوسطة المدى غير النووية في ظل توطيد العلاقات بين بكين وموسكو.وقالت: "في ظل هذه الخطوات من جانب كل من روسيا والصين على صعيد تعزيز ترسانتيهما من الصواريخ متوسطة المدى مقابل تقيّد أمريكا ببنود المعاهدة، رأى ترامب ما يبرر الانسحاب من المعاهدة".وحذرت "إيكونوميست" من أن انسحاب أمريكا من المعاهدة كفيل بدفع روسيا إلى التعجيل بتطوير صواريخ متوسطة المدى موجهة صوب أوروبا؛ فضلا عن أن هذه الصواريخ الروسية لن تقتصر على (9M729) وإنما ستضم أيضا صواريخ (RS-26) أو "الروبيج"، وهى صواريخ باليستية عابرة للقارات تمّ اختبارها.وأضافت: "على الجانب الآخر، ستندفع أمريكا، حال إقدام روسيا على ما تقدم، إلى الردّ بنشر صواريخ مناسبة على أراض خارج أمريكا؛ وفي هذا الصدد فإن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هدد أية دولة تستضيف تلك الصواريخ الأمريكية بأن تكون أراضيها هدفا لضربة روسية انتقامية".وأوضحت أنه "حال إقدام أمريكا على الاتفاق مع دولة أو اثنتين من حلفائها المتحمسين كبولندا على سبيل المثال بنشر صواريخ على أراضيها دون الرجوع للناتو، فإن ذلك كفيل بإرباك صفّ الحِلف".وقالت: "على الصعيد الآسيوي، لم يزل من غير الواضح كيف سيكون ردّ الحلفاء الآسيويين؛ وعارضت اليابان انسحاب أمريكا من المعاهدة؛ كما أن كوريا الجنوبية قد لا ترحب باستضافة الصواريخ الأمريكية، لاسيما في ظل سعي سول إلى تحسين علاقاتها مع الصين".لكن أمريكا، بحسب الإيكونوميست، حُرّة في نشر تلك الصواريخ على جزيرة "جوام" غرب المحيط الهادئ، وإنْ كان بعض المراقبين يحذرون من أنّ تكدُّس الجزيرة الصغيرة بالصواريخ كفيل بأن يجعل منها هدفًا في أي حرب.
مشاركة :