شهدت العلاقات "المصرية - الألمانية" تطورات كبيرة خلال السنوات الخمس الماضية، في جميع المجالات، عقب ثورة 30 يونيو 2013 وتولي الرئيس عبد الفتاح السيسي مقاليد الحكم في مصر والذي استطاع تغيير الصورة المغلوطة عن ثورة 30 يونيو وما كان يروج ضدها من جماعات الإخوان الإرهابية. وهو ما اتضح بصورة كبيرة في الزيارات المتكررة التي قام بها لرئيس السيسي لألمانيا والتي كانت بدايتها تلبية لدعوة من المستشارة الألمانية" أنجيلا ميركل"، بزيارة بلادها في يونيو 2015 والتي استمرت لمدة يومين، التقى خلالها المستشارة الألمانية وكبار المسئولين الألمان، وجرى خلالها بحث تعزيز التعاون في مختلف المجالات، خصوصا الاقتصادية والعسكرية والأمنية. ساهمت زيارة "السيسي" الأولى لألمانيا إلى تصاعد وتيرة التعاون المصري ــ الألماني في جميع المجالات خاصة في مجال جذب الاستثمارات والسياحة الألمانية إلى مصر. ثم كانت قمة الرئيس السيسي مع المستشارة ميركل في نيويورك في سبتمبر 2015، حيث أكد الرئيس على الأهمية التي توليها مصر لعلاقاتها المتميزة مع ألمانيا، مشيدا بالدور الإيجابي الذي قامت به الشركات الألمانية للمساهمة في دفع عجلة التنمية في مصر من خلال العمل على إنجاز مشروعاتها في أقل وقت ممكن وبأعلى معايير الجودة مع إبداء التفهم اللازم لضرورة خفض التكلفة. ثم قامت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بزيارة للقاهرة في مارس 2017، وتناولت المباحثات المصرية- الألمانية العلاقات الثنائية، والتطورات التي شهدتها على جميع الأصعدة الاقتصادية والعسكرية والثقافية. ثم كانت زيارة الرئيس السيسي الثانية لألمانيا في يونيو 2017، في إطار استمرار تطوير التعاون بين البلدين على جميع المستويات والعمل المشترك على النطاق الإقليمي والدولي، وللمشاركة في قمة الشراكة مع أفريقيا. والتي تجلت في مشاركة" ألمانيا" بوفد رفيع المستوى في المؤتمر الاقتصادي بشرم الشيخ، حيث تم توقيع مجموعة من مشروعات في مجال الطاقة بنحو 12 مليار يورو مع شركة" سيمنز" الألمانية، وتوجد في مصر، عدة منشآت ألمانية لتعميق التعاون التجاري، على رأسها غرفة الصناعة والتجارة المصرية الألمانية، التي أنشئت في مصر منذ 50 عاما لتعميق التعاون المصري الألماني التجاري. وتشير الأرقام الرسمية إلى أن حجم التبادل التجاري بين مصر وألمانيا، لتحتل "مصر" المرتبة الثالثة بين الشركاء التجاريين لألمانيا في المنطقة العربية، وبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 5 مليارات و814 مليون يورو في عام 2017. من جانب آخر، تتصدر ألمانيا الاتحادية الدول الأوروبية المانحة من حيث حجم المساعدات السنوية لمص، ومن أبرزها، إلغاء الديون، ففي عام 2001 ألغت الحكومة الألمانية ديونًا مستحقة لها على مصر بقيمة 244 مليون يورو، وفي عام 2011 ألغت ديونًا بقيمة 240 مليون يورو، بالإضافة إلى قرض من بنك التعمير الألماني بمبلغ 250 مليون دولار لدعم تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية المقترحة في إطار برنامج الإصلاح بالتعاون مع صندوق النقد الدولي. وفى عام 2016 دعمت ألمانيا مشاريع بقيمة 1.6 مليار دولار، وقدمت مساعدات لمصر بقيمة 150 مليون يورو، خاصة للمشروعات التي تهدف إلى توفير فرص عمل للشباب والطاقة والمياه. وفي مجال الاستثمارات، تعد مصر الدولة الأولي في مجال ضمانات التصدير والاستثمار، والتي قاربت على نحو 10 مليار يورو، خلال أعوام 2015و2016 و2017 التي تقدمها الحكومة الألمانية للشركات التي تريد الاستثمار في مصر، مما أدى إلى زيادة في الاستثمارات المصرية - الألمانية في القطاعات غير البترولية خلال عام 2017 بنسبة 31%، والتي تبلغ حاليًا 641 مليون دولار بعدد 1080 مشروعا في مجالات الصناعة والخدمات والزراعة والإنشاءات والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والتمويل، فيما سجلت إجمالي الاستثمارات المصرية بألمانيا 35.5 مليون دولار في مجالات" التمويل والأدوية والأثاث والأجهزة والمستلزمات الطبية والسياحة والتجارة". وتتمثل أهم الصادرات المصرية لألمانيا في "المنتجات القطنية ومواد الطاقة وزيوت التشحيم والجنوط والمواد الغذائية، ومنتجات نصف مجهزة من الألمونيوم"، وأهم واردات مصر من ألمانيا تتمثل في "اللات ومنتجات كهربائية وسيارات وأدوية ومنتجات كيماوية وحديد وشاسيهات السيارات والمحركات، معدات وآلات للمصانع، ومعدات توليد كهرباء". وفيما يتعلق بالاستثمارات الألمانية في مجال الطاقة المتجددة، توجد مشاركة كبيرة من جانب الشركات الألمانية المتخصصة في الطاقة المتجددة، في المشروعات المصرية، خاصة في محطات الطاقة الشمسية الكهروضوئية. وفى مجال السياحة، تمثل السوق الألمانية أهمية كبيرة لمصر، حيث زار مصر في عام 2017 مليون و234 ألف سائح ألماني، بزيادة 90% مقارنة بعام 2016، ومن المتوقع أن يزيد عدد السياح الألمان في مصر عن رقم المليون ونصف المليون سائح في 2018، ليتخطى عام الذروة في 2010، الذي بلغ مليونًا و300 ألف سائح ألماني. وفيما يتعلق بالاتفاقيات الاقتصادية والتجارية التي تم توقيعها بين مصر وألمانيا علي مدار السنوات الماضية وعقب ثورة 30 يونيو، " في 28/7/2018 تم الاتفاق علي بدء شراكة بين وزارة الإنتاج الحربي وشركة "بومبارديه" لتصنيع قاطرات السكك الحديدية وذلك من خلال مصنع 200 الحربي وشركات الإنتاج الحربي المتخصصة، كذلك إنشاء مركز صيانة لتجديد قاطرات السكك الحديدية. وتهدف الشراكة إلي زيادة إمكانات مركز الصيانة ليكون مركزًا إقليميًا لتصنيع وإصلاح القاطرات والمحركات لصالح الدول الإفريقية والعربية وكذلك التصنيع والإصلاح لصالح شركة "بومبارديه" لتلبية مطالب الدول الأوروبية. وفي 10/10/2017، وقعت وزارة الاستثمار والتعاون الدولي، 3 اتفاقيات مع وزارة التنمية والتعاون الاقتصادي الألمانية، وبنك التعمير الألماني بقيمة 320 مليون يورو، في إطار انعقاد اللجنة الثانية للتعاون الثنائي بين البلدين. وتضمنت الاتفاقيات، توقيع اتفاق الشريحة الأولى لدعم برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي، بقيمة 225 مليون يورو، من التمويل المخصص بقيمة 450 مليون يورو، واتفاق للتعاون المشترك تضمن جزء منه حصول مصر على تمويل إضافي بقيمة إجمالية تصل إلى 45 مليون يورو لتمويل عدة مشروعات ومنها مشروع تشجيع التوظيف، ومشروع دعم نظام التعليم المزدوج المصري، ومشروع كفاءة الطاقة، والبنية الأساسية، والتعاون مع بنك التنمية الألماني لدعم برنامج ريادة الأعمال والمشروعات الصغيرة والمتوسطة بقيمة 50 مليون يورو. - في 10/11/2016 أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي القرار رقم 292 لسنة 2016 بالموافقة علي الاتفاق الموقع في القاهرة بتاريخ 24 مارس 2016 بين حكومتي مصر وألمانيا بشأن التعاون الفني بقيمة 25 مليون و380 ألف يورو لدعم عدد من المشروعات التي تتضمن إدارة مياه الشرب والصرف الصحي وإصلاح إدارة موارد المياه والمركز الإقليمي للطاقات المتجددة وكفاءة الطاقة وإدارة المخلفات الصلبة ودعم التشغيل في شهر يونيو 2016 وقعت وزارة التعاون الدولي اتفاق تعاون للفترة من 2016- 2018 مع الجانب الألماني، حيث يبلغ إجمالي الاتفاق 153 مليون يورو، بنحو 100 مليون يورو قروض ميسرة، و53 مليون يورو منحة، في إطار برنامج دعم جودة التعليم.
مشاركة :