قال تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني إن آفاق السياسة النقدية الأميركية المتشددة وتراجع النمو العالمي ساعدا في إعادة تشكيل توقعات المستثمرين المستقبلية، مع قيام أسواق الأسهم في كافة أنحاء العالم بإعادة تقييم الأسعار وفقًا لذلك. وتمثّلت ذروة هذه المخاوف في التصحيح القوي الذي شهده شهر أكتوبر، إلا أن تحول المعنويات بدأ بقوه خلال الربع الثالث من العام الحالي، حيث أثر النمو العالمي المتباين والتوقعات الأكثر تشددًا للاحتياطي الفدرالي بشأن أسعار الفائدة على ثقة المستثمرين. وأفاد التقرير بأن تعافي الاقتصاد العالمي، الممتد منذ عام 2016، أصبح أقل توازناً في الآونة الأخيرة. حيث إن النمو القوي في الولايات المتحدة – بدافع من الحوافز المالية – يتناقض بشكل حاد مع الافاق المستقبلية الضعيفة للاتحاد الأوروبي والصين وغيرها من الاقتصادات الكبرى. من جهة أخرى، شهدت الأوضاع المالية العالمية مزيداً من التشدد نتيجة تطبيع سعر الفائدة الفدرالي وارتفاع الدولار الأميركي، مما تسبب في انعكاس تدفقات رأس المال هذه المرة إلى الأسواق المتقدمة من الأسواق الناشئة، خاصة تلك التي لديها مستويات عالية من الديون الخارجية، والتي تتسم أوضاعها الاقتصادية الخارجية بالضعف. وعلى رأس كل ذلك، فإن السياسة التجارية المتشددة للولايات المتحدة لا تزال محفوفة بعدم اليقين، وتؤثر سلباً على توقعات الاقتصاد العالمي. الأسواق الإقليمية كان أداء الأسواق الخليجية متفاوتا، وإن تمكّن معظمها من تخطي عاصفة الضغوط التي تعرضت لها الأسواق الناشئة، بفضل ربط عملاتها بالدولار الأميركي وارتفاع أسعار النفط، حيث ارتفع مؤشر مورغان ستانلي لدول مجلس التعاون الخليجي هامشيا بنسبة 0.5 في المئة على أساس ربع سنوي. وجاء هذا النمو بقيادة كل من قطر وأبوظبي والكويت، إلا أن ذلك الأداء قابله تراجع الأسهم السعودية، حيث أقبل المستثمرون على عمليات جني الأرباح في أعقاب حالة عدم اليقين التي سادت الأسواق الناشئة، إضافة إلى ضعف أداء بورصة دبي على خلفية تزايد خسائر الأسهم العقارية. وقد حدث ذلك على الرغم من العديد من إجراءات التحفيز الحكومية التي قامت بها السعودية ودبي، إضافة إلى إصدار تأشيرات طويلة الأجل للوافدين في الإمارات. وأضاف التقرير أن بورصة الكويت أنهت الربع الثالث من العام مرتفعة بنسبة 4.9 في المئة بدعم من الأداء القوي الذي شهدته في بداية الربع، تزامناً مع اقتراب ترقية البورصة للانضمام لمؤشر فوتسي للأسواق الناشئة، الذي انتهت أولى مراحله في 24 سبتمبر، وساهمت تلك الخطوة في اجتذاب تداولات قياسية من عمليات الشراء الأجنبية، التي قاربت حوالي 200 مليون دولار خلال شهر سبتمبر وحده. ومنذ بداية العام، ساعدت إمكانية ضم البورصة ضمن المؤشر في جذب أكثر من 500 مليون دولار من التدفقات الأجنبية الصافية. ومن المتوقع أن يتم استكمال خطوات إدراج الكويت ضمن المؤشر في أواخر ديسمبر. كما قد تتم مراجعة إدراج البورصة ضمن مؤشر مورغان ستانلي في عام 2019، وإدراجها فعليا ضمن المؤشر بحلول عام 2020، بما يساهم في جذب المزيد من الأموال الأجنبية. ومن المتوقع أن يساهم ارتفاع أسعار النفط ونمو الاقتصادات الإقليمية القوية، إضافة إلى نمو أرباح الشركات في دعم وتعزيز الأسهم الخليجية خلال الأشهر القادمة. كما أن إمكانية إدراج السوق السعودية ضمن مؤشر مورغان ستانلي للأسواق الناشئة العام المقبل، وربما الكويت بعد ذلك، من شأنه أن يستقطب اهتماما أجنبيا أكبر في المنطقة. إلا أنه على الرغم من ذلك، فإن المخاوف بشأن الأسواق الناشئة، وتشديد السياسة النقدية الأميركية، فضلا عن الضغوط الجيوسياسية، قد تشكل مخاطر تهدد بتراجع أداء هذه الأسواق. الأسواق العالمية على وجه العموم، سجلت أسواق الأسهم العالمية أداء جيدا في الربع الثالث من العام الحالي بدعم من أداء الأسهم الأميركية، وبنحو عوض عن الضعف الذي سجلته الأسواق الناشئة، وارتفع مؤشر مورغان ستانلي لجميع دول العالم بنسبة 4.2 في المئة على أساس ربع سنوي. وقال التقرير: شهدت الأسهم الأميركية أفضل أداء ربع سنوي منذ خمس سنوات على خلفية موجة من النمو الاقتصادي القوي والأرباح المتوقعة للشركات. وارتفع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 (S&P 500) بنسبة 7 في المئة على أساس ربع سنوي في الربع الثالث من العام الحالي، في حين سجل مؤشر داو جونز الصناعي أداء قويا، حيث سجل نموا بنسبة 9 في المئة. وساهم الزخم المحلي، مدفوعا بنشاط الإنتاج الصناعي في الولايات المتحدة، وقوة سوق العمل، ومرونة الاستهلاك، في تعويض آثار العوامل الجيوسياسية العالمية والحروب التجارية بقيادة الولايات المتحدة. كما أن الإصلاحات الضريبية التي أجراها الرئيس دونالد ترامب انعكست على الشركات الأميركية التي سجلت نفقات رأسمالية أكثر ارتفاعا، إضافة إلى تحقيق أرباح قياسية خلال النصف الأول من العام الحالي، مع توقع المستثمرين لأداء قوي مماثل في الربع الثالث من العام الحالي.
مشاركة :