قال يوسف بن علوي الوزير العُماني المسؤول عن الشؤون الخارجية إن بلاده لا تقوم بدور الوسيط بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وإنما تكتفي بمجرد تقديم الآراء والأفكار التي يمكن أن تحمل شيئا جديدا يساعد الطرفين على العمل معا؛ من أجل إنشاء الدولة الفلسطينية وتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة. واعتبر ابن علوي خلال مشاركته في إحدى جلسات المؤتمر الرابع عشر للأمن القومي الإقليمي «حوار المنامة» أمس أن الوصول للسلام في المنطقة ككل يعتمد أولا وأخيرا على نجاح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في تنفيذ «صفقة القرن»، وقال إن «مشروع صفقة القرن سيأخذ في الاعتبار كل الأطراف، ونحن حريصون على عدم فشله، ومتفائلون جدا به، ونرجو من الجميع أن يكونوا متفائلين، ونأمل أن نصل إلى نتيجة مثمرة وإن طال الانتظار». وأضاف الوزير العماني في حديثه خلال الجلسة التي حملت عنوان «الصراع والدبلوماسية في الشرق الأوسط»: «أقول لأول مرة إن اسرائيل دولة من دول المنطقة ونحن جميعا ندرك هذا والعالم يدرك هذا ويعرفه، لكن إسرائيل لا يجري التعامل معها كما يجري التعامل مع الدول الأخرى في المنطقة، وربما حان الوقت الآن ليكون لإسرائيل ما للدول الأخرى وعليها ما على الدول الأخرى». وتابع في هذا السياق أن «التاريخ يقول إن التوراة جاءت في الشرق الأوسط، وأن اليهود كانوا في المدينة المنورة، وأن اسرائيل تملك من الإمكانات ما يمكن معه أن تفيد وتستفيد، كما أن هناك يهودا بجنسيات أمريكية وأوروبية يأتون للمنطقة ويتعاملون معها، وإسرائيل دولة من دول المنطقة والأولى أن نتعامل معها بإيجابية حتى تتعامل معنا بإيجابية وهذا هو المستقبل، وندعو المتشائمين ليتحلوا بالأمل». وقال مخاطبًا حضور الجلسة «أعرف أنكم تريدون أن تسمعوا عن زيارة سلطنة عمان من قبل فخامة الرئيس الفلسطيني في وقت سابق، وفخامة رئيس وزراء دولة إسرائيل أمس الأول»، وأضاف «لا نقول إن الطريق بين الفلسطينيين والإسرائيليين مفروش بالورود ولكن الأولوية الآن للبدء بالمحادثات». ورأى ابن علوي أن «القضية الفلسطينية أساس المشاكل في المنطقة، ونعمل على حلها وإتاحة فرصة جديدة أمام جيل فلسطيني جديد، واسرائيل أصبحت دولة نتيجة لظروف عالمية بعد الحرب العالمية الثانية، ونرى أنه آن الأوان لإنشاء دولة فلسطين وعلى هذا الأساس بدأنا جهدا متواضعا لعرض هذه الآراء، ونعتقد أنه ليس هناك خلاف على قيام الدولة الفلسطينية كدولة مستقلة وإنما هناك خلاف على بعض التفاصيل». وأعرب عن اعتقاده أن «الدخول في المستقبل يتطلب من جميع الأطراف التخلي عن الماضي والتمسك في المستقبل، والشعب الفلسطيني يعاني على مدى سبعين عاما وكذلك الشعب الإسرائيلي»، معتبرا أن «قيام الدولة الفلسطينية مطلب استراتيجي ودون ذلك لا يمكن أن يتحقق الاستقرار في الشرق الأوسط لأن القوى المتشائمة في الدول العربية تحديدا تجد لنفسها فرصة للتفكير باستخدام العنف». وأشار إلى أنه «يجب ألا نبقى نتحدث من منتدى إلى منتدى عن القضية الفلسطينية فيما يبقى الشعب الفلسطيني يعاني من هذا الوضع»، معربا عن اعتقاده أن «الفلسطينيين والإسرائيليين حسموا أمرهم للعمل مع بعض من أجل السلام». وقال «ما لم نستطيع التوصل إلى حل نهائي لما يعرف بالقضية الفلسطينية لن نتمكن من تحقيق الاستقرار، وندعو الجميع للعمل معنا أن يفكروا بالمستقبل وليس الماضي». وفي معرض رده على سؤال بشأن قصف إسرائيل لغزة خلال زيارة نتنياهو لسلطنة عمان، قال بن علوي «النشاط الإسرائيلي الأمني والعسكري في غزة وغيرها من المناطق لن ينتهي، إذا لم نتمكن من حل الخلاف الإسرائيلي الفلسطيني». على صعيد آخر، قال ابن علوي الوزير العُماني المسؤول عن الشؤون الخارجية إن «مجلس التعاون قائم وجميع دوله ملتزمة به، وهناك جهود الآن على المستوى الوزاري ومستوى اللجان من أجل عقد القمة الخليجية القادمة». وحول الوضع اليمني، قال «نحن في سلطنة عمان نقف على مسافة واحدة من الجميع ولا نعتقد أنه يجب أن نصنف اليمنيين بأصناف لا تخدم بناء الثقة بينهم وندعوهم للانتصار على أنفسهم أولا». وأضاف أن الجميع يرغب في رؤية اليمن يتخلص من معاناته ونحن كجيران لليمن نرغب في ذلك أيضا، ولفت إلى أن «الأمم المتحدة والمبعوث الدولي يسعيان لإخراج اليمن من وضعه الراهن لكن ذلك لن يحدث إذا لم يتفق اليمنيون أنفسهم»، مشيرا إلى مسؤولية كبيرة على «كرسي الشرعية» في اليمن من أجل إعادة السلام هناك. لا يمكن دعم دكتاتورية الأسد إلى جانب ذلك، قالت وزيرة الدفاع الألمانية اورسولا فون دير لاين إن بلادها لا يمكنها دعم دكتاتورية الأسد بأي شكل من الأشكال، مشددة على أنه «لا إعادة إعمار في سوريا إلا بعملية سياسية شاملة وفق مرجعيات جنيف». وقالت لاين إن عملية جنيف هي المرجع الوحيد للحل في سوريا وعلينا تسهيل اجتماع اللجنة الدستورية وتسهيل عملية عودة آمنة وطوعية للاجئين السوريين ونزع السلاح من الجماعات المتطرفة في إدلب، ومواصلة محاربة داعش ومنع استخدام الأسلحة الكيماوية. واعتبرت أن أزمات منطقة الشرق الأوسط ليست معزولة ولها امتدادات عالمية، مؤكدة حرص بلادها على دعم جهود السلام والاستقرار في المنطقة، ووصفت حرب اليمن بأنه «مريعة»، مؤكدة أنه لا بد من حل دبلوماسي ودعوة الجماعات الحوثية الراغبة بترك السلاح، وقالت إن بلادها تدين بشكل دائم تدخلات إيران في المنطقة ودعمها لحزب الله ولا تكيل بمكيالين. وأعربت عن تفاؤل بلادها بالحكومة العراقية الجديدة وأكدت أن هذه الحكومة ستحظى بدعم برلين، وأضافت على صعيد آخر أن الأردن شريك أساسي بالمنطقة في مجال مكافحة الإرهاب، وأشارت إلى أن ألمانيا مقتنعة بأن الحل الوحيد بين الإسرائيليين والفلسطينيين هو حل الدولتين. واعتبرت في موضوع آخر أن ظروف مقتل جمال خاشقجي لا بد أن تكون محل تحقيق شامل بغض النظر عن التداعيات السياسية، وقالت إنه ليس هناك قرار بشأن تصدير الأسلحة إلى السعودية حتى انتهاء التحقيقات في هذه الحادثة. مجابهة دعاية «داعش» من جانبها، تحدثت وزيرة الدفاع الإيطالية اليزابيتا ترينتا عن وسائل التواصل الاجتماعي والإرهاب، وقالت إن تنظيم «داعش» استغل هذه الوسائل في الدعاية والترويج لأجندته. وقالت ترينتا «علينا العمل معا وأن نتقاسم المعلومات بشأن مكافحة الإرهاب، خاصة وأن بعض الدراسات تشير إلى أن أكثر من 40 الفا حول العالم تركوا منازلهم وانضموا للجماعات الإرهابية»، وأضافت «علينا أيضا تطوير خطاب مضاد لدعايات التنظيمات الإرهابية». وأكدت أهمية البدء بعملية سياسية ذات مغزى في سوريا وفقا لمرجعيات جنيف، وضمان عودة اللاجئين، جنبا إلى جنب مع مواصلة جهود محاربة داعش.
مشاركة :