جدة ــ وكالات سلطت صحيفة فايننشيال تايمز البريطانية في تقرير تحليلي الضوء على التأثير القوي الذي احدثه مؤتمر مستقبل الاستثمار الذي أقيم على مدى الأيام القليلة الماضية في الرياض. وقالت الصحيفة البريطانية: إن الاستثمار الذي كان هدفا رئيسيا للمحفل الاقتصادي الموسع للمملكة، وجد العشرات من الجهات ورجال الأعمال الذين أبدوا اهتمام واسع بحضور المؤتمر، وذلك على الرغم من الحملات التي انطلقت في بعض وسائل الإعلام الأجنبية ونوهت الصحيفة إلى أن قوة المملكة ظهرت في تخطيها كافة المراحل الصعبة التي سبقت إقامة المؤتمر، وتمكنت من جذب المئات من الرؤساء التنفيذيين والمؤسسات المعنية باستثمارات الطاقة إلى الرياض، لاسيما وأنهم يبحثون عن توطيد العلاقات والتعاون المثمر مع الرياض. وكان المؤتمر قد شهد التوقيع على صفقات مختلفة بقيمة 50 مليار دولار للاستثمار في قطاعات اقتصادية متنوعة خلال الفترة المقبلة، وذلك في قطاعات النفط والغاز والصناعات والبنية التحتية وغيرها من القطاعات الاقتصادية الواسعة. وخلال اليوم الأول لمؤتمر مستقبل الاستثمار المعروف بـ”دافوس الصحراء وقعت المملكة هذه الصفقات مع شركات مثل ترافيجورا وتوتال الفرنسية وهيونداي الكورية ونورينكو وشلمبرجير وهاليبرتون وبيكر هيوز. وتابعت الصحيفة أنه على الرغم من القدرات الاقتصادية التي تمتلكها المملكة للتأثير على مجريات السوق العالمي للنفط، إلا أن مقابلة وزير الطاقة والثروة المعدنية خالد الفالح مع وكالة الأنباء الروسية تاس، أكدت الخط الرئيسي الذي تسير عليه المملكة في التعامل مع توازن السوق. وقال الفالح أيضا في مؤتمر مستقبل الاستثمار: إن أوبك وحلفاءها كانوا ينتجون بقدر ما يستطيعون لضمان تلبية الطلب على النفط، مؤكدًا أن المملكة مستعدة لزيادة إنتاجها. وأشارت الصحيفة إلى أن تلك التصريحات ساعدت على خفض أسعار النفط، والتي كانت غير مستقرة بسبب الاضطرابات في أسواق الأسهم العالمية في السياق قال خبراء اقتصاد إن الصفقات الكبرى التي انتهى إليها مؤتمر مستقبل الاستثمار بالرياض “دافوس الصحراء” ترجمة حقيقية لتطبيقات رؤية المملكة 2030. وقال مجدي صبحي الخبير الاقتصادي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية بالقاهرة، إن صفقات المؤتمر تؤكد أن السعودية تنفذ خطوات كبيرة في المشروعات العملاقة وفقا لرؤية 2030. وأضاف صبحي، أن الصفقات كانت في مجال النفط والغاز والبتروكيماويات والبنية التحتية والإسكان والبناء والتكنولوجيا، لتنويع مصادر الدخل القومي، وعدم الاعتماد على النفط كمصدر أساسي للدخل. من جهته، قال سمير رضوان وزير المالية المصري الأسبق ومساعد مدير منظمة العمل الدولية، إن حجم الصفقات والحضور بالمؤتمر يؤكد أهمية الاقتصاد السعودي للاقتصاد العالمي، وإن رؤية السعودية 2030 تمثل نقلة اقتصادية واجتماعية هائلة للمجتمع. وأضاف رضوان، أن القيادة السعودية لديها الثقة بحق لتنفيذ رؤية بهذه الضخامة، وأنها رؤية مدروسة وطموحة، وأن السعودية لديها إمكانيات تحقيقها وبدأت برامج تنفيذها. وعقد المؤتمر في وقت يشهد فيه الاقتصاد السعودي نموا متصاعدا، ومتانة وضع الاحتياطيات النقدية التي بلغت 1.8 تريليون ريال (480 مليار دولار) بنسبة نمو بلغت 1.4%، ما يؤكد قوة وأهمية ومحورية الرياض في العالم. من جانبه، قال المهندس حسين صبور الرئيس الشرفي لجمعية رجال الأعمال المصريين، إن حجم الصفقات والحضور الكبير للمؤتمر من شتى أنحاء العالم دليل على قوة الاقتصاد السعودي باعتباره أكبر اقتصاد في المنطقة. وأضاف صبور أن السعودية تخطو بخطوات ثابتة، لتكون دولة صناعية كبرى، وتنفيذ مشروعات عملاقة لتعظيم إيرادات السياحة الدينية وفقا لرؤيتها 2030. ومن جانبه، قال الدكتور ثروت راغب أستاذ هندسة البترول والطاقة بالجامعة البريطانية بالقاهرة، إن استمرار نجاحات مؤتمر “دافوس الصحراء” بهذا الشكل يبشر بتحقيق السعودية حلمها بإنتاج سيارة كهربائية سعودية في 2030 كما تخطط. وأضاف راغب، في تصريحات أن نجاح مؤتمر “دافوس الصحراء” الكبير سيؤدي إلى زيادة الانتعاش الاقتصادي السعودي، وتنفيذ عدة مشروعات كبرى في قطاعات الصناعة والنفط والغاز والبتروكيماويات، توفر عشرات الآلاف من فرص العمل وتطور البنية التحتية. ووقعت شركة أرامكو السعودية، خلال المؤتمر، 15 مذكرة تفاهم في عدة مشروعات بقيمة تبلغ نحو 34 مليار دولار، تشمل 15 شركة ومؤسسة من 8 دول تنتمي إلى ثلاث قارات. ويوضح راغب، أن التوسع في صناعة البتروكيماويات سيؤدي إلى زيادة الدخل القومي للسعودية من الصادرات غير النفطية بنسب كبيرة، فمتوسط القيمة المضافة للمنتجات البتروكيماوية يتراوح بين 8 و10 أضعاف قيمة النفط أو الغاز المستخدم. وأضاف، أن المنتجات البتروكيماوية تدخل في أكثر من 80 صناعة مثل الصناعات الهندسية، والأجهزة الطبية، والمنزلية، والإلكترونية، والدهانات، وكل منتجات البلاستيك. وتابع، أن رؤية 2030 رؤية مدروسة، وتم التخطيط لمشروعاتها وبرامج تنفيذها بدقة مثل الدول المتقدمة، وأن برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجيستية هو البرنامج الأكبر والأهم بها، وتم وضعه على أساس علمي صحيح. وأعلن محمد بن عبدالله الجدعان وزير المالية السعودي، الخميس، أن صادرات السعودية غير النفطية شهدت في الربع الثالث من عام 2018 زيادة سنوية بنسبة 48%، محققة 211 مليار ريال سعودي. ونظم المؤتمر صندوق الاستثمارات العامة السعودي، أحد أكبر صناديق الثروة السيادية في العالم، بمشاركة الآلاف من مختلف دول العالم، في إطار جدول أعمال تضمن أكثر من 40 جلسة ونقاشات مفتوحة وورش عمل. وشارك في المؤتمر أكثر من 3.5 آلاف مشارك من 88 دولة، من ضمنهم 8 رؤساء دول وأكثر من 20 وزيراً، من أفريقيا وآسيا والعالم العربي.
مشاركة :