إعداد: محمد فتحي على الرغم من بساطة تصميمها وسهولة صناعتها، إلا أن العجلة تعد اختراعاً مبتكراً وثورياً غير مسار حياة الإنسان ودفع بالحضارة البشرية إلى الأمام. قد لا ينتبه البعض لأهمية العجلة، ذلك الهيكل الدائري، في حياتنا اليومية. وبقليل من التفحص سنرى العجلة مكوناً أساسياً للعديد من الأدوات من حولنا، بداية من عجلة السيارة وانتهاء بالدوائر الإلكترونية بالغة التعقيد.اخترعت العجلة وأعيد ابتكارها عدة مرات عبر التاريخ، فمنذ 6000 عام، استخدم الإنسان تقنيات لتحريك الأشياء مثل السحب كالمحراث والزلاقات والعربات البدائية التي كانت تستهلك الكثير من الجهد والوقت. اهتدى الإنسان بعد ذلك إلى ما يسمى بالمدحاة الخشبية، التي كانت تمثل عدة جذوع للشجر التي يمكن تحريك الأوزان الثقيلة عليها مثل الحجارة والقوارب ضمن نطاق صغير. كانت تلك التقنية ربما ما جعل الإنسان يهتدي إلى العجلة ذات المحور. وتكمن أهمية وجود المحور في أن الطاقة اللازمة لإدارة العجلة المتصلة به صغيرة نسبياً نتيجة لصغر محيطه؛ فبتوفير طاقة صغيرة نسبيا تستهلك في إدارة المحور تتعاظم هذه الطاقة على شكل دوران العجلة بأكملها. وبذلك سهلت حركة الإنسان وأغراضه وتعمير الأرض بشكل متسارع جداً.وعلى عكس المدحاة التي كانت تهترئ وتنكسر، كانت العجلة نموذجا في الاستدامة. يستخدم علماء الآثار ظاهرة تطور بناء العجلات ذات المحاور الثابتة دليلاً على التقدم الحضاري النسبي لمجتمع ما. ويعود تاريخ أول عجلة محورية مكتشفة إلى عام 3200 ق.م. فالسومريون وشعوب بلاد الرافدين رسموا صوراً لعربات ذات عجلات صماء، ويبدو أنها مصنوعة عن طريق لحام لوحين خشبيين مقطوعين على شكل دائرة، ويمر المحور في ثقب في مركز كل من العجلتين. كما أبدع المصريون القدماء في تطوير العجلة، وتوجد رسوم للعجلات الحربية وطرق الري وعجلة صناعة الفخار، على جدران المعابد. وظهرت العجلات في الصين حوالي عام 2800 ق.م. كما يبدو أنهم أول من طور العربة أحادية العجلة. لم تلحق التقنيات الأوروبية بالركب إلا بعد قرون عديدة، حيث تمثل زجاجة ملونة ترجع إلى القرن الثالث عشر في كاتدرائية تشارتر في فرنسا أقدم عربة أحادية العجلة معروفة في العالم الغربي.مع قدوم الثورة الصناعية، كانت العجلة في مقدمة الاهتمامات على الإطلاق في دخولها ضمن مكونات المحركات البخارية نفسها التي أحدثت هذا التحول الحضاري الهائل. ففي عام 1845 تمكن البريطاني جون دنلوب من اكتشاف الدواليب الهوائية وتلاه الفرنسي إدوار ميشلان عام 1895 حيث تمكن من صنع الدواليب في سيارة سباق من مدينة باريس إلى مدينة بوردو الفرنسية. دخلت العجلة أيضاً في صناعة التروس والساعات والهياكل الصناعية العملاقة، والأكثر أهمية على الإطلاق هو الأجزاء الميكانيكية والإلكترونية في الدوائر الكهربائية والإلكترونية. وبالتالي أخذت العجلة منذ اختراعها الإنسان في رحلة تطور بلا عودة إلى الماضي والبدائية، والآن لا تزال العجلة محور حياة الإنسان. وتتخذ العديد من المؤسسات والمدن العجلة والتروس الدائرية شعاراً لتطورها وازدهارها وديناميكية الحياة والنشاط فيها حتى الآن.
مشاركة :