أكد مسؤولون وخبراء في القطاع المصرفي والمالي بالدولة، أن القانون الجديد الذي أصدره صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة «حفظه الله» في شأن المصرف المركزي وتنظيم المنشآت والأنشطة المالية، يشكل نقلة نوعية جديدة في مسيرة تطور منظومة العمل المصرفي بالدولة. وأوضح هؤلاء أن القانون من شأنه أن يرسخ المكانة العالمية والإقليمية لدولة الإمارات التي باتت أحد أهم المراكز المالية في المنطقة والعالم، لافتين إلى أن التحولات الكبيرة التي يشهدها الاقتصاد الوطني والتطور المتواصل في السياسات المالية والنقدية للدولة، كانت تستلزم صدور مثل هذا القانون الذي يعد خطوة مهمة في اتجاه تطوير شامل للقطاع المالي في دولة الإمارات وتعزيز استقلالية المصرف المركزي وسلطاته الإشرافية، ودوره في حماية استقرار النظام المالي للدولة. وأكد معالي عبد العزيز الغرير رئيس اتحاد مصارف الإمارات، الرئيس التنفيذي لبنك المشرق، أن القانون الجديد للمصرف المركزي سيشكل نقلة نوعية في تطور منظومة العمل المصرفي في دولة الإمارات العربية المتحدة، ويعالج العديد من التحديات التي كانت تواجه المنظومة في ظل القانون السابق للمصرف المركزي، والذي لم يتم تحديثه منذ صدوره في عام 1980. وأوضح الغرير أن القانون الجديد الذي يهدف إلى حماية استقرار النظام المالي للدولة، وارتقاء الأطر الرقابية للوضع الائتماني، جاء في وقت مهم للغاية لمواكبة التطور الكبير الذي يشهده القطاع المصرفي في الإمارات في السنوات الأخيرة، والذي بات يشكل أحد أقوى وأسرع القطاعات المصرفية على الصعيد الإقليمي. وأكد أن التحولات الكبيرة التي حققها الاقتصاد الوطني بشكل عام والقطاع المصرفي والمالي على وجه الخصوص، تتطلب وجود قوانين وتشريعات حديثة تواكب هذا التطور وتضمن استدامته، مشيراً إلى أن القانون الجديد سيسهم في تعزيز الدور المحوري للمصرف المركزي في الرقابة والإشراف ويوسع من نطاق صلاحياته بما يخدم تطور المنظومة المصرفية بوجه عام. وأشار رئيس اتحاد مصارف الإمارات إلى أن القانون سيسهم كذلك في تحرير القطاع المصرفي من بعض الشروط والقيود التي كانت تحد من انطلاقته، لاسيما مع تسارع وتيرة التحول الرقمي في القطاع والاعتماد على التكنولوجيا المالية والذكاء الاصطناعي في الأنشطة المصرفية المختلفة. من جهته أكد يونس الخوري، وكيل وزارة المالية، أن القانون الجديد من شأنه أن يسهم في تعزيز الدور الرقابي للمصرف المركزي، وتوسيع نطاق متابعته للقطاع الذي بات يشكل أحد أكبر القطاعات المصرفية في المنطقة من ناحية الأصول وأحجام الودائع. وأشار الخوري إلى أن دولة الإمارات باتت تشكل اليوم مركزاً مالياً عالمياً محورياً، مع وجود مراكز مالية عالمية في كل من أبوظبي ودبي، الأمر الذي كان لا بد معه من مراجعة القانون القديم الذي صدر في عام 1980، وزيادة رأسمال المصرف المركزي وتوسيع الصلاحيات الموكلة للمصرف المركزي، لافتاً إلى أن القانون الجديد سيعزز من متانة وقوة النظام المصرفي في دولة الإمارات حتى يستمر في لعب دوره الفاعل في دعم مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية في دولة الإمارات. وأشار وكيل وزارة المالية إلى أن قانون المصرف المركزي القديم لم تكن هناك هيئات مالية متعددة في دولة الإمارات كما هو الوضع حالياً، مع وجود هيئات كثيرة منها هيئة الأوراق المالية والسلع وهيئة التأمين وغيرها من الهيئات التي سينظم القانون الجديد العلاقة بين هذه الهيئات. وأوضح الخوري أن دولة الإمارات العربية المتحدة سباقة في تطوير وتحديث قوانينها وأنظمتها، لمواكبة التطور الذي تشهده في جميع المجالات ومنها القطاع المالي والمصرفي، بما يسهم في دفع عجلة التنمية في القطاعات كافة. وفي السياق ذاته، أكد جمال الجسمي مدير عام معهد الإمارات للدراسات المالية والمصرفية، أن القانون الجديد للمصرف المركزي جاء ليواكب مرحلة التطور التي يشهدها القطاع المصرفي والمالي في الدولة منذ سنوات، والتغيرات المتسارعة في بيئة الأعمال والمتطلبات الجديدة للعمل المصرفي والتنمية الاقتصادية. وتوقع الجسمي أن يحدث القانون الجديد نقلة نوعية في القطاع المالي والنقدي بالدولة خلال الفترة المقبلة، لاسيما مع التحولات الكبيرة في مجال التكنولوجيا المالية والتي ستلعب دوراً محورياً في تشكيل منظومة الأعمال المصرفية في المستقبل مع استخدم تقنيات البلوك تشين وتقنيات الذكاء الاصطناعي. بدوره، قال هشام عبدالله القاسم نائب رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب في بنك الإمارات دبي الوطني، إنه بإصدار هذا القانون، تؤكد قيادتنا مجدداً حرصها على إرساء البيئة التشريعية والقانونية المثلى التي تشكّل حجر الأساس في نهضة اقتصادنا، واستقرار عملتنا، والحفاظ على مقدراتنا وأصولنا. وأضاف: من شأن النتائج الإيجابية التي تنتج عن هذا القانون المساعدة في ترسيخ جاذبية الإمارات وتنافسيتها، وتعزيز أدائها، لتظل على قائمة أفضل الوجهات الاستثمارية في العالم، بما يعزز سمعتها العالمية القوية، كواحدة من أقوى أسواق المال والأعمال في المنطقة. وقال: حرصت دولة الإمارات العربية المتحدة منذ نشأتها على اتباع سياسات مالية ونقدية تتصف بالاتزان، كما تعمل على مواكبة المستجدات العالمية، خاصة التطورات التقنية التي تحتم على الدول تطوير أطر الرقابة، ضمن آليات العمل التي يطبقها المصرف المركزي. ونوه بأن استجابة القطاع المصرفي على الدوام كانت فورية ودقيقة من حيث التناغم مع اشتراطات الحوكمة، الأمر الذي ساعد على تعزيز الثقة بالعملة الوطنية والاقتصاد الكلي، وقدرته على مواجهة رياح التغيير التي تهب عليه من الخارج، والسيطرة على أي تجاوزات في مهدها، قبل تفشّي تأثيراتها السلبية. وقال: كان هذا السبب وراء صعود الإمارات على مؤشرات التنافسية العالمية، وتفوق الكثير من قطاعاتها، كما انعكس ذلك بالإيجاب على قيام قطاع مالي ومصرف نشط، يفخر بعلاقاته الوثيقة مع أكبر المؤسسات المالية العالمية، تحت المظلة الشاملة للمصرف المركزي.
مشاركة :