العمل بالخشب في غزة أفضل من انتظار طابور الوظائف النظيفة

  • 10/30/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

غزة (فلسطين) – داخل كوخ صغير مشيّد من ألواح الصناديق الخشبية المُهملة على سطح منزلهما بمدينة غزة، يتعاون شقيقان فلسطينيان على صناعة قطع أثاث منزلي يستوحيان أفكارها من الطبيعة. يبدأ الشقيقان هبة (23 عاما) ونضال (20 عاما) النخالة، بتثبيت جذوع خشبية من أشجار الزيتون والصنوبر، على لوح خشبي سيشكّل لاحقا، سطحا لطاولة منزلية صغيرة. تلك الجذوع تم تقطيعها في شكل حلقات دائرية، دون أن تتم إعادة تدويرها، لتبدو الخطوط الطبيعية بيضاوية الشكل داخل الخشب، وظاهرة.وباستخدام طلاء بنيّ مخفّف، يلون الشقيقان الجذوع الخشبية حتّى تأخذ لون الخشب الطبيعي لكن بمظهر برّاق. ويعرض الشقيقان داخل الكوخ الصغير عدة أنواع من قطع الأثاث المنزلي المصممة باستخدام الخشب الطبيعي غير المُعاد تدويره، مثل السلال، وأطباق الطعام، والصواني، وإكسسوارات تُعلّق على الأبواب والجدران، وعلب لحفظ المناديل الورقية، وإطارات للصور والمرايا. ولدت فكرة هذا المشروع الصغير الذي يُطلق عليه الشقيقان اسم “أنتيكا”، بعد أن نجحا في صناعة برواز خشبي قدماه هدية لوالدهما، ولاقى إعجابا كبيرا من المحيطين بهما. Thumbnail بساطة التصميم والأدوات المستخدمة، وفكرة دمج الطبيعة بالأثاث، كانت جميعها عوامل شجّعت الشقيقين على التخطيط لافتتاح “أنتيكا”. وبدأ المشروع بتصميم أفكار صغيرة على أوراق وعرضها على الأهل، ومن ثم التخطيط لنوعية الخشب الذي سيتم استخدامه؛ ليكون التنفيذ في المرحلة الأخيرة عقب دراسة كافة جوانب العمل. هبة، خريجة جامعية من قسم الخدمة الاجتماعية، تصف المشروع الصغير بالناجح، وذلك لإقبال الزبائن على شراء منتجاتهما الخشبية. وتعتبر هبة هذا المشروع بديلا عن عملها في مجال تخصصها، بعد أكثر من عام قضته عقب تخرجها في الجامعة دون عمل. تقول “خلال هذا العام عملت متطوعة في مؤسستين تعملان على تقديم خدمات الإغاثة للسكان، لكن دون أن أجد عملا يوفّر لي مصدر دخل”. وتوضح أنه في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة، انضمّ الآلاف من خريجي الجامعات في قطاع غزة إلى جيش البطالة. ووجد الشقيقان دعما من والديهما لافتتاح هذا المشروع وتوفير معدّاته، لكنّهما وقفا على أقدامهما سريعا، كما تقول هبة. وتشعر هبة بالسعادة لأنها نجحت في إيجاد فرصة عمل لها ولشقيقها في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة. ويقضي الأخوان النخالة ما يقارب الثماني ساعات في بيت خشبي صغير -قاما ببنائه فوق سطح منزلهما- ينحتان الأشكال الخشبية. Thumbnail يقول نضال “حوّلنا القصة إلى مصدر دخل، خاصة أنه لا يوجد عمل، وحاولنا أن ننجز مشروعا خاصا بنا ونكون مستقلين ماديا لا نعمل لأي جهة”، مبينا أن وجودهما معا ساعدهما في إنجاز العمل من حيث الذوق واللمسات الفنية. وبنبرة تنبض فخرا، تقول هبة إن قطع “أنتيكا” الخشبية دخلت العشرات من المنازل في قطاع غزة، ولاقت إعجاب الكثيرين. وتطمح هبة -بمساعدة شقيقها نضال- إلى تطوير فكرة مشروعهما لتغطي منتجاته كافة مناطق قطاع غزة. ويستخدم الشقيقان أنواعا مختلفة من الخشب الطبيعي لصناعة قطع الأثاث المنزلية أبرزها “الزيتون، والتين، والسرو، والصنوبر، والليمون”؛ حيث يحصلان على أحجام مختلفة من تلك الأصناف الخشبية باستخدام منجرة. وواجه مشروع “أنتيكا” العديد من العقبات، شأنه في ذلك شأن بقية المشاريع الاقتصادية في قطاع غزة التي تتأثر بالظروف المحيطة، وخصوصا الحصار الإسرائيلي للعام الـ12 على التوالي، بحسب نضال. Thumbnail أزمة الكهرباء شكّلت -وفق نضال- تحديا كبيرا للشقيقين، حيث أن تصميم العديد من القطع الخشبية كان يحتاج إلى أدوات وآلات كهربائية. يقول نضال “كنا في بعض الأوقات نعمل تحت ضغط وقت وصل التيار الكهربائي حتى نتمكّن من إنجاز الكثير من العمل”. ورغم ما يصفه بضغط الوقت، يؤكد نضال على حرصهما -هو وشقيقته- على جودة ومتانة القطع الخشبية. كما يشكو نضال من عدم توفر بعض المواد اللازمة في أعمال تصميم القطع الخشبية، بسبب الحصار، لافتا إلى أنه يعوض تلك المواد بمواد أخرى. وفكرة التسويق التجاري شكّلت تحديا آخر للشقيقين، حيث رفضت عدة محال تجارية عرض منتجاتهما، لكن ساعدتهما في ذلك التسويق مواقع التواصل الاجتماعي، من ذلك موقعا فيسبوك وتويتر. أسس الشقيقان صفحة عبر تلك المواقع تحت اسم “أنتيكا هوم”، يعرضان عبرها المنتجات الخشبية. ويبيّن نضال أن الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمرّ بها غزة تدفع الشباب إلى تأسيس مشاريع صغيرة خاصة بهم. ويؤول مصير العشرات من المشاريع الاقتصادية في القطاع إلى الفشل والخسارة، بسبب انعدام السيولة لدى المواطنين، وارتفاع نسبتي الفقر والبطالة. ووفق تقارير لمؤسسات دولية، فإن 80 بالمئة من سكان القطاع باتوا يعتمدون، بسبب الفقر والبطالة، على المساعدات الدولية من أجل العيش، ولا يزال 40 بالمئة منهم يقبعون تحت خط الفقر.

مشاركة :