رفع جيرارد بيكيه يده، محتفلاً بالخماسية الكتالونية في الشباك المدريدية، ويبدو أنه فعل ذلك وهو يعلم جيداً أنه سيكون على أغلفة الصحف بهذه الإشارة التي تستدعي حدثاً مماثلاً وقع قبل 2890 يوماً، وفي الصباح حدث ما أراده بيكيه، فقد حرصت صحيفة «موندو ديبورتيفو» على أن يكون مدافع البارسا المثير للجدل هو الغلاف، مع كلمتين ترصدان ما حدث بصورة مباشرة: «خماسية قاتلة». وفي كتالونيا أيضاً ذهبت صحيفة «سبورت» إلى ما هو أبعد من ذلك، حينما قالت «مطرود»، وهو عنوان قد يؤشر إلى جولين لوبيتيجي، وفي الوقت ذاته يصلح عنواناً يرصد وجود الريال في دائرة المنافسة على لقب الليجا، فقد ابتعد بفارق 7 نقاط، وأصبح تاسعاً، فيما تسابقت صحف مدريد في الاعتراف بأن ما حدث هو أقرب إلى الإذلال على حد وصف ماركا، التي أشارت كذلك إلى أن هذا الإذلال حدث في غياب ميسي، وفي الوقت الذي يصاب البيت الملكي بالتوتر، وسط حالة من الترقب لما هو قادم، حيث عزز البارسا من ثقته في تقديم موسم كبير بهذا الفوز المعنوي المهم على الغريم التاريخي. واستعاد سواريز على وجه التحديد، وكذلك ديمبلي، ومعه فيدال الثقة الكاملة، فقد كان الثلاثي يعاني من موجة الشكوك خلال الآونة الأخيرة، وعلى العكس من هذه الصورة يدخل نجوم الريال وخاصة بنزيمة وبيل وكذلك مودريتش، ومن خلفهم كورتوا، دائرة الشك بقوة، فقد أكد خورخي فالدانو في تحليله للمباراة لإحدى المحطات الإسبانية أن نجوم الريال يعتقدون أنه يمكنهم أن يفعلوا ما يرغبون به داخل الملعب، دون الالتزام بخطة بعينها، وعلى رأس هؤلاء بيل وإيسكو. وبالعودة إلى بيكيه الذي تصدر غلاف موندو ديبورتيفو بإشارة تختصر كل شيء، فإنه قبل 8 سنوات، وتحديداً في 30 نوفمبر 2010، أطلق إشارته الشهيرة حينما رفع يده بالخمسة، احتفالاً بالفوز التاريخي على الريال في الكلاسيكو الناري الذي أقيم في الكامب نو، وعلى الرغم من أهمية وإثارة التفاصيل التي حدثت في الكلاسيكو الشهير، وخاصة ما يتعلق بسقوط مورينيو الذي أتى به بيريز لوقف الزحف الكتالوني والتصدي لـ«بيب تيم»، وكذلك ما يرتبط بارتفاع أسهم جوارديولا، فإن ما بقي في أذهان الجماهير من الكلاسيكو المشار إليه هو إشارة بيكيه، والتي أثارت جدلاً واسعاً، وجعلته عدواً واضحاً لعشاق الملكي، وقريباً من قلوب أبناء كتالونيا. وبعد مرور 2890 يوماً عاد بيكيه ليكرر إشارته من جديد، فقد فعلها البارسا وحقق الفوز على الريال بخماسية جديدة في كلاسيكو الليجا، ولأنه يعرف جيداً أقصر الطرق لتصدر واجهات الصحافة العالمية، ويدرك جيداً أكثر من غيره ما يجعله محوراً لمناقشات وتغريدات السوشيال ميديا، فقد كررها بيكيه ورفع يده بالخمسة، ليتحقق له ما يريد، والأمر لا يتوقف عند حدود احتفالية اللاعب بهذه الطريقة التي تثير غضب عشاق الملكي، ويسعد بها أنصار البارسا فحسب، بل للأمر أبعاد تبدو أكبر من مجرد إشارة يد. بيكيه دافع عن نفسه وعن طريقته الاحتفالية عقب المباراة، قائلاً: «الأمور تبدو بسيطة وواضحة، لقد حققنا فوزاً كبيراً بـ5 أهداف، مما جعلني أرفع يدي تعبيراً عن الفوز بهذا العدد من الأهداف، إنها لحظة احتفال حرصت على أن أعيش تفاصيلها، وخاصة أنني تعرضت للكثير من الانتقادات، ولكنني كنت على ثقة من العودة لأفضل حالاتي، أعتقد أن الفوز بخماسية على فريق كبير مثل الريال يستحق أن نحتفل به». جيرارد بيكيه الكتالوني المولد والهوية والبالغ 31 عاماً، لا يمكن أن يصنف وفقاً لرؤية البعض باعتباره أحد أفضل المدافعين في العالم، إلا أنه حقق شهرة لم يحققها غيره من اللاعبين أصحاب القدرات التي تفوقه، ويبدو أن الأمر في العصر الراهن لا يرتبط بالأداء داخل الملعب فحسب، بل إن للشهرة نجومها، وأسبابها التي تتعلق بإثارة الجدل خارج الملعب أيضاً، وعبر وسائل التواصل الاجتماعي، وكذلك على مستوى الحياة الخاصة للنجوم. بيكيه بدأ رحلة الشهرة الحقيقية بسبب مناوشاته مع الريال وجماهيره، وبلغ الأمر حداً يمكن وصفه بالخطر، فقد أطلقت عليه جماهير منتخب إسبانيا صافرات الغضب والاستهجان أكثر من مرة، وطالبت بإبعاده عن المنتخب، باعتباره كتالونياً متعصباً، كان يروج لفكرة الانفصال عن مدريد علناً، كما أن الارتباط بالنجمة العالمية شاكيرا منذ عام 2011 جعله تحت دائرة الضوء أكثر من أي وقت مضى، واستمر بيكيه في مناوشاته عبر حساباته بمواقع التواصل الاجتماعي، ليصبح واحداً من أشهر نجوم الكرة والمجتمع على الساحة العالمية، بفضل سماته الشخصية وليس قدراته الكروية. ووفقاً لما سبق أن صرح به بيكيه، فإنه يطمح لرئاسة البارسا يوماً ما، ويبدو أنه يخطط لهذا الطموح المستقبلي بطريقته الخاصة، فقد بدأ رحلة المال والأعمال بتأسيس مجموعة رياضية وإعلامية أطلق عليها اسم كوزموس، وذلك بالمشاركة مع رجل الأعمال الياباني هيروشي ميكيتاني الذي يملك راكوتين راعي البارسا، وأبرم بيكيه عدة اتفاقيات لإنعاش شركته أهمها مع الاتحاد الدولي للتنس مقابل 3 مليارات دولار لمدة 25 عاماً. وما يتعلق بحياة بيكيه الخاصة وعلى المستوى الاجتماعي يبدو مثيراً مقارنة بما يقدمه داخل الملعب، صحيح أنه مدافع جيد، إلا أنه في حال التزم الصمت، ولم يثر جدلاً بطريقة متعمدة في بعض الأحيان، لم يكن ليحقق كل هذه الشهرة، ويبلغ هذه المكانة، وفيما يتعلق بعائلة بيكيه أيضاً، فإن الأب رجل أعمال، وعلى الأرجح سوف يرث بيكيه جينات النجاح في إدارة الأعمال واقتحام عالم المال من الأب. كما أن الجد تولى منصباً كبيراً في البارسا، وهو نائب رئيس النادي، ومن هذه الزاوية فهو يملك الجينات التي تؤهله للوصول لسدة الحكم في النادي الكبير، ولم يكتف بيكيه بتاريخه العائلي، بل صنع لنفسه تاريخاً داخل الملعب يتمثل في خوضه 460 مباراة دفاعاً عن قميص برشلونة، وحصل على 26 بطولة أهمها سباعية الليجا، وثلاثية دوري الأبطال، وفضلاً عن ذلك فقد صنع لنفسه تاريخاً خارج الملعب بدعم فكرة الانفصال عن مدريد، وتقديم نفسه طوال الوقت في صورة الكتالوني الذي يدافع عن أحلام أبناء الإقليم. الأكثر قراءة
مشاركة :