شدّدت الإمارات معايير مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب بإصدار قانون جديد وفق أعلى المتطلبات العالمية، وقالت إنه يهدف إلى تعزيز حماية النظام المالي المحلي والاستقرار الاقتصادي والمالي في الدول الأخرى، وأشار محللون إلى أن القانون يضع جدران صد محكمة بوجه بحث إيران عن ثغرات لتخفيف قسوة العقوبات الأميركية. أبوظبي - أصدر رئيس دولة الإمارات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان مرسوما بقانون اتحادي يشدّد معايير مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، وفق أعلى الضوابط العالمية لمنع تدفق الأموال غير المشروعة. ومن المقرر أن يدخل القانون حيّز التنفيذ بعد شهر من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية. ويوصي القانون، الذي يتوافق مع متطلبات وتوصيات مجموعة العمل المالي “فاتف” بتأسيس وحدة معلومات مالية مستقلة داخل مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي لاستقبال البلاغات ذات الصلة بالتمويلات غير المشروعة والتحقيق فيها. ويرى محللون أن القانون يمثل نقلة نوعية كبيرة تسد جميع الثغرات وفق المتطلبات الدولية التي وضعتها “فاتف”، وهي منظمة دولية تضع معايير لمكافحة التمويل غير المشروع. وتسارعت في السنوات الأخيرة وتيرة تشديد الإمارات لقوانينها المالية في إطار مساع لسد الثغرات التشريعية ومحو بعض التصورات عن إمكانية تدفق الأموال غير المشروعة عبر مناطق التجارة الحرة في البلاد. وكان مركز دبي المالي العالمي أجرى في وقت سابق من الشهر الحالي تحديثا لقواعده ذات الصلة بمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب. وأشار خبراء إلى أن توقيت صدور القانون قد تكون له علاقة بقرب اختناق الاقتصاد الإيراني بفرض المرحلة الثانية من العقوبات الأميركية، والذي سيدفع طهران إلى البحث عن أي ثغرات للإفلات من وطأة العقوبات القاسية. وقال الشيخ حمدان بن راشد نائب حاكم دبي ووزير المالية، إن “المرسوم يعتبر من أهم الركائز الأساسية في مكافحة جرائم غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، ويسهم في رفع فعالية الإطار القانوني والمؤسسي وتحقيق النتائج المرجوة”. الشيخ حمدان بن راشد: إصدار القانون يعزز مستوى الالتزام الفني بالتوصيات والمعاهدات الدوليةالشيخ حمدان بن راشد: إصدار القانون يعزز مستوى الالتزام الفني بالتوصيات والمعاهدات الدولية وسيتم بموجب القانون الجديد، الذي يحل محل تشريع صدر في عام 2002، تشكيل لجنة برئاسة محافظ المصرف المركزي لتحديد المخاطر وتقييمها وقياس مدى فعالية جهود القضاء على غسيل الأموال وتمويل الإرهاب بين المؤسسات المالية. كما ستراقب السلطات جميع المؤسسات المالية وغيرها من الشركات والمنظمات غير الهادفة للربح وتعزيز آليات الإشراف عليها للتأكد من مستويات التزامها. وذكر الشيخ حمدان أن إصدار القانون يضع الإطار القانوني الذي يدعم ويعزز جهود الإمارات في مكافحة الجرائم المرتبطة بعمليات تمويل الإرهاب والتنظيمات المشبوهة، الأمر الذي يعزز من مستوى الالتزام الفني بالتوصيات والمعاهدات الدولية. وأكد أن القانون الجديد يأتي في إطار استراتيجية لحماية النظام المالي المحلي، عبر تطبيق أفضل الأنظمة وأكثرها كفاءة لمكافحة كل ما يمكن أن يؤثر سلبا على اقتصادات الدول واستقرارها السياسي والمالي على حد سواء. ويوضح القانون اختصاصات اللجنة الوطنية لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، وتتضمن تقييم المخاطر وتوسيع التزامات جهات الترخيص والرقابة، لتشمل وضع منهج قائم على المخاطر وتطبيقه على المنشآت المرخصة من قبلها. ويحدد القانون مرتكب جريمة غسيل الأموال كل من يعلم بأن الأموال متحصلة من جناية أو جنحة وارتكب عمدا تحويل تلك الأموال أو نقلها بقصد إخفاء أو تمويه مصدرها غير المشروع أو ساعد مرتكب الجريمة الأصلية على الإفلات من العقوبة المحتمل تطبيقها. وتضمن القانون في بنوده تكليف وحدة المعلومات المالية، التي سيتم تشكيلها بمطالبة المنشآت المالية والشركات بتقديم أي معلومات أو مستندات إضافية متعلقة بالتقارير والمعلومات التي تتمتع الوحدة بصلاحية الحصول أو الوصول إليها بصورة مباشرة أو غير مباشرة. ويفرض القانون على المنشآت المالية والأعمال والمهن غير المالية التطبيق الفوري لما يصدر من السلطات الإماراتية المعنية بشأن تنفيذ القرارات الصادرة عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وغيرها من القرارات ذات الصلة. كما يطالب بالاحتفاظ بجميع السجلات والمستندات والوثائق والبيانات لجميع المعاملات سواء أكانت محلية أم دولية لتكون متاحة للسلطات المختصة عند الطلب بصورة عاجلة، وفقا لما تحدده اللائحة التنفيذية للقانون الجديد. ووجه المرسوم مجلس الوزراء بإصدار اللائحة التنفيذية للقانون بناء على اقتراحات وزير المالية. كما يشمل إلغاء كل حكم يخالف أو يتعارض مع أحكام القانون وبضمنها إلغاء القانون الاتحادي رقم 4 لسنة 2002 بشأن مواجهة جرائم غسيل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب. ويسدّ القانون الثغرات غير المباشرة التي يمكن أن تلجأ إليها دول مثل إيران عبر دول أخرى مثل العراق أو تركيا لغسيل الأموال والتهرب من العقوبات الأميركية التي ستكمل خنق الاقتصاد الإيراني. وكانت وزارة الخزانة الأميركية قد فرضت قبل حوالي أسبوعين عقوبات على شركة عراقية تستخدم اسم “آفاق دبي للخدمات المالية” بسبب قيامها بعمليات نقل أموال إلى تنظيمات إرهابية بينها تنظيم داعش المتطرف. وتتولى الجهات الرقابية الاتحادية مهام الإشراف والمتابعة لضمان الالتزام بالأحكام المنصوص عليها في القانون الجديد وتقييم مخاطر احتمال وقوع الجريمة وتنفيذ عمليات التفتيش المكتبي والميداني وإصدار القرارات المتعلقة بالإجراءات الجزائية وآلية التظلم منها.
مشاركة :