أكد رئيس مجلس أمناء مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة «دراسات» الدكتور الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة أن رؤية البحرين للتعاون مع جمهورية روسيا الاتحادية، تتخطي علاقات موقف، ومنافع وقتية، إلى شراكة استراتيجية متينة ومتنامية. وأشار الدكتور الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة، خلال محاضرة، ألقاها في معهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية العريق، إلى أن نقطة الارتكاز في العلاقات بين البلدين، تتمثل في صلات قديمة وجذور راسخة، بدأت مع القرن العاشر الميلادي، فيما شكلت ما يمكن أن نطلق عليه «الدبلوماسية البحرية» عبر توافد المبعوثين في القرن التاسع عشر، قناة اتصال حيوية بين الامبراطورية الروسية ومنطقة الخليج العربي، وتفصح احدى وثائق الأرشيف الروسي بوضوح، عن رغبة حاكم البحرين في إقامة علاقات وثيقة مع هذه الامبراطورية الصديقة. وقال الدكتور الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة: إن بلادي تؤمن بأهمية الانفتاح في علاقاتها الخارجية، مستندة إلى مبادئها الثابتة والنبيلة، في تدعيم أواصر التعاون، والاحترام المتبادل، وعدم التدخل في شؤون الآخرين، وحققت رصيدا وسمعة طيبة، كدولة ذات مصداقية وتأثير على خارطة الأحداث، والأمن العالمي، والمصالح الدولية. وبين رئيس مجلس الأمناء، أن البحرين، تنظر إلى روسيا، باعتبارها قطبا محوريا في النظام العالمي، وقوة كبرى قادرة على تحقيق السلم والأمن الدوليين، وشريكا استراتيجيا مهما، وأضاف: إن زيارة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، لروسيا عام 2008، والتي ألقى جلالته خلالها كلمة، كانت بمثابة خطة عمل، لتطوير مسار العلاقات المشتركة، وأسهمت في خلق أجواء إيجابية بين البلدين، كما أظهرت أن البحرين شريك يعتد به وموثوق. ثم تلت تلك الزيارة المهمة، ثلاث زيارات سامية متعاقبة لجلالته إلى روسيا، أعوام 2014 و2015، و2016، إلى جانب زيارة قام بها صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء في أبريل عام 2014 وهذه الزيارات، وضعت لبنات قوية في جدار العلاقات بين البلدين، وفي عام 2015 جرى التوقيع على اتفاقية التعاون العسكري الفني بين البلدين، كدلالة على جدية مسار ونوعية التعاون. وأفاد المحاضر بأن هناك عوامل عديدة، ساهمت في تقوية علاقات البلدين، يأتي في مقدمتها: تقارب المواقف البحرينية الروسية، تجاه أغلب القضايا الإقليمية والدولية، وتحديدا الجهود المبذولة لمكافحة الإرهاب، ودعم بقاء الدولة الوطنية في الشرق الأوسط، وحماية مؤسساتها، والتوازن بين الديمقراطية وحقوق الإنسان واستتباب الأمن، فلا ديمقراطية وحقوق الإنسان وتنمية دون أمن واستقرار. واستعرض الدكتور الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة أربعة مجالات، يمكن أن تمثل مساحة مشتركة، ورؤى بناءة، لتعزيز العلاقات الثنائية، وهي: أولا: انخراط البلدين في مكافحة خطر الإرهاب، الذي يعد من أهم التحديات الأمنية التي تواجه دول العالم، حيث تمتلك البحرين على غرار روسيا، منظومة ناجحة ومتكاملة في مكافحة التطرف والإرهاب، قائلا: لعلكم تتفقون معي في أن القضاء على الإرهاب كخطر متفاقم لا وطن له، يتطلب شراكات دولية، وأطر أمنية فاعلة، في سياق مبدأ المسؤولية المشتركة، وأن نواجه معا بحزم خطاب الكراهية والعنصرية والتعصب. وحذر رئيس مجلس الأمناء، من تزايد التدخلات الإيرانية غير المشروعة، عن طريق حروب بالوكالة، وصناعة مليشيات مسلحة، وشبكات وجماعات إرهابية، تزودها بالتدريب والأسلحة والتمويل، استنادا إلى مبدأ تصدير الثورة، موضحا أنه بمجرد أن تحقق إيران عددا من أهدافها التوسعية بالمنطقة، سرعان ما ستتحول بشكل أكبر نحو منطقة القوقاز وآسيا الوسطى، في تهديد مباشر للمجال الحيوي لروسيا. ثانيا: تعتبر مملكة البحرين أحد موانئ العالم القديم، وبوابة رئيسية إلى دول الخليج العربية، ونافذة على سوق استهلاكي ضخم، كما أن البحرين بيئة أعمال جاذبة للتدفقات والفرص الاستثمارية العالمية، بما تملكه من موقع استراتيجي، وبنية أساسية حديثة، وإغراءات تنظيمية وحوافز تشجيعية. وتقدم البحرين نفسها كموقع لوجستى إقليمى للشركات الروسية لتوزيع منتجاتها وخدماتها إلى منطقة الخليج. وأوضح أنه تم تدشين رؤية البحرين الاقتصادية 2030، بهدف الانتقال من اقتصاد قائم على الثروة النفطية إلى اقتصاد ذكي ومنتج ومتنوع، وتقديم خدمات نوعية ذات جودة عالية. وبالتوازي مع ذلك، تأتي البحرين ضمن فئة البلدان ذات التنمية البشرية المرتفعة للغاية، وتصدرت النسخة الأولى من مؤشر البنك الدولي لرأس المال البشري في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والذي يركز على قطاعي الصحة والتعليم، كما قطعت شوطا طويلا في تنفيذ أهداف التنمية المستدامة 2030. ثالثا: تهدف مملكة البحرين إلى أن تصبح مركزا إقليميا للطاقة التي تحتاج للغاز الطبيعي بكميات كبيرة، في الوقت الذي لا يمكن للعديد من دول منطقة الشرق الأوسط، الاعتماد على الغاز القطري أو الإيراني، بسبب إرهاب الدولة الذي ترعاه إيران والعقوبات المفروضة عليها، وكذلك ممارسات نظام قطر في نشر الفوضى، وتمويل الإرهاب، والتحريض الإعلامي. وتسعى مملكة البحرين إلى إقامة تعاون اقتصادي ممتد مع شركة «غاز بروم» لتصدير الغاز إلى البحرين، وسوف تتيح الاكتشافات النفطية وموارد الغاز التي أعلنتها البحرين مؤخرا، فرصا واعدة وكبيرة للبلدين، لتدشين حزمة من المشاريع الاستثمارية الضخمة في قطاعات النفط والغاز والبنية التحتية والمواصلات وتقنية المعلومات، مع إمكانية الاستفادة من التقنية الروسية المتقدمة. رابعا: إن مملكة البحرين، دون مبالغة، هي نموذج للتسامح والانفتاح والتعايش، بين جميع الأديان والمذاهب والأعراق. واستشهد المحاضر بتصريح جلالة الملك المفدى، بأن العالم سيكون أكثر أمنا وازدهارا إذا تعلم كيف يستوعب التمايزات بين الأفراد كعنصر دعم وقوة وتكامل بين الناس، حيث يعيش المؤمنون بمختلف الديانات جنبا إلى جنب، ويمكنهم جميعا ممارسة العبادة بحرية تامة. وقد كفلت البحرين حقوق وحريات جميع الأديان وتحميها بالقانون. وبين رئيس مجلس الأمناء، أن تأسيس «مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي» جاء تعبيرا عن رؤية تؤمن بالتسامح والسلام، كما تم اطلاق «إعلان مملكة البحرين» لتأكيد التعايش بين الأديان والثقافات. وفى روسيا، يسمح مناخ الحرية الدينية، بأن يلعب المسلمون الروس، دورا فعالا فى مد الجسور وتوطيد العلاقات الثقافية والإنسانية، بين روسيا والعالمين الإسلامى والعربى.
مشاركة :